“الواحة السورية” وآمال كسر الحصار في “الركبان”.. ما الخطوة المقبلة؟
بعد سنوات من الأزمات الإنسانية التي ارتبطت باسم “مخيم الركبان” الحدودي في سورية، بدأت آمال فك الحصار المفروض على المخيم من قبل روسيا والنظام بالارتفاع نسبياً، بعد قرار طال انتظاره يقضي بإيصال المساعدات الأممية لداخل المخيم مجدداً.
ومنذ العام 2019، لم تصل المساعدات المدعومة من الأمم المتحدة إلى 8000 شخص محاصرين داخل “الركبان”، ما أدى إلى سوء الظروف المعيشية، وتفاقم معاناة سكان المخيم، ومعظمهم من النساء والأطفال.
وارتبطت تلك الأزمات بانعدام مقومات الحياة الأساسية ونقص كبير في المياه والغذاء، وفقدان الأدوية، وانتشار الأوبئة والأمراض.
ويقع مخيم الركبان في منطقة صحراوية عند المثلث الحدودي بين سورية والأردن والعراق، ضمن نطاق منطقة “التهدئة” التي تمتد لمسافة 55 كيلومتراً.
“الواحة السورية”.. ماذا تشمل؟ وما الآليات؟
قبل أيام، أعلنت “المنظمة السورية للطوارئ” عن عملية مساعدة “تاريخية”، تحمل اسم “الواحة السورية”، هدفها إدخال المساعدات لمخيم الركبان بعد 8 سنوات من الحصار.
وفي بيان لها، أول أمس الثلاثاء، قالت المنظمة إن الدفعة الأولى من المساعدات تشمل البذور وأدوات الري، والتي ستمكن السكان من زراعة غذائهم.
بالإضافة إلى اللوازم المدرسية لأكثر من 1000 طفل في المخيم ممن حرموا من التعليم.
كما يجري التحضير لشحنات إضافية من حليب الأطفال، وفيتامينات ما قبل الولادة، وكتب مدرسية، ومواد غذائية.
ومن المقرر، بحسب المنظمة، تسليم تلك الشحنات في الأسابيع المقبلة.
و”المنظمة السورية للطوارئ” هي منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي حديثه لـ “السورية نت”، قال أحمد الزغير، مسؤول التعليم في “المنظمة السورية للطوارئ”، إن هذا القرار يشكل “أهمية كبيرة”.
موضحاً أن قرار إدخال المساعدات يعني “كسر الحصار” المفروض على المخيم منذ سنوات، وبالتالي ضمان “الحياة والاستمرار” داخله.
وأضاف الزغير أن هذه الخطوة سوف تتيح إدخال المساعدات ضمن كافة القطاعات والمجالات، وعبر عدة منظمات إنسانية.
وحول آلية إدخال المساعدات للمخيم، قال الزغير إنها ستكون عبر قاعدة التنف العسكرية، وعلى متن الطائرات العسكرية الأمريكية.
ومن المقرر تسليم المساعدات من قبل “السورية للطوارئ” إلى قاعدة عين الأسد الجوية، وهي معسكر للقوات المسلحة العراقية يقع في محافظة الأنبار العراقية.
ثم إلى قاعدة التنف، حيث يقوم طاقم المنظمة السورية للطوارئ في المخيم بتوزيع المساعدات على السكان، حسب بيان المنظمة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يشارك فيها الجيش الأمريكي في إيصال الإمدادات إلى الركبان، رغم اعتراض النظام وروسيا.
إذ عملت المنظمات غير الحكومية مع الجيش الأمريكي لإيصال المساعدات باستخدام طرق الإمداد العسكري.
مخيم الركبان والخطوة المقبلة؟
بحسب مسؤول التعليم في “السورية للطوارئ”، فإن التحركات الإنسانية لن تتوقف عند هذا القرار فقط.
وأوضح أن الخطوة المقبلة تتمثل بالتواصل مع جميع المنظمات التي تستطيع الدخول للمخيم، وتشجيعها على إيصال المساعدات للسكان.
كما تتمثل بمتابعة تطبيق القرار، وتأمين إدخال المساعدات، وضم منظمات جديدة للعمل، بحسب الزغير.
من جانبه، قال معاذ المصطفى، المدير التنفيذي لفريق عمل “المنظمة السورية للطوارئ” لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إن الخطوة المقبلة بعد هذا القرار هو إحداث “ثورة كاملة” في نظام التعليم في مخيم الركبان.
وأضاف أنه سيتم “الوصول إلى المعلمين، والتأكد من قدرة السكان على الزراعة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي”.
وخلال 8 سنوات من الحصار، غاب النظام المدرسي تماماً عن أطفال المخيم، حيث كانوا يكتفون بدراسة 3 كتب فقط.
لكن يأمل القائمون على العملية الإنسانية أن يتغير ذلك، مع التحضير لإدخال 12 ألف كتاب مدرسي للمخيم.
وبحسب المصطفى، فإن إيصال المساعدات للركبان مدعوم بتبرعات أمريكية جمعتها “المنظمة السورية للطورائ”، بعد أن تمكنت من إيجاد مخرج قانوني لاستغلال المساحة المتاحة في العمليات الجارية.
ويرى محللون أن التحديات المقبلة تتمثل في توفر القوافل والبنية التحتية اللازمة للتخزين، خاصة تخزين الأغذية.
كما أن تقييد الحركة سيبقى التحدي الأبرز للسكان، الذين لا يملكون إمكانية الدخول والخروج بحرية، خاصة في حالات الطوارئ الطبية، مع استثناءات قليلة جداً للأفراد العاملين في الجيش الأمريكي.
النظام وروسيا ومخاوف العراقيل
رغم أن قرار إدخال المساعدات للركبان أعطى دافعاً وأملاً جديداً لسكانه، لا يزال الكثيرون منهم يخشون على مستقبلهم داخل المخيم.
وتتخوف المنظمات العاملة في المنطقة من عرقلة النظام وروسيا لهذا القرار، بسبب الحصار الذي فرضه عليه الجانبان منذ 8 سنوات.
وقال أحمد الزغير، مسؤول التعليم في المنظمة، لـ “السورية نت”، إن النظام قد يعمل مستقبلاً على عرقلة إيصال المساعدات.
ولم يصدر أي تعليق من النظام وروسيا حول هذا القرار، حتى اللحظة.
وأُنشئ مخيم الركبان عام 2014، ليكون نقطة عبور للعائلات التي فرت من قصف وهجمات قوات الأسد، وأرادت الوصول إلى الأردن.
وينحدر معظم قاطنيه من أرياف حمص وحماة والرقة ودير الزور.
ويزعم النظام أن المخيم أصبح مأوى لـ”الإرهابيين” و”المطلوبين” لأجهزته الأمنية، إلا أن المنظمات الإنسانية تؤكد أن معظم قاطنيه من الأطفال والنساء.
وحاول النظام سابقاً فرض “التسوية” على سكان المخيم إلا أنهم رفضوا، ما جعلهم في مواجهة الحصار، ونقص المساعدات الغذائية والدوائية.
وكانت آخر قافلة مساعدات أممية دخلت المخيم عام 2019، ثم تلقى السكان بعدها سلالاً غذائية غير منتظمة من الأمم المتحدة.
كما أن بعض الأغذية كانت تصل عن طريق التهريب من مناطق النظام بأربعة أضعاف سعرها.