يجتمع رؤساء تركيا وروسيا وإيران رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين وإبراهيم رئيسي، يوم غد الثلاثاء، في قمة تستضيفها طهران، وبينما سيناقش القادة سلسلة من الملفات والقضايا، سيكون الملف السوري حاضراً في قائمة الأولويات.
وينظر إلى القمة التي تأتي في “توقيت استثنائي” بعين الأهمية، من زاوية الملف السوري الذي ستناقشه، الحافل بالتطورات الميدانية والسياسية، إلى جانب القضايات الإقليمية والعالمية الأخرى، في مقدمتها الحرب الروسية على أوكرانيا، وتداعياتها.
وهذا هو أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ عام 2019 ضمن إطار “عملية أستانة للسلام”، والتي بلغ عدد جولاتها خلال السنوات الماضية 18.
وأكد الكرملين لدى الإعلان عن القمة هذا الشهر أنها ستخصص لملف سورية.
“التوقيت ليس صدفة”
ويقول المحلل الروسي الخبير في الشرق الأوسط، فلاديمير سوتنيكوف لـ”وكالة فرانس برس” إن “توقيت عقد هذه القمة لم يُحدّد بالصدفة”.
ويضيف: “بينما تنفّذ روسيا +عمليتها الخاصة+ في أوكرانيا، تريد تركيا أيضاً أن تشنّ +عملية خاصة+ في سورية”، معتبرا ذلك “المسألة الأساسية في القمة”.
ويلوّح أردوغان منذ شهرين بشنّ عملية عسكرية ضد مناطق تسيطر عليها “قوات سوريا الديموقراطية” في منبج وريف حلب بريف محافظة حلب.
وكان هذا التلويح قد لاقى سلسلة من ردود الفعل للقوى الفاعلة بالملف السوري، وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وروسيا.
وسبق وأن اعتبرت أمريكا أن أي عملية تركية “ستهدد استقرار المنطقة”، وكذلك الأمر بالنسبة لإيران التي قالت إن “الهجوم التركي وإن حصل سيهدد وحدة الأراضي السورية”.
في المقابل كان لروسيا موقف ضبابي، حيث لم تعلن تأييدها أو رفضها، واكتفت بالمناورة التي أقدم عليها المسؤولون الكبار في الخارجية ووزارة الدفاع.
ووفق الباحث في الشؤون التركية في معهد كارنيغي-أوروبا سنان أولغن: “لا تريد السلطات التركية أن تخوض العملية من دون ضوء أخضر من روسيا (…)، لأن المنطقتين المستهدفتين تقعان تحت إشرافها، كما تريد تركيا التمكن من استخدام المجال الجوي”.
وتحضر إيران بدورها في منطقة العملية المزمعة “من خلال مجموعات شيعية مسلّحة”، وفق أولغن الذي يشدّد على أن ذلك يدفع أردوغان للسعي الى “نيل الضوء الأخضر” منها أيضاً.
“مشهد معقّد”
وحثّت “قوات سوريا الديموقراطية”، الجمعة، موسكو وطهران على منع أنقرة من تنفيذ تهديداتها.
وأبدى قائدها مظلوم عبدي ثقته بأن “روسيا وإيران لن توافقا على مطالب تركيا”، آملا في ألا تكون سورية “محط بازارات بين القوى الكبرى”.
ويرى الباحث في معهد “نيولاينز” نيكولاس هيراس أن “إيران وروسيا تريدان الحؤول دون عملية عسكرية تركية أخرى في شمال سورية”، مشيراً إلى أن “إيران تؤسس لحضور في حلب ومحيطها ما يثير قلق تركيا، وروسيا (…) تتراجع في سورية لصالح إيران”.
وتطرقت تقارير في الآونة الأخيرة إلى احتمال خفض روسيا حضورها العسكري في سوريا لانشغالها في أوكرانيا، وأن يعوّض ذلك بتعزيز الوجود الإيراني.
ووفق المحلل السياسي الإيراني أحمد زيد أبادي، تريد إيران وروسيا وتركيا التنسيق “أقله لعدم زيادة التوترات بينها”.
إلا أنه يحذّر من أن التفاهم ليس محسوماً “إذ لكل من هذه الدول رؤيتها الخاصة بشأن سورية، وفي أعقاب الحرب في أوكرانيا، أعتقد أن تباينات جديدة نشأت بينها”.