بعد زيارة إلى العاصمة دمشق استمرت 12 يوماً أصدرت الخبيرة الأممية المستقلة، ألينا دوهان تقريراً توصلت فيه إلى أن “العقوبات أحادية الجانب على سورية تركت أثراً كارثياً”.
وقالت: “لقد صُدمت عندما شاهدت الأثر الهائل الواسع النطاق للتدابير القسرية الأحادية الجانب المفروضة على سورية على حقوق الإنسان والوضع الإنساني، إضافة إلى مدى العزلة الاقتصادية والمالية الكاملة لبلد يكافح شعبه لإعادة بناء حياة كريمة بعد حرب امتدت لعقد من الزمن”.
ورغم أن دوهان تشغل منصباً “شرفياً لا تنفيذياً”، إلا أن لغة التقرير الذي أصدرته أثارت غضب سوريين ومنظمات حقوق إنسان، من بينها “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، إذ قالت في بيان إن لديها “شكوك حول مصداقية هذه الشخصية”.
وتحدث بيان الشبكة عن “شكوك عن طبيعة هذه الزيارة وأهدافها، وذلك استناداً إلى تقييم لبيان صحفي سبق للمقررة دوهان أن أصدرته قبل ثلاثة أيام فقط من انقضاء عام 2020”.
وكان البيان قد استهدف العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام السوري، باعتبارها إجراءات قسرية انفرادية، فيما أشارت الشبكة الحقوقية إلى أن “دوهان” لم تشر إلى الأسباب التي دفعت بعض الدول إلى فرض العقوبات، كما أنها لم تتطرق إلى الاستثناءات الواضحة الخاصة بالعقوبات، للمواد الإغاثية والطبية.
من هي “دوهان”؟
وتشغل “ألينا” منصب المقررة الخاصة المعنية بالتأثير السلبي للتدابير القسرية الانفرادية على التمتع بحقوق الإنسان، وكانت قد تولت مهامها في 25 مارس من العام 2020.
تعود أصولها إلى بيلاروسيا، وهي أستاذة في القانون الدولي، ومديرة مركز أبحاث السلام في جامعة بيلاروسيا الحكومية (بيلاروسيا) وعضو مشارك في معهد القانون الدولي للسلام والنزاع المسلح في جامعة الرور في بوخوم.
عملت أستاذاً زميلاً في الجامعة التقنية الوطنية البيلاروسية (2001-2003)، ومحاضراً وأستاذاً مشاركاً وأستاذاً في جامعة الدولة البيلاروسية منذ عام 2004 ونائب رئيس الجامعة الدولية MITSO في بيلاروسيا (2016-2019).
كما عملت في مكتب الأمم المتحدة في مينسك (2001-2005) وفي المحكمة الاقتصادية لكومنولث الدول المستقلة (2006-2008) في بيلاروسيا.
ووفق موقع السيرة التعريفية بها “لديها أكثر من 40 مطبوعة (بما في ذلك أربعة كتب) تتعلق بحقوق الإنسان، من قبيل قضايا العقوبات المستهدفة والشاملة، والتدابير القسرية الأحادية، وحرية الرأي، والخصوصية، ومكافحة الإرهاب، والحق في التنمية، والحق في التعليم، وعقوبات الأمم المتحدة الهيكلية التي تم إنشاؤها في إطار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
“تدعم الأنظمة القمعية”
وتحدثت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أنها قامت ببعض التحريات عن “دوهان”، وظهرت لها “غير مشرفة لأي خبير أو باحث”.
وفي شهر تشرين الثاني 2020 أي قبل شهر واحد من صدور بيانها السابق الذي انتقد العقوبات المفروضة على النظام السوري، استضافت “قناة روسيا اليوم” دوهات، وتحدثت عن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية وأثرها السلبي على المقدرة على شراء السلع الإنسانية والأدوية والحبوب.
وفي 14 من كانون الثاني 2021 أي بعد قرابة أسبوعين من صدور البيان، استضافها “موقع جراي زون”. وهذا الموقع مشهور بتبعيته للبربوغندا الروسية.
وذات الموقع أيضاً كان قد استخدم من قبل النظام الروسي لمهاجمة “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” عبر كتابة مقالة “مليئة بالأكاذيب والافتراءات دون أدنى درجة من المصداقية أو المنهجية، ومهاجمة الدفاع المدني”، وفق تقرير الجهة الحقوقية.
وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية عقوبات منذ عام 2011، بعد أن شنت قوات نظام الأسد حملة قمع على الاحتجاجات ضد حكمه التي بدأت كجزء من انتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة.
واستهدفت العقوبات صناعة النفط وتحويلات الأموال وعدداً من المؤسسات والمسؤولين من بينهم الأسد، وعلى مر السنين، تم توسيعها لاستهداف المسؤولين الذين تم إلقاء اللوم عليهم في القمع واستخدام الأسلحة الكيماوية.
“رشاوى من الصين”
في مايو / أيار 2020 كان اسم “دوهان” قد تررد في تقرير لمنظمة رقابية، جاء فيه أن الخبيرة الأممية المستقلة “تلقت دفعة كبيرة من بكين”، فيما زعم أنها ساعدت الصين على “تبييض” معاملتها لأقلية الإيغور.
وقالت مجموعة حقوق الإنسان التي تتخذ من جنيف مقراً لها، “UN Watch” إن “دوهان تلقت مساهمة قدرها 200 ألف دولار أمريكي من بكين في عام 2021، في إشارة إلى ملف من الأمم المتحدة”.
وطالبت الجماعة في بيان لها بـ “إعادة 200 ألف دولار تلقتها من الدولة الصينية بينما تساعد النظام في تبييض عمليات التطهير العرقي ضد الإيغور”.
ولطالما كان تفويضها مثيراً للجدل، حيث يتهم نشطاء حقوقيون الخبيرة باللعب في دعاية الأنظمة الاستبدادية، من خلال إلقاء اللوم في مشاكل بلدانهم على العقوبات الغربية.
وكانت “دوهان” قد زارت دولاً مثل فنزويلا وزيمبابوي، واختتمت رحلة إلى إيران قبل أشهر، نددت بعدها بـ “الأثر الإنساني المدمر للعقوبات”، وأصرت على أنها غير قانونية ويجب رفعها.
بدورها أشارت “UN Watch” إلى أن “دوهان” كانت قد ترأست حدثاً دعائياً على الإنترنت برعاية بكين في سبتمبر الماضي تحت شعار “شينجيانغ أرض رائعة”، في إشارة إلى المنطقة الشمالية الغربية، التي تضم الأويغور.
وصفت حكومة الولايات المتحدة والمشرعون في عدد من الدول الغربية الأخرى معاملة الصين لأقلية الأويغور في شينجيانغ بأنها “إبادة جماعية” – وهو اتهام تنفيه بكين بشدة.
وتقول جماعات حقوقية إن ما لا يقل عن مليون شخص من الأقليات المسلمة قد سُجنوا في “معسكرات إعادة تثقيف” في المنطقة، ويواجهون انتهاكات حقوقية واسعة النطاق، بما في ذلك التعقيم القسري والعمل القسري.
وأضافت “UN Watch” أيضاً أن “دوهان” شاركت في حدثين أخريين تدعمهما الصين العام الماضي استهدفا العقوبات الغربية، والتي شاركت في رعايتها كل من بيلاروسيا وإيران وفنزويلا وروسيا، من بين دول أخرى.
وتم الكشف علناً عن المساهمة الصينية لـ”دوهان” في ملف قدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس/آذار يوضح بالتفصيل أنشطة جميع الخبراء المستقلين ومجموعات العمل المعينة من قبل مجلس حقوق الإنسان.
وشدد متحدث باسم مكتب حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة لوكالة “فرانس برس“، مؤخراً على أن الخبراء لا يتلقون أجراً مالياً و”يتعهدون بالحفاظ على الاستقلال والكفاءة والكفاءة والنزاهة من خلال النزاهة والحياد والنزاهة وحسن النية”.
وقال إن تفويضات الخبراء تمول من الميزانية العادية للأمم المتحدة، لكن “الموارد لا تكفي أبداً لحجم العمل الموكول إليهم” ، موضحاً الحاجة إلى مساهمات طوعية مخصصة لولايات محددة.