تنعقد في مدينة نيويورك الأمريكية جولة جديدة من محادثات “أستانة” حول سورية، غداً الجمعة، بحضور ممثلين عن “الدول الضامنة” (روسيا وتركيا وإيران).
ونقلت وكالة “تاس” الروسية، أمس الأربعاء، عن مصدر دبلوماسي قوله إن الجولة الـ 21 من مسار “أستانة” سوف تنعقد في نيويورك على هامش اجتماعات “الجمعية العامة” التابعة للأمم المتحدة.
ولفت المصدر إلى أن إيران هي الجهة المنظمة لهذه الجولة.
وكذلك، أعلن المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، أن الجولة الجديدة من “أستانة” ستنعقد في نيويورك الجمعة المقبل.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، صرح قبل أيام أن الاستعدادات جارية لعقد الجولة 21 من “أستانة”، دون تحديد مكان الانعقاد.
وجرت العادة أن تنعقد جولات “أستانة”، وعددها 20، في العاصمة الكازاخية (أستانة)، باستثاء الجولتين الـ 10 والـ 15، اللتين انعقدتا في مدينة سوتشي الروسية.
ومن المتوقع أن يشارك وفدا النظام والمعارضة بالجولة 21 من محادثات “أستانة”، على هامش المشاركة باجتماع الجمعية العامة.
كازاخستان ترفع يدها
وشهدت الجولة 20 من “أستانة”، التي انعقدت في يونيو/ حزيران الماضي، جدلاً بعد إعلان كازاخستان أن هذه الجولة ستكون الأخيرة في عاصمتها، ما أثار استغراب الدول المعنية.
واعتبر مسؤولون روس هذا القرار “مفاجأة”، في وقت أكدوا فيه على أن الجولة المقبلة ستكون في النصف الثاني من العام الجاري، مع بحث “مكان الانعقاد الجديد”.
وكان نائب وزير الخارجية الكازاخي، كانات توميش، قد أعلن في أعقاب البيان الختامي إنهاء مسار أستانة بناء على اقتراح من الخارجية الكازاخية.
وقال توميش إن “خروج سورية من الأزمة يمكن أن نعتبره أحد منجزات هذا المسار، ولذلك وعلى خلفية التطورات الإيجابية في سورية مؤخراً، ندعو لأن يكون هذا الاجتماع هو الأخير في مسار أستانة”.
لكن وبعد يوم واحد من هذه العبارات أعلنت وزارة الخارجية الكازاخية استعدادها لإعادة النظر في استئناف مسار “أستانة”، كبادرة “حسن نية”.
واستبعدت إيران أن يؤثر “تغيير المكان” على محادثات “أستانة” الخاصة بسورية، وقالت إن كازاخستان مايزال لديها إمكانية للعب دور.
ةقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في يونيو الماضي، إن “آلية العمل التي تم تشكيلها في إطار أستانة لا تؤجل بناء على مكان القمة”.
وأضاف أن “الدول الأعضاء في العملية ستقرر مكان الاجتماع المقبل، ولا يزال هناك إمكانية أن تلعب حكومة كازاخستان دوراً”.
ومسار “أستانة” هو الأطول من ناحية المسارات السياسية المتعلقة بالملف السوري.
وكانت أولى جولاته قد انطلقت في مطلع عام 2017، عقب خضوع مناطق شرق حلب للنظام، وبلغت 20 جولة حتى اليوم.
وتتمسك إيران وروسيا بهذا المسار الذي ترعاه الدولتان إلى جانب تركيا، تحت ما يُعرف بـ “الدول الضامنة” أو “ثلاثي أستانة”.
على أراضي “المراقب”
بعد انهيار مسار “جنيف” حول سورية والذي استمر بين عامي 2012 و2017، برعاية الولايات المتحدة والأمم المتحدة، اتسمت المشاركة الأمريكية في مسار “أستانة” الذي ترعاه روسيا، بالتخبط والجدلية.
ومنذ انطلاق أستانة مطلع عام 2017، ساد غموض بشأن مشاركة واشنطن في هذا المسار، حين أعلنت الخارجية الأمريكية أنها لم تتلقَ دعوة للمشاركة بالجولة الأولى.
وقال مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية حينها، “لم نتلق دعوة رسمية للمشاركة في الاجتماع”، مضيفاً “ليس لدى الحكومة الحالية أي اعتراض”.
واعتبر تونر “أن الموعد ليس مثالياً”، كونه تزامن مع وصول الرئيس السابق دونالد ترامب للسلطة.
ثم أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده دعت واشنطن بالفعل للمشاركة، رغم الاعتراض الإيراني.
ولم تكون الولايات المتحدة، التي ستقام الجولة المقبلة على أراضيها، لاعباً محورياً ضمن هذا المسار.
واندرجت مشاركتها تحت مسمى “المراقب” فقط، مع تغيبها عن بعض الجولات.
وفي بعض الأحيان ترسل واشنطن وفوداً إلى “أستانة”، لكن في أغلب الأحيان ترسل مندوب السفارة الأمريكية في كازاخستان لحضور الجولات.
وشهدت جولات عدة من “أستانة” تغيباً أمريكياً، خاصة بعد الجولة التاسعة، إلا أن هذا التغيب لوحظ بعد غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، وما شهده من توتر في العلاقات بين موسكو وواشنطن.