يتصدر الملف السوري حديث وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى من بينها صحيفة “واشنطن بوست” ومجلة “فورن بوليسي” واللتان نشرتا مقالين تحدثتا فيه عن السياسة التي يتبعها الرئيس الأمريكي جو بايدن حيال سورية.
ومنذ أسابيع يتردد حديثٌ بكثرة عنوانه “إعادة التطبيع مع الأسد”، وعلى الرغم من أن يرتبط بما أقدم عليه الأردن مؤخراً، إلا أنه يأخذ مسارات أوسع، سواء على المستوى العربي أو الدولي.
ويرى مراقبون أن سورية بكامل خريطتها قد تقبل على أبواب مرحلة جديدة.
وفي الوقت الذي تغيب فيه وجهة المكاسب لأي طرف تشير تقديرات إلى أن نظام الأسد سيكون رابحاً بشكل أو بآخر، لاسيما في ظل غياب السياسة الأمريكية الواضحة للبلاد، منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض.
“بايدن يتقاعس”
في مقالة لها اليوم السبت انتقدت مجلة “فورن بوليسي” ما وصفته بـ”تقاعس الرئيس بايدن عن سورية”، مشيرةً إلى أن ذلك يهدد بإعادة التطبيع مع بشار الأسد وجرائمه التي ارتكبها خلال السنوات العشر الماضية.
وتقول المجلة: “على الرغم من أن إدارة بايدن نفسها قد لا ترحب بعودة الأسد إلى الحظيرة الدبلوماسية بأذرع مفتوحة، إلا أنها ومن الواضح تركت الباب مفتوحاً للآخرين للقيام بذلك”.
وتتابع: “محطمة (إدارة بايدن) الأعراف الدولية ومكافأة مجرمي الحرب الأكثر شهرة في القرن الحادي والعشرين بإعادة التطبيع”.
وعلى الرغم من أن أحداً لم يتوقع من إدارة بايدن أن تضع سورية على رأس جدول أعمال سياستها الخارجية أو بالقرب منها، إلا أن تركيزها المزدوج على حقوق الإنسان والحاجة إلى “دبلوماسية لا هوادة فيها” بدلاً من الحرب أثار الآمال مؤخراً في أن “سورية قد تحظى بفرصة من الدبلوماسية”.
واستعرضت المجلة في سياق المقال جميع الخطوات التي شهدتها الأسابيع الماضية، والتي تصب في إعادة تأهيل نظام الأسد، بينها عودة العلاقات الأردنية، وما سبق ذلك من الإعلان عن مشروع خط الغاز الذي يمر من سورية باتجاه لبنان، قادماً من الأراضي الأردنية والمصرية.
وبحسب “فورن بوليسي”: “يبدو أن إستراتيجية عدم التدخل التي تتبعها إدارة بايدن إلى حد كبير -أو ربما بشكل أكثر صراحة- نهج ذو وجهين (لا يحبون التطبيع، ولكن يرفضون منع القيام به، وفي بعض الأحيان، يسهّلون التطبيع مع الأسد) هو جزء من فلسفة أوسع لما يسمى اللاستقرار المفوض تجاه الشرق الأوسط”.
وجاء في المقال: “حيث تُمنح الدول المحلية إذناً ضمنياً لمحاولة حلّ القضايا الإقليمية الحادة بنفسها بأقل قدر من التدخل الأمريكي”.
“تأييد ضمني”
من جانبها نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الجمعة مقالاً تحت عنوان “بايدن يؤيد ضمنياً التطبيع مع الأسد”.
وجاء في المقال أن ملك الأردن، عبد الله الثاني، يقود تطبيعاً إقليمياً سريعاً مع حكومة النظام السوري، منذ لقائه بالرئيس الأمريكي، جو بايدن، في البيت الأبيض.
وتعارض الجهود الأردنية في التطبيع السياسة الأمريكية وقوانينها المفروضة بما يخص سورية، ولكن الإدارة الأمريكية قررت أنها لن تفعل شيئاً بهذا الخصوص.
وأنهى ملك الأردن في المكالمة الهاتفية التي أجراها مع الأسد سياسة استمرت لمدة عقد من الزمن، لـ”عزل الدكتاتور السوري بسبب فظائعه الجماعية، وعنفه غير المقيّد على المدنيين، والذي كانت له آثار كارثية في جميع أنحاء المنطقة وخارجها”.
وبحسب الصحيفة يجادل مؤيدو التطبيع بأن عشر سنوات من العزلة والضغط على الأسد لم تسفر عن أي تقدم في تسوية سياسية، في حين أدت العقوبات إلى تفاقم معاناة السوريين.
كما يجادلون بأن الانخراط العربي يمكن أن يضعف القوة الإيرانية في سورية، وكان بريت ماكغورك، كبير مستشاري بايدن للشرق الأوسط في البيت الأبيض، أحد المؤيدين الرئيسين لمثل هذا النهج على مر السنين.