إدلب.. منظمات إنسانية تدق ناقوس الخطر وتلفت انتباه العالم بـ”سلسلة بشرية”
نظّمت جمعيات ومنظمات إنسانية اليوم الجمعة، فعالية شكّلت من خلالها “سلسة بشرية” لمئات العاملين فيها على الطريق الواصل إلى معبر “باب الهوى” الحدودي في محافظة إدلب شمال غرب سورية.
وجاءت الفعالية ضمن حملة المناصرة الداعمة لإدخال المساعدات الإنسانية الأممية عبر المعبر الحدودي، والذي تصر موسكو على إغلاقه، لصالح تمرير المساعدات الإنسانية عبر المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد.
وامتدت “السلسلة البشرية” التي شارك فيها ما يزيد عن 3 آلاف عامل إنساني على مسافة 3 كيلومترات، وحمل خلالها المشاركون لافتات تطالب بضرورة إدخال المساعدات عبر الحدود، وتندد بالموقف الروسي المعرقل لعملية عبورها إلى محافظة إدلب، حيث يحتاجها الملايين من النازحين والسكان المحليين.
“تدق ناقوس الخطر”
مصطفى السيد مدير مكتب منظمة “البوصلة للتنمية والإبداع” التابعة للمنتدى السوري في شمال غرب سورية وأحد المنظمين لفعالية “السلسلة البشرية” يقول إن ما يقارب 50 منظمة سورية محليّة دقت “ناقوس خطر إيقاف إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى”، ودعت إلى السلسلة التضامنية منذ حوالي الأسبوع.
ويضيف السيد في تصريحات لموقع “السورية.نت” أن “باب الهوى” شريان مغذي لـ 4.5 مليون سوري في الشمال السوري، بينهم 2.4 مليون مستفيد، كما يعتمد على الحملات الإغاثية الأممية بصورة مباشرة.
وبحسب السيد فإن إغلاق المعبر “يشكل خطراً حقيقياً على المستوى المعيشي والخدمي والبنية التحتية والأمن الغذائي في الداخل السوري”، مضيفاً:”كان من الواجب على المنظمات إرسال رسالة مفادها بأن إغلاق المعبر يحدث كارثة إنسانية كبيرة، وخاصةً وسط تفشي فيروس كورونا المستجد، فضلاً عن تأثر قطاع التعليم”.
وعن الخطط البديلة، لفت ذات المتحدث إلى أن “إمكانيات المؤسسات المحلية والدولية ضئيلة جداً بالمقارنة مع المساعدات الأممية، ومن الصعب سد هذه الفجوة”.
من جانبه وفي تعليقه على تأثير إغلاق “باب الهوى” طبياً يوضح الطبيب عبد الحميد العريف، وهو منسق مخازن اللقاح والتبريد في منظمة “أطباء عبر القارات” العاملة في إدلب أن مشاريع اللقاح من أهم المشاريع الطبية في “المناطق المحررة”، وستتأثر بشكل مباشر بقرار إغلاق “باب الهوى” أمام المساعدات الإنسانية.
ويشير الطبيب السوري في حديث لموقع “السورية.نت” إلى أن الأمم المتحدة وعبر منظمة “اليونيسيف” تزوّد مشاريع اللقاح في المنطقة، إضافةً إلى حالات سوء التغذية.
وبالتالي ستتوقف آلية دخول المواد المذكورة عبر معبر باب الهوى في حال نجحت روسيا في إيقاف تدفق المساعدات، ما يحرم ملايين الأطفال من اللقاح ويعرقل معالجة الآلاف منهم من حالات سوء التغذية، بحسب العريف.
من جانبها اعتبرت المتطوعة كفاء الديبو إحدى المشاركات في “السلسلة البشرية” أن قرار تعليق المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” سيكون بمثابة “إبادة جماعية” في ظل الفقر الشديد الذي يعاني منه سكان المنطقة، وتراجع المستوى المعيشي بشكل عام.
وتضيف في حديثها لـ”السورية.نت”: “المشاركة اليوم للوقوف بوجه هذا القرار الروسي”.
“المساعدات حق”
وتصر موسكو منذ بداية العام الحالي على إنهاء تفويض الأمم المتحدة لإرسال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية إلى سورية.
كذلك تعتبر موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر العاصمة دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.
محمد عقيل قناص مدير مكتب سرمدا في منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” أحد برامج “المنتدى السوري” يرى أن المساعدات الإنسانية “هي حقّ طبيعي لسكان المنطقة وليست مكرمة دوليّة، في ظل غياب مصادر الدخل والموارد المعيشية. المنطقة بحاجة ماسة لهذا النوع من المساعدات”.
ويقول قنّاص إن المنظمات ومنها التابعة لـ”المنتدى السوري” مستمرة في عملها سواء أغلق المعبر أم بقي مفتوحاً أمام المساعدات الإنسانية.
ويؤكد المسؤول الإغاثي على “واجب المنظمات الإنسانية والعاملين في هذا الشأن لفت انتباه العالم إلى المحنة التي يمر بها السكان والمنطقة”.
وإلى جانب منظمتي “إحسان” و”البوصلة” الممثلتين عن “المنتدى السوري”، شارك في السلسلة كل من “الدفاع المدني السوري” و”منظمة بنفسج”، و”هيئة ساعد الخيرية”.
بالإضافة إلى “الرابطة الطبية للمغتربين السوريين” (سيما) ومنظمة “سيريا ريليف”، و”هيئة الإغاثة الإنسانية”، و”تكافل الشام وعطاء”، وغيرها من المنظمات المحلية السورية.
“حراك شعبي ـ مؤسساتي”
وفي الوقت الذي تزداد فيه المخاوف من “فيتو” روسي يجهض آلية التفويض بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” تزداد وتيرة حراك المؤسسات الإنسانية في الضغط على المجتمع الدولي والرأي العام، من أجل إيقاف قرار من الممكن أن يودي بالمنطقة إلى كارثة إنسانية إضافية.
وفي السياق المذكور اجتمع مدير “الدفاع المدني السوري”، رائد الصالح مع المبعوث البريطاني إلى سورية، جوناثان هارغريفز، في 30 من يونيو/حزيران الماضي على الحدود السورية التركية.
وكان تمديد تفويض آلية دخول المساعدات الإنسانية إلى سورية على قائمة ما ناقشه الطرفان، ضمن الحملة التي تنشط بها المؤسسات السورية الإنسانية، لدعم تمديد آلية التفويض وإدخال المساعدات.
ويقول الصالح في حديث لموقع “السورية.نت” إن اللقاء كان “في سياق مساعي “الخوذ البيضاء الدائمة في إيصال صوت السوريين للعالم وضرورة شرح أوضاعهم”.
ويضيف أن “مسألة تمديد التفويض كانت حاضرة بقوة لأنها قضية الساعة”، مؤكداً خلال لقائه مع المبعوث البريطاني أنّه لا بديل عن إدخال تلك المساعدات عبر المعبر، وأن عدم تمديد تفويض دخول المساعدات هو تشريع لجريمة الحصار والتجويع.
ويشير الصالح إلى أنّ المبعوث البريطاني أكد تمسك موقف بلاده بقرار مجلس الأمن 2254 والانتقال السياسي في سورية.
وكانت 75 منظمة سورية عقدت في 23 يونيو/حزيران مؤتمراً صحفياً في مخيم للنازحين شمالي إدلب.
وحذرت خلال المؤتمر من كارثة إنسانية قد تلحق بسكان المنطقة، في حال لم يُجدد مجلس الأمن قرار إدخال المساعدات.
هل تنفع حملات المناصرة؟
في غضون ذلك يرى محمد حلاج مدير فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري أن حملات المناصرة ومنها “السلسلة البشرية” تعتبر ضرورية ومهمة، “لأنها تسلط الضوء إعلامياً على مأساة سكان المنطقة، وتحدد مواطن المشاكل التي يعاني منها المهجرون والسكان الأصليين”.
ويقتصر دور حملات المناصرة والتحرك المدني والمؤسساتي على لفت انتباه العالم إعلامياً.
لكن من الناحية العملية فإنّ تمديد إدخال المساعدات هو شأن دول وحكومات، وانعكاس سياساتها على القضية السورية، بحسب حلاج الذي يضيف: “كما هو اليوم فإن مصير الملايين إنسانياً بيد فيتو روسي في مجلس الأمن ضدّ قرار التمديد”.
وأكد حلاج في سياق حديثه على أهمية اتباع خطة بديلة لإنقاذ السوريين في المنطقة.
ويتابع: “كان من الواجب أن يكون هناك تخزين للمساعدات الإنسانية خلال السنوات الماضية، لتأسيس ما يشبه احتياطي في المنطقة”.
أرقام وإحصاءات
ولعل اللغة الأقوى لشرح الواقع الإنساني في حال عدم تمديد إدخال المساعدات إلى الشمال السوري هي لغة الأرقام.
وحسب إحصائية حصل عليها موقع “السورية.نت” من معبر “باب الهوى” الحدودي فقد أدخلت الأمم المتحدة في عام 2019 قرابة 6927 شاحنة محملة بـ147 ألف طن من المواد الإغاثية التي يحتاجها ملايين السكان في كل من إدلب وريف حلب.
في عام 2020 بلغ عدد الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية 10412 شاحنة، تحوي ما يعادل 228 طنا.
أما في الربع الأول من العام الجاري (حتى الأول من حزيران- يونيو) فقد بلغ عدد الشاحنات التي أدخلتها الأمم المتحدة 5000 شاحنة، محملة بـ113 ألف طن من المواد الإغاثية.