نشر مركز السياسة العالمية (CGP) تقريراً مطولاً تناول فيه الانتخابات المقبلة لمجلس الشعب التابع لنظام الأسد، والتي يصعد فيها “رجال حرب”، كانوا قد استفادوا على مدار السنوات الماضية، مع وقوفهم إلى جانب النظام.
وقال المركز في تقريره الذي نشر اليوم الاثنين، وترجمه فريق “السورية.نت”، إن الانتخابات التي يحضّر لها حالياً لا توجد فيها أي معارضة، “لا علمانية ولا إسلامية، ولا متطرفة أو معتدلة”.
وأضاف أن “أكثر من نصف مقاعد المجلس البالغ عددها 250 محفوظة لحزب البعث الحاكم وحلفائه في الجبهة الوطنية التقدمية، ما يجعل الانتخابات غير مهمة للوهلة الأولى”.
ومع ذلك، أشار المركز إلى أن “تصويت 2020 سيكون مثيراً للاهتمام بشكل خاص، لأنه سينتج مجموعة ستوقع على الدستور الجديد، عند اكتماله، وسوف ترشح الرئيس المقبل”.
وتابع: “لهذا السبب، لم يُسمح حتى للمعارضة الصديقة للنظام التي تتخذ من دمشق مقراً لها، والتي يُعتقد عموماً بأنها مرتبطة بأجهزة الأمن، بالترشح”.
كما فشل أعضاء المعارضة الموالية لروسيا (التي تدعو إلى التغيير ولكن تحت القيادة الحالية) في المشاركة في الانتخابات، وبحسب المركز “بدلاً من ذلك، يستغل المستغلون في الحرب الآن لوحات الانتخابات، إلى جانب رجال الميليشيات السابقين الذين أسقطوا أسلحتهم ويتطلعون الآن إلى منصب سياسي”.
ووفق دستور عام 2012، فإن انتخابات “مجلس الشعب” تجري كل أربع سنوات، كان أحدثها في نيسان 2016.
ويأتي التحضير للانتخابات في ظل تطورات تشهدها الساحة السورية على الصعيد العسكري والسياسي، ولاسيما عقب دخول “قانون قيصر” حيز التنفيذ، وإصرار أمريكا والدول الغربية على حلٍ سياسي لسورية، وفق قرار مجلس الأمن 2254، والذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالية، وإجراء انتخابات “نزيهة”، برعاية الأمم المتحدة.
رجل الميليشيات إلى سياسيين
وحسب تقرير المركز، فإن غالبية المرشحين لـ”مجلس الشعب”، من قادة الميليشيات، التي قاتلت إلى جانب قوات الأسد، في عدة مناطق سورية.
ومن بينهم: عبد الإله عبده من “لواء القدس”، وعمر حسن من “لواء باقر”، وفضل وردة من “كتائب البعث”.
بالإضافة إلى باسل سودان من “كتائب البعث” (يتنافس على منصب في اللاذقية)، وهادي شرف، الذي يرأس شقيقه الفرع السوري لمنظمة “شهداء حزب الله”.
وأشار “مركز السياسة العالمية” إلى أن جميع الرجال المذكورين “لم يسمع بهم قبل عام 2012، إذ قاتلوا مع الإيرانيين وحزب الله حتى عام 2015، ثم انتقلوا إلى المدار الروسي”.
وبعد أن بدأ الروس في حل هذه التشكيلات، أضاف المركز: “بدأوا في العثور على وظائف جديدة، من بينها أعضاء مجلس الشعب”.
ومما لاشك فيه أن أبرز قادة الميليشيات، وهو “براء قاطرجي”، يعتبر من أبرز المرشحين للانتخابات الحالية عن مدينة حلب، وهو “مهرّب تحول إلى سياسي، ويعمل حالياً في اللجنة الدستورية المكلفة بتفويض من الأمم المتحدة”.
كما يعتبر قاطرجي، من أبرز الشخصيات الوارد اسمها على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية، على خلفية ضلوعها في تهريب النفط الخام لنظام الأسد.
ويتنافس حالياً ما مجموعه ستة من قادة الميليشيات على مناصب في المجلس، بالإضافة إلى 15 ممن شاركوا في نشاط الميليشيات.
وأوضح المركز أن “ليس كلهم من العلويين والشيعة، بل تضم القائمة السنة مثل محمد شعبان بري، الذي ينحدر من قبيلة قيس، وهي قبيلة بدوية بارزة قاتلت إلى جانب حزب الله في معارك ريف حلب عام 2016”.
بالإضافة إلى ذلك، “تم تخصيص حصة غير معلنة لعائلات الجنود الذين أصيبوا أو قتلوا في الحرب ، معظمهم من أفراد المجتمع العلوي”.
تغيير قوة الحزب
إلى جانب ما سبق، فإن اللافت في الانتخابات التي يحضّر لها نظام الأسد هو أن “الحزب القومي الاجتماعي السوري”، ثاني أكثر الأحزاب نفوذاً في سورية بعد “البعث”، تم منعه من الترشح للبرلمان، بعد أن تم حله قبل أشهر فقط من الانتخابات.
وكان “الحزب القومي الاجتماعي” أقدم أحزاب سورية، ويعود تاريخه إلى أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي.
و”حزب البعث” نفسه يشغل حالياً 168 مقعداً من أصل 250 مقعداً في “مجلس الشعب”، وكلها فازت في عام 2016.
التغيير الوحيد هذا العام، وفق المركز هو أن “البعثيين” خضعوا لانتخابات داخلية (استئناس حزبي)، لتحديد من الذي سيرشح نفسه نيابة عن الحزب.
فيما “تم إلغاء الامتيازات السابقة لمسؤولي الحزب، مثل المنزل المجاني والسيارات، بسبب الاقتصاد السوري الذي يعاني من ضائقة مالية، وتم إخبار نواب البعث القادمين بأنه يجب ألا يتوقعوا أي مكافأة مالية على خدمتهم”، حسب المركز.
وأوضح المركز أن “هؤلاء المرشحون سيضمنوا عند انتخابهم عدم الموافقة على مادة واحدة في الدستور المقبل، إذا كانت تحتوي على أدنى تحدٍ لسلطات الرئيس”.
وكان الروس قد حاولوا دون جدوى في 2018 دفع مسودة دستورية ألغت 23 من سلطات بشار الأسد، مثل الحق في تسمية رئيس الوزراء، والحكومة، ومحافظ البنك المركزي، لكنها أبقت سيطرة الأسد على الجيش والأجهزة الأمنية.
واعتبر المركز أنه “إذا تم فرض أي من هذه البنود على اللجنة الدستورية في جنيف، في الجولة المقبلة، آب 2020، فسيتم تكليف البرلمان المقبل برفضها من داخل المجلس”.
نقطة شائكة أخرى هي فترة الرئاسة، ووفقاً للمسودة الروسية، يحصل رئيس الجمهورية على فترتين فقط، بدءاً من اليوم التالي لاعتماد دستور جديد.
وقال المركز: “هذا يعني أن السنوات الـ 21 الأولى للرئيس بشار الأسد في السلطة لن تحتسب، وسيبقى لمدة تصل إلى فترتين إضافيتين تنتهي في عام 2035″، مضيفاً:”لكن إذا تم تمرير الدستور في اليوم التالي للرئيس وأدى اليمين الدستورية، لن تدخل هذه الفقرة حيز التنفيذ إلا بعد انتهاء ولايته الرابعة في عام 2028، مما أبقى الأسد في السلطة حتى عام 2042”.
وحسب المركز: “سيحاول الأعضاء المرشحون حالياً في مجلس الشعب تأجيل تمرير أي دستور جديد، حتى بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في مايو 2021، وعندما يمر لن يكون أكثر من طلعبة روسية، مصممة خصيصاً لتناسب الكرملين ودمشق على حد سواء”.