كثفت وسائل إعلام تركية خلال اليومين الماضيين، تغطياتها الإخبارية، ونشرها لتحليلاتٍ عسكرية وسياسية، تتعلق بالتطورات في شمال سورية، خاصة بعد حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أنه “لم يعد لدينا صبر اتجاه الاماكن التي هي مصدر الهجمات الارهابية ضد بلدنا من سورية. نحن مصممون على القضاء على التهديدات التي تنطلق من هذه المناطق”.
واعتبر محللون، تصريحات الرئيس التركي, بمثابة تلويح بشن عملية عسكرية جديدة، في مناطق خاضعة لـ”قسد”، في شمال سورية، خاصة أن اليومين الماضيين، شهدا عدة هجمات محدودة ضد مناطق “درع الفرات”، وأدى هجوم لمقتل اثنين من قوات الشرطة الخاصة التركية قرب مارع.
وكذلك تعرضت قرية قرقميش في ولاية غازي عنتاب الحدودية مع سورية أمس، لقصف بـ3 قذائف، قالت السلطات التركية إن مصدرها مناطق نفوذ “وحدات حماية الشعب” بريف مدينة عين العرب(كوباني)، فيما قُتل وجُرح نحو 25 مدنياً بانفجار سيارة مفخخة في عفرين.
“الخيارات الدبلوماسية على الرف”
ونشرت وكالة “الأناضول” باللغة التركية، اليوم الثلاثاء، مقالاً للباحث في مركز “سيتا” للأبحاث، كوتلوهان جوروكو، أشار فيه إلى أن “تنظيم وحدات حماية الشعب/حزب العمال الكردستاني، ينفذ منذ فترة طويلة هجماتٍ في سورية”، لكنه اعتبر أن تزايد الهجمات وتنوعها مؤخراً يأتي في أعقاب “فقدان التنظيم لعدد كبير من قادته في العراق وسورية، ويريد أن يُظهر قوته من خلال زيادة الهجمات”.
واعتبر الباحث التركي في المقال الذي ترجمه فريق “السورية.نت”، أن كثافة الهجمات مؤخراً “نتيجة مباشرة لنجاح تركيا في الحرب ضد الإرهاب، وعدم قدرة منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية على اتخاذ إجراءات داخل تركيا. لهذا السبب، يحاول التنظيم ترهيب المناطق المدنية في سورية واستهداف عناصر الأمن المحلية كلما أمكن ذلك”.
وختم مقاله بالقول إن “تركيا تدرك أن عليها تأمين حدود العراق وسورية(..)من المهم بالنسبة لتركيا إنشاء خط أمني خالٍ من الإرهاب على طول الحدود”، معتبراً أن “اتفاقية سوتشي مع روسيا لم تنجح في الميدان. وفي هذا الصدد يُمكن القول إننا في عشية فترة يتم فيها وضع الخيارات الدبلوماسية على الرف، ومناقشة الخيارات العسكرية”.
في أي مناطق؟
وفي لقاء مع قناة “ahaber” المقربة من أنقرة اليوم الثلاثاء، ذهب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة غازي عنتاب التركية، مسعود شُهريت، إلى أنه “في حال تنفيذ عملية عسكرية كما أشار الرئيس أردوغان أمس فستكون في كوباني أو منبج”.
وقال ذات المتحدث، إن “الهجمات التي نفذت أمس تمت من منطقة عين العرب. هناك عناصر من YPG / PYD في هذه المنطقة، ومؤخراً بدأت تشكل خطراً هنا. كما قال رئيسنا إننا لا نصبر عليهم. ربما يمكننا التحدث مع روسيا في الايام المقبلة وتنفيذ عملية في هذه المناطق”.
وفيما أشار إلى عدم تنفيذ الاتفاقيات التي عقدتها تركيا سابقاً بشأن منبج وخروج “الوحدات” منها، فإنه اعتبر أن هذه المنطقة قد تكون هدفاً لعملية عسكرية محتملة.
“قواعد اشتباك جديدة”
بموازاة ذلك، نشر موقع “Trt haber”، اليوم الثلاثاء، تقريراً يتضمن حواراً مع الخبير الأمني التركي، عبد الله آغار، وجاء فيه بأن حديث أردوغان بأن بلاده “ستتخذ الخطوات اللازمة” بشأن التطور الأخيرة في شمال سورية، قد يعني “تطوير قواعد اشتباك جديدة”.
واعتبر التقرير أن “تساقط القنابل قرب قواعدنا العسكرية في سورية، واستشهاد عنصريين من شرطة العمليات الخاصة التركية في منطقة عملية درع الفرات، ثم إطلاق قذائف هاون على منطقة قرقاميش في غازي عنتاب، وانفجار سيارة مفخخة في عفرين”، هي تطورات خطيرة ومتسارعة دفعت أردوغان للقول:”سنتخذ الخطوات اللازمة في سورية في أقرب وقت ممكن”.
أما الخبير الأمني التركي عبد الله آغار، فقد أشار إلى أن تركيا لديها “مشكلة أمن قومي” بوجود تنظيمات قرب حدودها، تهاجم مصالحها من شمال سورية، وهي “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”حزب العمال الكردستاني”.
وفيما اعتبر أن “محاربة هذه التنظيمات لداعش كذبة رخيصة تدفع الولايات المتحدة لدعم هذه التنظيمات”، فإنه ذهب إلى أن على تركيا “في نهاية المطاف كسر هذه المعادلة” في شمال سورية، بكافة الطرق بما في ذلك الدبلوماسية.
وحول ما إذا كانت تركيا قد تقدم على عملٍ عسكري من خلال تفاهماتٍ سياسية، قال آغار “من الصعب التنبؤ في الوقت الحالي(..) لكن أفهم من كلام الرئيس أردوغان أن تركيا لديها خطة. سيتم تنفيذها خطوة بخطوة”.