“المعروك من الكماليات”.. إقبال خجول على أطباق رمضان في إدلب (صور)
على طاولة رخامية، تقلّب كفان خشنتان رقائق العجين المختمرة، قبل أن تتسلل إليها حبّات من السمسم الأبيض والأسمر، لتشق فيما بعد طريقاً إلى فرنٍ آلي صغير يتصدّر المخبز.. على هذا الحال يمضي “أحمد عبد الدايم” يومياً ساعات طوال في رمضان لإعداد حلوى “المعروك”، دون أن يكترث لتراجع الحركة الشرائية من حوله، بسبب ارتفاع الأسعار.
يمتهن أحمد وهو معلّم حلويات، منذ سنوات طويلة، صناعة “المعروك” الطبق الرمضاني الشهير، في مخبز ذي واجهة صغيرة غربيّة، قرب دوّار “الكرة الأرضية” في مدينة إدلب.
وعلى بعد أمتارٍ صغيرة، وعلى حافة رصيف فرش “أبو ثائر الحمصي” بسطة لبيع المشروبات الرمضانية، منها التوت الشامي والتمر الهندي والعرق سوس، ما جعل المارّة يميزون بسطته متعددة الألوان.
وعلى الرغم من اختلاف الصنعتين بين “أحمد وأبو ثائر” إلا أنّهما يشتركان في معاناة واحدة، وتتمثل بتراجع الحركة الشرائية عن أبرز مكونات المائدة الرمضانية، هذا العام، بسبب ارتفاع الأسعار العام، وهو ما يعتبر موسماً لأصحاب هذه الصنع.
وتشهد بعض المأكولات والمشروبات الرمضانية إقبالاً خجولاً من الأهالي، خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، مع ارتفاع أسعارها مقارنةً بالعام الماضي.
وتأثرت مختلف المواد الأولية لصناعة المأكولات والمشروبات الرمضانية في ارتفاع أسعار المواد التموينية والغذائية خلال الشهر المنصرم، جراء تبعات الحرب “الروسية ـ الأوكرانية” على المنطقة.
“الأسعار صادمة”
يقول عبد الدايم، في حديثٍ لـ”السورية.نت” إنّ “ارتفاع أسعار المعروك صدم الأهالي، وتأثرت الحركة الشرائية، رغم أنّ هذه الحلوى مفضلة لدى أغلب العائلات، وتحديداً في شهر رمضان”.
ويضيف أنّ “ارتفاع الأسعار سببه ارتفاع عام في الطحين والسكر والمحروقات. جميع المواد ترتبط بشكل رئيسي في المعروك”.
بينما يوضح أبو عبدو وهو بائع معروك أيضاً لـ”السورية.نت” أنّ “حماس الأهالي على الشراء كان في أول يومين من رمضان وسرعان ما تراجع بعدها، لأنّ الأسعار مجهدة جداً، وكثير من العائلات عاجزة عن شراء المعروك الذي يصل إلى تكلفة طبخة كاملة”.
أبو ثائر وهو بائع مشروبات يشتكي لـ”السورية.نت” من “ارتفاع سعر كيس السكّر من 27 دولار إلى 45 دولار، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر كيس المشروبات، وبالتالي تراجع الإقبال عليه بشكل عام”.
ويتابع أبو ثائر المهجر من مدينة حمص: “هذا الارتفاع لا يتحمّل الباعة مسؤوليته لأنهم متأثرين هم أيضاً، إنما ارتفاع الأسعار العام”.
“شراء متقطّع”
زكريا من سكان مدينة إدلب، قرر بعد أن وصل إلى بسطة بائع المعروك، الإقلاع عن الشراء وتأجيل الأمر ليوم لاحق.
ويقول لـ”السورية.نت” إنّ “شراء المعروك بات متقطعاً وليس كل يوم كما في السابق من رمضان، بسبب ارتفاع أسعاره”.
ويتراوح سعر قطعة المعروك المتوسطة من 10 إلى 15 ليرة تركية، في حين الكبيرة من 30 إلى 40 ليرة تركية، فيما تختلف أسعارها بحسب ما تحتويه من “حشوات” وغيرها.
بينما سجل سعر كيس “التوت والتمر الهندي” الصغير 8 ليرات تركية، والكبير 10 ليرات تركية، والعرق سوس 5 ليرات فقط.
يوضح “أبو محمد” خلال تجوله في ساحة الساعة وسط مدينة إدلب أنّ “شراء معروك اقتصر على يوم واحدٍ منذ بداية شهر رمضان، لأن الأسعار لا تشجع على الشراء، كما أنّ هناك أولويات لأي عائلة اليوم، فيما يعد المعروك والتمر الهندي والعرق سوق من الكماليات”.
ويضيف لـ”السورية.نت”: “شراء مكونات الطبق الرمضاني الرئيسي صار مكلفاً جداً، وبحال قدرنا على تأمين تكلفته يومياً فهذا إنجاز كبير، والتفكير في الأطباق الأخرى الثانوية يأتي لاحقاً”.
ويعتبر الشراء المتقطع لـ”مشروبات ومأكولات رمضان”، انتهاكاً جديداً لعادات الأهالي في رمضان، فرضته الظروف المعيشية المتردية في منطقة شمالي غربي سورية.