اللاجئون السوريون بلبنان.. هل تصل المساعدات الدولية إلى أصحابها؟
وسط النقاش الحامي في لبنان عن مصير اللاجئين السوريين وإعادتهم لبلادهم من قبل مسؤولين بالحكومة اللبنانية، تُطرح تساؤلات عن مصير الأموال الواردة من الجهات المانحة وكيف يتم توزيعها عليهم؟.
موقع “مهاجر نيوز(link is external)” قصد أحد مخيمات للاجئين السوريين وعاين أحوال قاطنيها، وتوجّه بأسئلتهم إلى مسؤولين مطلعين على الوضع، مؤكدين بوجود تمييز بين اللاجئين وذهاب جزء من الأموال المخصصة لهم إلى موظفي المنظمات، إضافة لعدم وجود سياسة عامة لملف اللاجئين دفع لوجود أخطاء وهدر في الأموال المخصصة لهم.
يقول تقرير الموقع، في الطريق إلى الطَيْبة صعوداً من الساحل اللبناني نجتاز “سلسةَ جبال لبنان الغربية، هناك يقع مخيم للاجئين السوريين، يحمل المخيم الرقم 002 والثلوج هنا ضيفٌ شبهُ دائم، لنلتقي عدداً من قاطنيه.
“تمييز” بين اللاجئين
صبحية (40 سنة) كفيفة ووضعها “تحت الصفر”.. عائلتها مكونة من شابين وشابة، وابنتها مروى كفيفة أيضاً، “ليس لديهم حتى مدفأة لتقيهم الصقيع. ولا حتى مساعدات”. هكذا تروي “حوريّة” (50 سنة).
تقول حورية لـ”مهاجر نيوز” إنها تتلقى 24 يورو عن كل فرد من عائلتها إضافة إلى نحو 150 يورو للمازوت شهرياً خلال فصل الشتاء، ومن العائلات من يتلقى مبلغ 325 يورو للمازوت لخمسة أشهر”.
حال “حورية” يتشابه مع حال الكثيرين هنا، يقول “رمضان” إن المساعدات بدأت تصله “عندما تحقق جزء من عودة اللاجئين إلى سوريا، فيبدو أنهم حولوا لنا ما كانوا يقدمونه لمن عاد”.
أبناء المخيم وقاطنوه هم لاجئون من الرقة ومنبج وعين عيسى ودير الزور، يأسفون لما يشبهونه بـ “صيف وشتاء تحت سماء واحدة” في تمييز بتوزيع المساعدات، بين أبناء المخيم الواحد.
مهى المِدْرَسة تعيش اليوم في خيمة شقيقتها، لا تصلها المساعدة بينما تصل إلى أختها، كذلك خولة المصطفى لا تتلقى مساعدات، بدوره إبراهيم عيسى يتحدث بتحسر عما يرى فيه تمييزاً: “أنا رأيتهم بعيني (المفوضية العليا) يقدمون المساعدات والفرشات في مخيمات غزة والمرج، لماذا نحن لا؟”.
أما إبراهيم يوسف اليوسف، الرجل يروي كيف كانت تصله المساعدات وفجأة “ابتلعت الماكينة بطاقتي (…) وحاولت بكل الوسائل التواصل مع المفوضية من دون نتيجة”.
أرقام وآليات
تتفاوت الإحصائيات حول عدد اللاجئين السوريين في لبنان، فبعضها يقدره بـ 950 ألفاً، وبعضها الآخر بمليون و 300 ألفاً وبعضها الآخر بمليون ونصف، وهذا التقدير قد يرتفع إلى مليون و 800 ألفاً. ولكن كيف يتم التعاطي مع المساعدات والأموال؟
ليزا أبو خالد، المسؤولة الإعلامية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تحدثت لـ “مهاجر نيوز”، فقالت إن “كل المشاريع تخضع لآلية دقيقة للرصد والتقييم. نحن ملزمون بتقديم تقرير دوري دقيق للدول المانحة بعد كل مشروع نقوم به، يتضمن وجهة استخدام الأموال وعدد المستفيدين، كما أن هناك جهة خارجية مستقلة تراقب هذه الآلية بإحكام”.
وتؤكد المسؤولة أن “المساعدات النقدية لا تصل إلى كل النازحين بالطريقة نفسها لأن إمكانياتنا المادية محدودة”، وتضيف: “حالياً وضمن برنامج المساعدات النقدية نساعد 30% من العائلات اللاجئة”.
قيمة المساعدة 173 دولاراً شهرياً للفئات الأكثر حاجة، ويقدرون بنحو ٢٨٠ ألف شخص”، وتتابع: “برنامج الأغذية العالمي يدعم ٦٩٥ ألف شخص بالمساعدات الغذائية. وكل شخص يحصل على مبلغ ٢٧ دولاراً. وثمة نحو ٨٥٧ ألف لاجئ يحصلون على مساعدة بقيمة 370 دولاراً للتدفئة وغيرها من الحاجات محددة بأشهر فصل الشتاء”.
وتتحدث المسؤولة الإعلامية عن “برنامج مساعدات نقدية للحماية” ويستفيد منه ٦٨٥٠ شخص في لبنان. والأشخاص المستهدفون هنا يتبدلون باستمرار مع تبدل تقييمنا للأسر الأكثر حاجة”.
رواتب تذهب لموظفي المنظمات
مصدر حكومي مطلع على ملف النازحين، قال لـ “مهاجر نيوز” إن “الضعف يعود لعدم وجود خطة أو آلية واضحة لإدارة الملف. مثلاً، خلال العامين 2014 و 2015 تلقت لبنان دعماً مالياً كبيراً، ولكن جزءاً كبيراً من التمويل لم يذهب إلى قياس الأثر، بل الهدف كان -ولا يزال- هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستفيدين.
المصدر المطلع فضّل عدم كشف هويته، وقال إنه “في إطار محاولة الاستجابة لهذا الكم من النازحين والأزمات، رفعت المنظمات والجمعيات عدد موظفيها، وبخاصة منها الجمعيات اللبنانية التي بدأت بعشرين موظفاً لتصل إلى ما يزيد على الـ 200، بالتالي أصبح جزء مهم من الأموال يُخصص لدفع رواتب هؤلاء بدلاً من اللاجئين”.
يُتابع حديثه: “لا يمكن القول إنه كان هناك هدر واللاجئون لم يصلوا إلى حقهم، ولكن أيضاً لا نستطيع القول إن الأموال استخدمت كلها بصورة مُثلى”، مضيفاً:” وإذا لم يكن هناك موقف في السياسة فكيف بالتطبيق؟! ولا نغفل عن أن غياب السياسة العامة دفع بالوزارات للعمل بشكل منفرد مع المنظمات الدولية، وبهذا ضعُف دور الدولة أكثر لجهة الرقابة، بدل أن تكون حاضرة في الصياغة، التخطيط، التنفيذ والرقابة”.
“جزء من كل”
زياد الصايغ الخبير في شؤون السياسات العامة واللاجئين، يرى في حديث لـ “مهاجر نيوز” أن “موضوع المساعدات هو جزء من كل، لا يمكن فصله عن الفشل العام في إدارة اللجوء”.
ويضيف: “عدم إقرار سياسة عامة جعل محتماً على الدولة اللبنانية تلزيم ملف المساعدات الإنسانية من خلال المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أو برامج الأمم المتحدة لكثير من هيئات المجتمع المدني. هذه الهيئات قامت بعمل جيد نعم، ولكن حتماً في ظل غياب الرقابة الجدية من الدولة يمكن الحديث بجدية عن خلل في إدارة منظومة المساعدات المالية”.
ومهما كان سبب بقاء بعض اللاجئين الذين صادفناهم في المخيم بلا مساعدات، يبقى اللاجئون على أمل أن تصلهم مساعدات تجعلهم يعيشون حياة كريمة.