لنضع النقاط على الحروف دون مواربة، أو دون استخدام لغةٍ نصفها مبهمٌ ونصفها الآخر واضحٌ حيال عملية الإصلاح الشامل، هذا الإصلاح الشامل، أؤيده كمشروع إصلاح تقوده مجموعة تتبناه، وهي مجموعة يُشهد لها بأنها نظيفة العقل واليدين، يقودها سالم المسلط.
هذ المشروع يبدو أنه لم يستطع كسر جدر شخصيات ذات جذور تاريخية في الائتلاف، دون ذكر اسمها ومواقعهاـ فهذه الشخصيات، لا تقول للمسلط وفريقه نحن ضد الإصلاح الشامل، إنما تعمل على تخريبه بخبراتها، ظنّاً منها أن اللعبة حدودها بناء مؤسسة الائتلاف في منطقة فلوريا في استنبول.
التغيير والإصلاح في الائتلاف ليس قراراً ائتلافياً محضاً، بل له علاقة بتطورات إقليمية ودولية، تتعلق بدرجة انزياح موضع هذه القضية على خارطة الاهتمام العالمي.
ما جرى حتى اللحظة منذ السابع من نيسان، حيث تمّ استبعاد لبعض الشخصيات غير الفاعلة في مؤسسة الائتلاف، وهذه خطوة أولى يحب أن تكون مرتبطة بخارطة برنامج الإصلاح الشامل، مع احتمالات تبدلات هنا أو هناك، وهذه العملية لا قيمة لها سياسياً بدون نتائج ملموسة على المشهد الكفاحي السوري.
وهذا ظهرت مظاهرات الشمال منذ شهر ونيف، في أعقاب تصريحات تركية ألمحت لضرورة حصول تصالح أو تسوية بين نظام الأسد والمعارضة السورية، حيث فوجئ الائتلاف بحجم ونوعية الشعارات في المظاهرات، بغض النظر عن تفاصيل العملية، فالجميع هناك إلا من رحم ربي، رفض فكرة التصالح مع نظام الإبادة الأسدي. فالدم الساخن لا يزال يسيل على تراب الشمال.
إصلاح المسلط وفريقه يحتاج برنامجاً لديه الكيفية في استعادة الحاضنتين الشعبية والثورية، فاستعادتهما يعني مواكبتها في سرائها وضرائها، في قراها الفقيرة ومخيماتها المنكوبة دائماً في فصل الشتاء، في جعل المحرر مُحرراً، لا مرتعاً لتخريب الطبيعة وقهر الناس وسجنهم وابتزازهم بأرزاقهم.
الإصلاح الشامل وبكل إيمان لن يستطيع إخراج (الزير من البير) ولكنه يستطيع تدريجياً العودة إلى حاضنته عبر تشكيل فرق من هيئته السياسية التي يجهل أسماء أعضائها أغلب السوريين، لسبب بسيط أنهم ممثلون عن تجمعات سياسية أو اجتماعية لا يعرفها الناس.
الإصلاح الشامل يحتاج من فريقه عملاً متكامل المهام والقدرات، فهل هذا موجود؟ ينبغي أن يكون موجوداً، فالإصلاح يحتاج في جانب منه مكتباً إعلامياً يمتلك استراتيجية عمل متكاملة لا مجرد صياغة بيانات أو كتابة أخبار الائتلاف ونشاطاته. هذا المكتب يجب أن يكون اليد الضاربة لمعادي الإصلاح الشامل، لكن للأسف لم نر بعد هذه الاستراتيجية عملياً.
بقي أن نقول وبصوت مسموع للجميع، ضعوا برنامج إصلاحكم عل طاولة التنفيذ، وأن يكون هناك لجان من الهيئة السياسية، ومن الهيئة العامة، تختص كل واحدة منها بمهام مرسومة لها ضمن برنامج الإصلاح، وليس مقبولاً بالمطلق، أن تكون هذه الهيئة في ممثلة لشعب يعيش في المخيمات والشمال الفقير غير الآمن.
الشيخ سالم المسلط، يمتلك سلطة القرار في الائتلاف، ومعه فريق إصلاحي، أما التركيز على تأدية واجبات اجتماعية، مثل تقديم العزاء أو التهنئة فهي واجب لا أكثر، ولا يؤدي إلى تنفيذ برنامج إصلاح شامل كان تحدث به المسلط قبل أشهر.
الإصلاح الشامل، يعني تفعيل قوى الثورة ذات البرنامج الوطني الديمقراطي، وليس استقطاب قبائل وعشائر على برنامج هو ليس برنامجهم، لذلك لنحرث معاً فكرياً وثقافياً وسياسياً مناطق المحرر، عبر تحويلها إلى خلايا نشاط، تشتق بنفسها برامج تحرير بلادها، ولنعمل بجدية عملية ملموسة على استعادة الائتلاف لحاضنتيه الشعبية الثورية، ولنعمل على ترسيخ برنامج الإصلاح بشقيه السياسي والإعلامي، إضافة إلى شقه الأساس الشعبي والثوري.
السوريون ينتظرون فارغ الصبر إبعاد معرقلي الاصلاح والقوى الطفيلية عن الائتلاف، فإن لم يتم ذلك علانية، فلا تتوقعوا عودة علاقات الائتلاف مع محيطها العربي وتحديداً مع المملكة العربية السعودية، ومع مصر أيضاً.
السعوديون والمصريون هما أهم قوتين عربيتين، ولا تتوقعوا وصول الإصلاح إلى أهدافه دون دعمهما، فالموقف السعودي المشرّف ومعه الموقف المصري جعلا عبد المجيد تبون رئيس الجزائر يبلع مشروعه بالتسويق لعودة نظام خرّب سورية، وبرقبته أكثر من مليون شهيد وثلاثة عشر مليون مهجًر، متناسياً أن السوريين نصروا الجزائر في ثورة عام 1956 بالمال والطعام وبكل ما يملكونه.
الثورة السورية وبدون استعراض شعارات فارغة ستنتصر، لأنها ضرورة تاريخية تفجرت لفتح آفاق تطور المجتمع والشعب في سورية، لذلك فنظام يملك كل هذا الرصيد من الجرائم والفظائع، لن يستطيع ديكتاتور روسيا بوتين أن يعيد تأهيله، فالموتى لا يؤهلون.
ننتظر تعميق الإصلاح الذي بدأت خطواته، فهو ليس فعلاً ترفياً، بل فتح بوابة تغيير المعادلات نحو سورية ديمقراطية جديدة.
إن فريق الإصلاح في الائتلاف الوطني يستطيع بتعميقه لعلاقاته بالحاضنتين الشعبية والثورية، تنفيذ برنامجه الإصلاحي، وإحداث انعطافة سياسية تغيّر من ميزان القوى على الأرض السورية المحتلة، وإن الائتلاف بقيادته الإصلاحية يدرك أبعاد المؤامرات الهادفة، إلى خلق صدامات مفتعلة بين اللاجئين السوريين والحكومة التركية.
على السوريين أن يبتعدوا عن لعب دور ورقة تجاذبات سياسية تفتعلها قوى تريد الوصول إلى السلطة عبر إرباك الحزب الحاكم وإظهاره بأنه يقف خلف كل أزمات المجتمع التركي، في وقت يمارس فيه الغرب دوراً تخريبياً ضد النهضة التركية من خلال تسليح وتمويل عصابات إرهابية غير سورية هي جماعة ال PKK وأذرعها.
المطلوب هو حمل الائتلاف لهذه الرؤية وشرحها ميدانياً للسوريين أينما كانوا. فهل سنشهد ذلك قريباً؟
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت