“بعت سيارتي التي يبلغ سعرها نحو 17 ألف دولار بثمن بخس لإيفاء ديوني”، بهذه العبارة عبّر أحد سائقي الشاحنات في ريف حلب الشمالي عن استيائه من توقف عمله قبل عام، بسبب دخول الشاحنات التركية لنقل البضائع هناك، ما حرمَ سائقي الشاحنات السورية من فُرص عملهم.
معاناة سائقي الشاحنات السورية في شمال غرب سورية ليست حديثة، ولكن تنفيذ العشرات منهم، قبل نحو أسبوعين، لاعتصامٍ أمام معبر باب السلامة في مدينة اعزاز بريف حلب أعاد القضية إلى الواجهة مجدداً.
وناشد المعتصمون بإيجاد حل لمشكلتهم، وحسب سائقين التقتهم “السورية. نت”، فإن خمسة آلاف شاحنة متوقفة، وآلاف العاملين والأسر تضررت من أزمة الشاحنات المستمرة حتى الآن.
ما قصة الشاحنات؟
تعود قصة الشاحنات في ريف حلب إلى العام الماضي، عندما سمحت المعابر للشاحنات التركية بالدخول إلى ريفي حلب الشمالي والشرقي، التي تحتوي على أربع معابر وهي جرابلس والراعي واعزاز والسلامة، ومعبر الحمام قرب جنديرس في عفرين.
وسابقا كانت الشاحنات التركية تصل فقط إلى المعابر الحدودية، ويتم تفريغ الحمولة من المواد والسلع الصناعية والغذائية المستوردة في الساحة التجارية داخل معبر “باب السلامة”، ونقلها عبر الشاحنات السورية إلى مستودعات التجار في مدن وبلدات شمال غرب سورية.
إلا أن دخول الشاحنات التركية أدى اعتماد تجار المنطقة على الشاحنات التركية لنقل بضائعهم مباشرة من المعامل في تركيا إلى مستودعاتهم في الشمال، وهو ما أثر على عمل الشاحنات السورية، حسبما مدير مكتب اعزاز الإعلامي، عبد القادر حج عثمان لـ”السورية. نت”.
وأرجع حج عثمان سبب ذلك إلى انخفاض التكاليف على التجار السوريين، عبر الاعتماد على الشاحنات التركية مباشرة، عبر تجاوز عملية تفريغ البضائع في ساحة الشحن في معبر باب السلامة، إضافة إلى التخلص من احتمالية تلف بعض البضائع، أثناء نقلها داخل ساحة المعبر من الشاحنات التركية إلى الشاحنات السورية.
وكل ذلك أدى إلى الحد من عمل السائقين السوريين وتوقف شاحناتهم عن العمل بشكل شبه نهائي “باستثناء الحمولات الداخلية والحمولات بين مناطق الشمال السوري ومنبج مع قسد”، حسب حج عثمان.
آلاف العائلات متضررة
كل ذلك أدى إلى توقف عمل آلاف السائقين وتضرر آلاف العائلات، وفق السائق شادي شمسي، الذي قال إن المعابر الحدودية تعتبر مصدر رزق لمعظم سكان ريف حلب وخاصة سائقي الشاحنات، مضيفاً أن دخول الشاحنات التركية أدى إلى توقفهم عن العمل، وأصاب بالضرر عدة شرائح، وخاصة مالكي وسائقي الشاحنات، إضافة للعمال الذين كانوا يعملون على تفريغ ونقل البضائع، وكذلك ورشات صيانة الشاحنات التي توقفت عن العمل بسبب توقف الشاحنات عن الحركة.
وقدر شمسي في حديثه مع “السورية. نت”، عدد العاطلين عن العمل بسبب السماح للشاحنات التركية بالدخول لمناطق شمال غرب سورية، بعشرة آلاف عائلة تقريباً، إذ يبلغ عدد الشاحنات المتوقفة أكثر من 5 آلاف شاحنة، وعدد العمال العاملين في هذه المعابر أكثر من 7 ألاف شخص، وعدد أصحاب المصالح المتعلقة بعمل الشاحنات يفوق الألف عامل.
وأكد شمسي أن العاطلين عن العمل “لا يملكون أي دخل، وهم بحاجة إلى مردود لكي يؤمنوا مصاريف معيشتهم مع أسرهم”.
وعود مستمرة
وخلال الأشهر الماضية، طالب سائقو الشاحنات السورية بمنع دخول الشاحنات التركية إلى الأراضي السورية، وسط تلقي العديد من الوعود لكن دون تنفيذ، حسب شمسي.
وقال “ذهبنا مؤخراً إلى مكتب الوالي التركي في مدينة اعزاز، ووعدنا أن يناقش الأمر مع الجهات المعنية بالأمر، وحتى الآن لم نتلق أي خبر منه”.
وأكد شمسي أن آخر هذه الوعود كانت قبل حوالي أسبوعين، عندما “وعد أحد المسؤولين في مدينة اعزاز(لم يسمه) بإيجاد حل وإعادة السائقين إلى العمل لكن دون موعد محدد”.
من جهته اعتبر وزير الاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، منع الشاحنات التركية من الدخول إلى سورية “صعب حالياً”، لأنه “لا يمكن إجبار التجار على إفراغ بضائعهم في ساحات المعبر بسبب التكاليف الإضافية على ذلك إضافة إلى إمكانية تعرض البضاعة للتلف”.
وحول الحلول الممكنة، أكد المصري لـ”السورية. نت”، التواصل مع الجانب التركي وذلك من أجل السماح للشاحنات السورية بالدخول إلى الأراضي التركية وتحميل البضائع من المصانع والمناطق التجارية إلى مناطق الشمال السورية.
كما أكد المصري أنه تواصل مع عدد من السائقين وطلب منهم تشكيل جمعية أو نقابة لتسجيل الشاحنات العاطلة بسبب أخذ دور لها، خاصة وأن هناك بعض البضائع يتم تفريغها في ساحات المعابر مثل الحبوب.