“الاستجابة الإنسانية” شمال سورية: تحديات الشتاء والفيروس وأولوية المساعدات النقدية
بعد عقدٍ من بدء الثورة السورية وما رافقها من عمليات النظام العسكرية وتهجير ملايين السكان، لا تزال “الاستجابة الإنسانية” النقدية أحد أبرز الأولويات التي توليها منظمات إغاثية في الشمال السوري اهتماماً استثنائياً، رغم تحديات التمويل وانتشار فيروس “كورونا”، ما يتطلب جهداً إضافياً في تغطية الاستجابة اللازمة.
وترتفع نسبة الاستجابة في فصل الشتاء، خاصة في مخيمات الشمال، التي تتفاقم فيها المعاناة نتيجة المنخفضات الجوية والأمطار والسيول، وتلحق أضراراً مادية وجسدية للنازحين في المخيمات، وسط محاولات لاحتواء الأزمة المتكررة.
تفضيل المساعدات النقدية
وبدأت منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” مشروعاً خاصاً بالاستجابة الشتوية في مخيمات الشمال السوري، يتضمن تقديم مبالغ مالية لعدد من العائلات النازحة، بما يسهم بسد جزء من العجز المالي لتلك الأسر.
وسيم حباب، منسق “الاستجابة الطارئة” في “إحسان”، أوضح في حديثٍ لـ”السورية نت”، أن المشروع يتضمن توزيع النقد المتعدد الاستخدامات لحوالي 1650 عائلة نازحة، في ناحيتي عفرين وبلبل بريف حلب، على أن تستلم كل عائلة 100 دولار أمريكي لمرة واحدة، وذلك بالتعاون مع منظمة “حماية الأطفال” الدولية.
كما تتضمن الاستجابة الشتوية، توزيع النقد لتأمين الاحتياجات لـ 1200 عائلة نازحة في ناحية الباب وما حولها، على أن تستلم كل عائلة 150 دولار أمريكي لمرة واحدة، بالتعاون مع مؤسسة”IRC”.
وبحسب حباب فإن معظم النازحين في الشمال السوري، يفضلون المساعدة النقدية لتغطية احتياجاتهم بنسبة 74%، مشيراً إلى أن تلك المساعدات ستوفر لهم الدعم الفوري لفصل الشتاء، وتأمين الحماية اللازمة ضد الظروف الجوية القاسية.
وأضاف: “في كل عام، تحدث وفيات في مخيمات النازحين في سورية نتيجة البرد القارس في الشتاء. وفي كثير من الأحيان تحدث وفيات أثناء العواصف الشديدة، عندما تكون الطرق مغلقة ولا يمكن للنازحين الوصول إلى النقاط الطبية أو حتى مغادرة خيامهم التي تغمرها مياه الأمطار أو المغطاة بالثلوج. والضحايا دائماً هم من الأطفال أو حديثي الولادة أو كبار السن”.
ويرى حباب أنه بعد انتشار فيروس “كورونا” في الشمال السوري، توجه المانحون نحو دعم المشاريع التي تسهم بالحد من انتشار الفيروس، على حساب المشاريع الأخرى المرتبطة بالاستجابة الطارئة والاستجابة الشتوية، ما فاقم من معاناة النازحين.
استجابة طارئة.. وأرقام حول المعاناة
إلى جانب مشروع الاستجابة الشتوية، تعمل “إحسان للإغاثة والتنمية”، على مشروع موازٍ، يهدف لتقديم مساعدات نقدية متعددة الاستخدام للعائلات في ناحية الباب بريف حلب، وجسر الشغور بريف إدلب.
ويتضمن المشروع، الذي ترعاه منظمة “GOAL”، توزيع مساعدات متعددة الاستخدام، إلى جانب مساعدات نقدية مقابل الغذاء، على أن يصل عدد المستفيدين إلى 8 آلاف عائلة ضمن 8 جولات في ناحية الباب وجسر الشغور.
كما يتضمن توزيع النقد لدعم التعليم لـ 400 طالب، بقيمة 20 دولار، ضمن 6 جولات في ناحيتي معرة مصرين والدانا، بالتعاون بين “إحسان” و”SCI”.
وبحسب منسق الاستجابة الطارئة في “إحسان”، وسيم حباب، يتم تنفيذ مشروع المساعدات النقدية متعددة الاستخدام بناءً على تخطيط السيناريو، الذي يشير إلى استمرار الصراع وبالتالي استمرار النزوح في مناطق شمال غربي سورية.
وأضاف: “ستظل الاستجابة الفورية للنازحين داخلياً، إلى جانب دعم المجتمعات المضيفة الأكثر ضعفاً، من أولويات الاستجابة الإنسانية بالنسبة للمنظمات”.
ويشير تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن 97% من سكان شمال غربي سورية يعيشون في “فقر مدقع”، ويعتمدون على المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء والخدمات الأساسية الأخرى.
وفي ظل تلك الظروف، يرى حباب أن المساعدات النقدية لا تزال أبرز النشاطات المنقذة للحياة، ويجب أن تستمر حتى في الظروف القصوى، بما في ذلك أثناء جائحة “كورونا”، داعياً إلى تكييفها بشكل مناسب لتقليل مخاطر انتقال العدوى.