“الحرب البيولوجية”.. مصطلح جدلي أُعيد تداوله في زمن “كورونا”.. تعرف إليه
طُرح مصطلح “الحرب البيولوجية” مؤخراً في الاتهامات المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، حول المسؤول عن تفشي فيروس “كورونا” في أنحاء العالم، وما إذا كان انتشاره مُفتعلاً أو حالة طبيعية.
تلميحات صينية إلى مسؤولية الجيش الأمريكي عن نقل فيروس “كورونا” إلى مدينة ووهان الصينية، ثم فقدان السيطرة عليه بعد تفشيه حول العالم، فيما يُصر الرئيس الأمريكي على إطلاق اسم “الفيروس الصيني” على الوباء المستجد، بعد انتشاره بشكل كبير في الولايات المتحدة، لتحتل المركز الأول بعدد الإصابات، حتى أنها فاقت الصين نفسها.
I always treated the Chinese Virus very seriously, and have done a very good job from the beginning, including my very early decision to close the “borders” from China – against the wishes of almost all. Many lives were saved. The Fake News new narrative is disgraceful & false!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 18, 2020
وما أشعل فتيل التوتر بين واشنطن وبكين كانت تغريدات نشرها المتحدث باسم الخارجية الصينية، في 12 مارس/ آذار الماضي، والتي قال فيها بشكل علني وباللغة الإنجليزية إنه يعتقد أن “الجيش الأمريكي هو من جلب فيروس كورونا إلى مدينة ووهان”، مطالباً الولايات المتحدة بكشف بياناتها وتحديد متى وكيف بدأت أول إصابة على أراضيها.
2/2 CDC was caught on the spot. When did patient zero begin in US? How many people are infected? What are the names of the hospitals? It might be US army who brought the epidemic to Wuhan. Be transparent! Make public your data! US owe us an explanation! pic.twitter.com/vYNZRFPWo3
— Lijian Zhao 赵立坚 (@zlj517) March 12, 2020
أما مصطلح “الحرب البيولوجية” فقد استخدمته إيران، في إطار حديثها عن نظرية المؤامرة، متهمة الولايات المتحدة بافتعال فيروس “كورونا” وتصنيعه في مختبراتها، من أجل تدمير إيران والصين اقتصادياً واجتماعياً، بحكم علاقات أمريكا المتوترة مع البلدين، حسبما ما صرح علي رضا بناهيان، رجل الدين المقرب من المرشد الأعلى.
وكذلك تحدث الإعلام الرسمي الروسي عن أن الولايات المتحدة افتعلت “كورونا” من أجل إضعاف موقف الصين وروسيا في أي مفاوضات تحصل بينها، إذ نشرت صحيفة “زيفردا”، التابعة لوزارة الدفاع الروسية، مقالاً في يناير/ كانون الثاني الماضي، تحت عنوان “فيروس كورونا.. الحرب البيولوجية ضد روسيا والصين“.
المقال أشار إلى وجود معامل بيولوجية في دول مثل جورجيا وأوكرانيا وكازاخستان وأذريبجان وأوزبكستان، التي لها صلات مباشرة مع الولايات المتحدة، مرجحاً استغلال واشنطن لتلك الدول من أجل إجراء البحوث المتعلقة بتصنيع “كورونا”، حسبما ورد فيه.
إلا أن “منظمة الصحة العالمية” ترفض ما يشاع حول علاقة “كورونا” بالحرب البيولوجية، وتؤكد أن “الفيروسات لا تعرف حدوداً، ومن المهم حقاً أن نكون حذرين في اللغة التي نستخدمها”.
ماذا يُقصد بـ “الحرب البيولوجية”؟
تُعرّف “منظمة الصحة العالمية” الحرب البيولوجية على أنها أسلحة يتم فيها استخدام كائنات دقيقة، مثل الفيروسات والبكتيريا والفطريات والسموم، بحيث يتم إنتاجها عمداً لتسبب المرض والموت للبشر أو الحيوانات أو النباتات.
وتشير المنظمة إلى أن “الهجمات البيولوجية” قد تتحول إلى وباء، يتسبب في أعداد كبيرة من الوفيات خلال فترة زمنية قصيرة، بحيث يصعب احتواء الوباء، مضيفة أن الأسلحة البيولوجية قد تكون جزءاً من أسلحة الدمار الشامل.
ومع ذلك ترى “الصحة العالمية” في تعريفها للحرب البيولوجية، أنه في حال انتشر وباء حول العالم وجب التركيز على الآثار الصحية المحتملة، بغض النظر عما إذا كان الوباء انتشر بشكل متعمد أو بشكل طبيعي.
استخدامات تاريخية للحرب البيولوجية
تتحدث تقارير وكتب تاريخية عن أن استخدام الحرب البيولوجية يعود إلى ما قبل القرن العشرين، خلال الحروب العسكرية بين الدول، حيث جاء على شكل الطاعون والجدري والكوليرا، وصولاً إلى النصف الأول من القرن العشرين، والذي شهد أيضاً حروباً بيولوجية.
وبحسب بيانات “الموسوعة البريطانية” (بريتانيكا)، فإن أول تاريخ للحرب البيولوجية، يُعتقد أنه يعود إلى عام 1347، حين أصيبت القوات المغولية التي كانت منتشرة بالقرب من البحر الأسود (أوكرانيا وشبه جزيرة القرم)، بالطاعون، ثم عملت على نشره في إيطاليا، عبر السفن التجارية، ما أدى إلى انتشاره في عموم أوروبا، مسبباً مقتل 25 مليون شخصاً (ثلث سكان أوروبا)، وعُرف حينها بـ “جائحة الموت الأسود”.
كما تتحدث الموسوعة عن أن الجيش الروسي، قام خلال حربه مع القوات السويدية عام 1710، بإلقاء الجثث المصابة بالطاعون فوق أسوار المدن التي كانت الأخيرة تتحصن فيها، خاصة في استونيا.
وكذلك استخدم الجيش البريطاني الحرب البيولوجية عام 1763 خلال حربه مع الهنود، حين قام بتوزيع بطانيات عليهم، تحمل فيروس الجدري، ما أدى إلى وقوع إصابات كبيرة بينهم.
أما في القرن العشرين، تم تسجيل استخدام للأسلحة البيولوجية، خلال الحرب العالمية الأولى (1914- 1918)، حين طورت ألمانيا برنامجاً سرياً من أجل إصابة الخيول والأبقار التي يملكها الحلفاء، بمرض معدي يصيب الغدد، حيث قام عملاء لألمانيا بحقن الخيول والأبقار التي شحنتها الولايات المتحدة للحلفاء إلى الجبهتين الشرقية والغربية.
وحاولت ألمانيا أيضاً، حسب الموسوعة البريطانية، نشر الطاعون في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، عام 1915، من أجل إضعاف المقاومة الروسية آنذاك.
إلا أنه في عام 1925 وقعت معظم دول العالم على بروتوكول جنيف، الذي يحظر استخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية، ومع ذلك تواجه دول عدة اتهامات بتطوير برامج سرية واختبارات للأسلحة البيولوجية، مثل اليابان التي خرقت المعاهدة، حين استخدمت أسلحة بيولوجية ضد قوات الحلفاء في الصين، بين عامي 1937 و 1945.
حينها قامت القوات اليابانية بإسقاط قنابل تحتوي على البراغيث المصابة من الطائرات، ما تسبب في ظهور بقع دموية تُصبح سوداء تحت الجلد.
وأيضاً تواجه الولايات المتحدة اتهامات بتطوير أسلحة بيولوجية، عقب الحرب العالمية الثانية، إلا أنه لم يثبت استخدامها لها حتى اليوم.