قدمت المعارضة التركية في برنامجها الانتخابي وعوداً بتغيير العديد من السياسات، خاصة فيما يتعلق بالتعاطي مع الملف السوري، بدءاً من قضية اللاجئين السوريين في تركيا، وانتهاءً بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، في محاولة منها لكسب ورقة انتخابية “رابحة”.
وفيما يصعب التكهن بنتائج الانتخابات، تشير تقارير إلى أن فرص الفوز متساوية بين الحكومة التركية الحالية والمعارضة، مع تساؤلات تدور حول إمكانية أن تفي الأخيرة بوعودها “الشائكة” حول سورية.
ورقتان للرهان
موقع “ميدل إيست أي” البريطاني، قال في تقرير له اليوم الخميس، إنه بالرغم من التعهدات التي قدمتها المعارضة تجاه تطبيع العلاقات مع الأسد، إلا أنها ستجد نفسها مقيدة بسبب “التعنت السياسي” لنظام الأسد.
وأضاف أن مصالح المعارضة التركية في سورية محدودة للغاية على الصعيدين السياسي والاجتماعي، كونها تركز في المقام الأول على تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، وإعادة جميع اللاجئين السوريين، وهذا يعكس عدم فهم المعارضة للواقع في سورية، حسب الموقع.
وبينما أبدت الحكومة التركية الحالية استعدادها للتواصل مع دمشق، كان نظام الأسد يتباطأ في المحادثات ويناقض أنقرة لإبراز نفسها على أنها الطرف المفاوض الأقوى، إذ لا يريد النظام منح الرئيس رجب طيب أردوغان هدية انتخابية.
وفي حال تسلمت المعارضة الحكم، ستباشر المحادثات مع النظام على مستوى وزراء الخارجية، ومن المرجح بحسب “ميدل إيست أي” أن تقوم بتعيين سفير جديد في سورية، وتطبع العلاقات بشكل كامل.
لكن ماذا عن الشروط المسبقة التي طالب بها رئيس النظام السوري بشار الأسد، والمتعلقة بالانسحاب الفوري والكامل للقوات التركية من الأراضي السورية، ووقف دعم المعارضة السورية؟
مأزق جديد للمعارضة
بحسب التقرير البريطاني، فإن شرط النظام لوقف دعم المعارضة السورية يتماشى مع موقف المعارضة التركية، التي تنوي قطع الدعم عنها.
وأضاف: “جادل بعض المحللين بضرورة انضمام تركيا إلى نظام الأسد للقضاء على هيئة تحرير الشام وقوات سوريا الديمقراطية.. إلا أن شخصيات بارزة من حزب المعارضة التركي الرئيسي قد خلطت بين هيئة تحرير الشام والدولة الإسلامية”.
إلى جانب ذلك، قد يبدو نزع سلاح المعارضة السورية المدعومة من تركيا “أمراً سهلاً” لبعض السياسيين الأتراك المعارضين، لكن بدون حل سياسي في سورية وخارطة طريق لإصلاح الهيكل العسكري للبلاد، فإن أي محاولات لنزع السلاح قد تفشل أو تجر تركيا إلى مغامرة جديدة.
وبالوقوف على شرط الانسحاب من سورية، قد لا تحرص المعارضة التركية على البقاء، لكنها تريد ضمانات أمنية وآلية لعودة اللاجئين قبل الانسحاب، وهي شروط قد يوافق عليها نظام الأسد لكنه ليس جديراً بتنفيذها، كما حصل في لبنان والأردن.
ويرى الموقع البريطاني أنه من المحتمل أن يكون الطرفان قادرين على التوصل لاتفاق على الورق، لكن كيفية تنفيذه على الأرض يمكن أن تكشف عن تناقض بين الأقوال والأفعال.
وأضاف: “لا يمكن للمعارضة التركية حل هذا المأزق إلا إذا قبل نظام الأسد عملية انتقال سياسي تماشياً مع قرار الأمم المتحدة رقم 2254، لكن الإشارات الطيبة والكلمات اللطيفة لن تحفز نظام الأسد على تقديم تنازلات كان قد رفض تقديمها خلال العقد الماضي”.
وختم التقرير بقوله: “ستقدم المعارضة وعوداً لا يمكنها الوفاء بها، وسوف توقع صفقات لن يتم تنفيذها، مما يخلق فجوة بين الإجراءات الدبلوماسية والعسكرية.، وبالتالي لن تؤدي المعارضة إلا إلى إضعاف موقف تركيا في سورية”.
وتتجه الأنظار خلال الأيام المقبلة نحو الانتخابات الرئاسية التركية في 14 مايو/ أيار الجاري، والتي تُعتبر حدثاً سياسياً هاماً على الساحتين الإقليمية والدولية، كونها تضع الرئيس أردوغان وحزبه أمام اختبار حقيقي مع احتمالية فوز المعارضة التركية.
ويواجه رجب طيب أردوغان 3 مرشحين آخرين، أبرزهم مرشح “تحالف الأمة” المعارض وزعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كليتشدار أوغلو، إلى جانب زعيم حزب “البلد” محرم إنجه، والمرشح عن تحالف “أتا” القومي سنان أوغان.