منذ انطلاق تجربته الأولى في يوليو/تموز 2020، يسعى “اتحاد طلبة سوريا” كما يذكر في أهدافه، ليكون “نواة أكبر نقابة طلابية سورية منتخبة”، تمثل آلاف الطلاب السوريين في دول عدة، أبرزها سورية وتركيا وألمانيا ودول أوروبية أُخرى.
وشهدت الأشهر الماضية تحركات باتجاهات جديدة لـ”اتحاد طلبة سوريا”، تضمنت عقد لقاءات دولية وتنظيم فعاليات انتخابية، في إطار “تعزيز فرص الطلاب السوريين بإيصال صوتهم للمجتمع الدولي”، حسبما يقول القائمون على الاتحاد.
ويتحدث الأمين العام لـ”اتحاد طلبة سوريا” محمد السكري، عن تطورات جديدة يشهدها هذا الحراك الطلابي منذ عام، على صعيد مستوى العلاقات والتنظيم والحوكمة.
البداية من الأهداف
منذ انعقاد المؤتمر التأسيسي الأول عام 2020، حدد “اتحاد طلبة سوريا” أهدافاً عريضة، تضمنت: “تنسيب التجمعات الطلابية السورية المنتخبة في الجامعات حول العالم”.
إضافة إلى “توحيد جهود الطلاب للحفاظ على مصالحهم المادية والمعنوية داخلياً وخارجياً، وتفعيل الدور الطلابي وتنشيطه في مختلف الأصعدة للتأثير بشكل أكبر في الأحداث الاجتماعية والعلمية والوطنية”.
وكذلك “العمل من أجل بناء علاقات متينة مع المنظمات الطلابية ومجمل الاتحادات الشبابية العالمية وعقد شراكات معها”.
وكان من ضمن أهداف الاتحاد لعام 2023، عقد لقاء مع أحد الاتحادات الطلابية الدولية، وهو ما تحقق عبر عقد اجتماع هو الأول من نوعه مع “اتحاد طلبة أوكرانيا”.
الاجتماع الذي انعقد في 1 سبتمبر/ أيلول الجاري، سلط الضوء على الصعوبات والتحديات التي يواجهها الطلاب السوريون والأوكرانيون، في ظل ظروف الحرب والقمع والتهجير المحيطة بهم.
واعتبر السكري أن اللقاء “بمثابة فرصة مهمة للعمل النقابي السوري خاصة الطلابي، لاكتساب شرعية دولية، في ظل المساحات الأوسع نسبياً التي تتمتع بها نقابات ومؤسسات نظام الأسد التعليمية”.
وأضاف: “نرى أن الشراكة مع اتحاد طلبة أوكرانيا نجاح كبير لنا خلال دورتنا الحالية، على اعتبار أنها كانت على جدول أهداف ترشحنا خلال العام”.
وتحدث السكري أيضاً عن مشاركة “اتحاد طلبة سوريا” بندوة طلابية عربية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ضمت الاتحادات العامة لطلبة المغرب وموريتانيا وتونس والكويت.
وكان عدد الطلاب المستفيدين من خدمات “اتحاد طلبة سوريا” يبلغ بداية تأسيسه نحو 20 ألف طالب، لكن اليوم يبلغ عدد الطلاب المنتسبين رسمياً 4217، لأن الانتساب للاتحاد كان يعتمد على “نظام الاستفادة” الذي يعني أن أي طالب كان يستفيد من قبل الاتحاد مثل الحصول على منحة أو تدريبات أو نشاطات يعتبر منتسباً.
لكن بسبب عدم تحقيق تمثيل “متكافئ” للطلاب، قرر الاتحاد اعتماد “نظام التثقيل” عبر انتساب الطلاب للاتحادات الفرعية بشكل رسمي، مع استمرار تقديم الخدمات للطلاب غير المنتسبين رسمياً.
ويقول القائمون على الاتحاد إنهم قدموا خدمات لقرابة 34 ألف طالب خلال عام 2023.
قفزة انتخابية
وفي آخر فعالياته، نظّم الاتحاد انتخابات لمنصب الأمين العام، انعقدت في 17 ديسمبر/ كانون الأول بمدينة اسطنبول التركية، بمشاركة 30 اتحاداً فرعياً وممثلين من سورية وتركيا وألمانيا، يمثلون 50 جامعة حول العالم.
وتنافس على منصب الأمين العام المرشحان ياسر عليان ومحمد السكري، وانتهت العملية بفوز الأخير بنسبة 57% بعد جولة انتخابية ثانية.
وتم تنظيم الانتخابات خلال المؤتمر الثالث لاتحاد الطلبة، والذي جرى تنظيمه بشكل فيزيائي للمرة الأولى.
من جانبه، تحدث عضو الهيئة الانتخابية في الاتحاد، وليد عجم، لـ”السورية.نت” عن تحديات واجهتها العملية الانتخابية، أبرزها “صعوبات تنظيمية” على كافة المستويات.
وقال عجم إنه بعد إعلان نتائج الانتخابات، تقدم عدد من أعضاء الهيئة العامة وعدد من المرشحين بعدة طعون، نتيجة وجود “أخطاء تقنية” حصلت أثناء إجراء الانتخابات.
وبعد دراستها من قبل الهيئتين الرقابية والانتخابية، قررت الأخيرة إعادة إجراء الانتخابات كاملةً لتلافي الأخطاء التي وقعت في المرة الأولى.
وينص النظام الداخلي للاتحاد على أن أعضاء الهيئة العامة، والبالغ عددهم 73 عضواً وهم ممثلو الاتحادات الفرعية المنتشرة في ثلاث دول، هم من يشاركون في انتخاب الأمين العام.
وشارك فيزيائياً ما يقارب 50 عضواً من أعضاء الهيئة العامة وهيئات الاتحاد المختلفة، في المؤتمر، بينما صوّت الأعضاء الآخرون في الخارج عن طريق البريد الإلكتروني.
ونتيجة أخطاء تقنية، لم يصوت بعض الأعضاء، ما دفع بالهيئة الانتخابية إلى إعادة الانتخابات في جولة ثانية، والتي أدت إلى فوز المرشح محمد السكري بنسبة 57% بينما حصل المرشح الثاني ياسر عليان على 43% من نسبة الأصوات.
وكشف ذلك عن تحديات أخرى، تمثلت بصعوبة “الإعلان الفوري عن النتائج” بعد الانتخابات، إضافة إلى تحديات “استقبال الطعون ودراستها خلال فترة وجيزة”، وخاصة في ظل وجود أخطاء تقنية، وفق ما قال عجم.
ما تطلعات “اتحاد طلبة سوريا”؟
ويسعى اتحاد الطلبة في أي دولة إلى تمثيل الطلاب وإيصال أصواتهم والسعى لحل مشاكلهم عبر التواصل مع الجهات المعنية، إضافة إلى اتخاذه دوراً حاسماً في الدفاع عن حقوق الطلاب وتعزيز الوعي لديهم وتثقيفهم عبر إقامة فعاليات وورش عمل.
كما يمكن لاتحاد الطلبة لعب دور مهم في المشهد السياسي، عبر تنظيم فعاليات سياسية والتعبير عن آراء الطلاب والضغط لتحقيق التغيير.
إلا أن عمر “اتحاد طلبة سوريا” ليس كافياً لتحقيق جميع أهدافه، وفق ما قال رئيسه محمد السكري، الأمر الذي سيجري العمل عليه خلال العام المقبل.
ويتحدث السكري لـ”السورية نت” عن تطلعات المرحلة المقبلة، وأبرزها “بناء تجربة ديمقراطية على مستوى الطلبة، لتتوسع مع الوقت وتشمل الواقع السوري ككل، خاصة وأننا أجرينا في المؤتمر تدريبات حول الانتقال الديمقراطي والحوكمة”.
وأكد السكري أن المرحلة المقبلة هدفها “توسيع آلية مشاركة وصنع القرار لتكون من القاعدة إلى الهرم، وتوسيع صلاحيات الهيئة العامة ومشاركتها بما يضمن تنشيط أكبر للاتحاد”، ما يمكّن الطلبة من المشاركة بشكل أفضل في توجيه مسار الاتحاد واتخاذ القرارات الهامة، وفق تعبيره.
مضيفاً أن أبرز التطلعات أيضاً “زيادة مستوى الخدمات والمنح والتدريبات والمؤتمرات والملتقيات، بما في ذلك دعم أكبر لنشاطات الاتحادات الفرعية، ما يساعد على تطوير ديمقراطية الاتحاد ورسالته”.
كما أكد السكري على استخدام التكنولوجيا والرقمنة لزيادة الوصول والتواصل مع مزيد من الجامعات والمدن والدول، مما يعزز من تأثير الاتحاد وقاعدته الجماهيرية.
وأشار السكري إلى ضرورة بناء تواصل مع الزملاء في الاتحادات التي تعمل على الملفات المتبقية لعودتها للاتحاد، بما يساعد على إعادة تصويب العمل وتمكين الاتحاد.
وشدد على أن أولوية الاتحاد في المرحلة المقبلة هو “سحب البساط من اتحاد نظام الأسد واسترداد تمثيل الطلبة الحقيقي تحت مظلة اتحادنا، لأجل بناء جيل سوري قادر على التعافي من ويلات الاستبداد”.