قال مسؤولون في منظمات إنسانية وأعضاء في الكونغرس الأمريكي إنهم لا يستبعدون أن تستخدم روسيا حق النقض (الفيتو) لتجديد عبور المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى مناطق شمال سورية.
ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن على تمديد هذه الآلية، في يوليو/تموز المقبل، وعلى خلاف السنوات الماضية قد يتجه الكرملين إلى عرقلتها، كرد فعل على الضغوطات الغربية التي يتعرض لها في الملف الأوكراني.
وتمر أكثر من 1000 شاحنة من المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي بين سورية وتركيا كل شهر.
وتخدّم هذه الشحنات بشكل أساسي 3.4 مليون شخص يعيشون في محافظة إدلب شمال غرب البلاد.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك في وقت سابق من هذا العام إن قدرة المنظمة على إيصال المساعدات عبر الحدود السورية مع تركيا “ضرورية”.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى إيصال المساعدات عبر الحدود وعبر الخطوط. هذه عناصر أساسية بالنسبة لنا لتلبية الاحتياجات الإنسانية لجميع السوريين”.
وسبق وأن استخدمت موسكو حليفة نظام الأسد بالفعل حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، إلى جانب الصين، لإغلاق المعابر في الأردن والعراق وتركيا، التي أنشأتها الأمم المتحدة لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين.
وتزعم روسيا أن حكومة الأسد قادرة على توزيع جميع المساعدات الدولية وأن المعابر في الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة انتهاك لسيادة “الدولة السورية”.
وكحل وسط في اللحظة الأخيرة، في يوليو / تموز 2021، كان مجلس الأمن الدولي وبتوافق بين الولايات المتحدة وروسيا قد سمح بتمديد 12 شهراً لتسليم المساعدات عبر معبر باب الهوى.
وأشاد السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، حينها بالاتفاق ووصفه بأنه “لحظة مهمة” في العلاقات بين البلدين.
وجاء التصويت في أعقاب اجتماع قمة في جنيف، حيث ضغط الرئيس الأمريكي جو بايدن على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدعم الاقتراح.
“في طريق صعب للغاية”
ومنذ ذلك الحين تراجعت العلاقات إلى أدنى مستوياتها بين موسكو وواشنطن في حقبة الحرب الباردة، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وبينما تتواجه موسكو والغرب في أوروبا الشرقية، يشعر الكثيرون بالقلق من أن الكرملين قد يتطلع إلى الرد في سورية، وغيرها من النقاط الساخنة الإقليمية.
ويقول هاردين لانغ، نائب الرئيس للبرامج و السياسة في منظمة اللاجئين الدولية: “بالنظر إلى ما يحدث في أوكرانيا ومشاهدة موقف الروس في مجلس الأمن خلال الأسبوعين الماضيين، أعتقد أنه من الإنصاف القول إننا في طريق صعب للغاية”.
وجاء ذلك في خطاب له للمشرعين في مجلس النواب الأمريكي، الأربعاء الماضي، في جلسة استماع للجنة الفرعية بشأن سورية.
ووفقاً للأمم المتحدة، يبلغ معدل الفقر 90 بالمائة في سورية، حيث يعتمد 14.6 مليون شخص على المساعدات الإنسانية.
في حين تعتبر الأوضاع في إدلب “الأسوأ” قياساً بالمناطق الأخرى، حيث يعيش 97٪ من السكان في فقر مدقع، بينما يعتمد 80٪ منهم على المساعدات الغذائية يومياً، بحسب الأمم المتحدة.
وكانت وسائل إعلام أمريكية، قد تحدثت في الأيام الماضية عن “مخاوف من أن أي توقف في المساعدة قد يؤدي إلى أزمة لاجئين أخرى على طول الحدود التركية، ومن المحتمل أن تمتد إلى أوروبا”.
“خطة طوارئ”
في غضون ذلك أشار موقع “ميدل إيست آي”، اليوم الجمعة أن وكالات الإغاثة والحكومات الأجنبية تبحث عن تدابير للحفاظ على تدفق المساعدات، إلى مناطق شمال سورية.
وأخبرت جمانة قدور، رئيسة مشروع سورية في المجلس الأطلسي، المشرعين الأمريكيين أن “هناك بالتأكيد طريق للذهاب عبر تركيا”، لكنها حذرت من أنه سيكون من الصعب على المنظمات المحلية أن تضاهي قدرات الأمم المتحدة.
وفي الوقت الحالي يناقش المانحون طرق إنشاء صندوقهم الخاص ليحل محل الصندوق الحالي الذي تديره الأمم المتحدة.
كما يبحثون أيضاً عن وسائل لتنسيق الإجراءات على أرض الواقع.
لكن العديد من منظمات الإغاثة معرضة أيضاً لخطر فقدان تمويلها إذا لم يتم تجديد تفويض الأمم المتحدة.
وقال عضو الكونغرس الأمريكي، تيد دويتش إنه من المهم للولايات المتحدة أن تمنع الأسد من زيادة المساعدات.
وأضاف أن “نظام الأسد يتلاعب بالمساعدات منذ أكثر من عقد، ويسرق ملايين الدولارات من المانحين الدوليين والمنظمات الإنسانية، من خلال حجب المساعدات عن المعارضين، وتحويلها إلى الحلفاء، والانخراط في التلاعب بالعملة”.
وكشف تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، ونشر العام الماضي، أن حكومة الأسد سرقت ملايين الدولارات من المساعدات الدولية، من خلال التلاعب بسعر صرف العملة في البلاد.