بن زايد هاجم الأسد بـ2012..هذه أبرز محطات علاقة الإمارات بالنظام
“كفى قتلاً وتعذيباً ومجازر وكفى علينا المشاهدة” بهذا الكلمات، وجه وزير الخارجية الإمارتي، عبد الله بن زايد(شقيق محمد)، سنة 2012، تساؤلات إلى المجتمع الدولي حول المدة التي سيستمر فيها الصمت والسكوت عن المجازر التي يرتكبها نظام الأسد بحق السوريين.
حديث بن زايد حينها، الذي أطلقه أمام العشرات من وزراء خارجية الدول، التي وصفت نفسها بأنها “صديقة الشعب السوري” في مؤتمر باريس، يوليو/تموز 2012، اعتبره كثيرون بأنه اصطفاف الإمارات إلى جانب الشعب السوري مع بقية الدول الخليجية.
وتساءل بن زايد في كلمته، التي وُصِفت حينها بأنه “مشرفة” و”قوية”، “إلى متى سنعطي النظام السوري الحجة علينا أنه يستطيع أن يضحك ويضحك ويضحك على المجتمع الدولي والشعب السوري يموت”.
واعتبر أن العقوبات الاقتصادية لن تغير سلوك نظام الأسد، قائلًا “لا أعرف كما من أعداد من أخوتنا في سورية يجب أن يموتوا قبل أن نبحث عن تغيير هذه الاستراتيجية”.
لكن بعد سنواتٍ قليلة من خطابه هذا، بدأت العلاقات بين الإمارات ونظام الأسد، بالعودة تدريجياً، وإن كان بشكلٍ غير مُعلن تماماً على المستوى السياسي.
وتحت حجة “الإنسانية” ومواجهة “كورونا”، وعلى الرغم من استمرار النظام بارتكاب نفس الجرائم التي دفعت بن زايد لمهاجمته سنة 2012، إلا أن أبو ظبي راجعت موقفها من نظام الأسد منذ سنوات، حتى ذهب محللون إلى أن العلاقات ربما لم تنقطع إلا مدة قصيرة، تحولت فيها العلاقات لحالة العداء. وكما يقال فإن السياسة قائمة على المصالح، وعدو الأمس قد يصبح صديق اليوم.
ويرصد فريق “السورية. نت” أبرز المحطات التي مرت بها العلاقات بين نظام الأسد والإمارات العربية المتحدة منذ بداية الثورة السورية وحتى اليوم.
متابعة التطورات
عملت الإمارات خلال الأشهر الأولى لاندلاع الثورة السورية، على متابعة التطورات الميدانية والسياسية، كغيرها من الدول الخليجية، التي حاولت الضغط على النظام، من أجل عدم السماح للأوضاع بالتفاقم وإيجاد حلول للخروج من الأوضاع.
واستقبل ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في 5 يونيو/حزيران 2011، وزير خارجية نظام الأسد، وليد المعلم، على الرغم من تصاعد الأحداث في المدن السورية وخاصة في درعا، ومقتل واعتقال العشرات من السوريين على يد مخابرات الأسد.
وأبلغ بن زايد حينها وليد المعلم بأن الإمارات تتابع “باهتمام بالغ” التطورات في سورية، داعياً إلى الإصلاح والحاجة إلى الاستقرار كونهما هدفان متلازمان ويمكن التوفيق بينهما.
وطلب بن زايد، المعلم، أيصال تحياته إلى رئيس النظام، بشار الأسد، معربًا عن أمينته بخروج سورية وشعبها من المِحنة.
بدء التحرك ضد النظام
ومع تصاعد العنف من قبل نظام الأسد، وضربه دعوات الدول والجامعة العربية إلى الهدوء والبدء بعملية الحوار مع المعارضة، عرض الحائط، قررت الدول الخليجية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع النظام.
وأعلنت الدول الخليجية، في 6 مارس/آذار 2012، بما فيها الإمارات، استدعاء سفرائها من سورية، والطلب من جميع سفراء النظام مغادرة أراضيها “بشكل فوري”، لكن دولة الإمارات أبقت على بعثة دبلوماسية للنظام على أراضيها من أجل تسيير معاملات السوريين المتواجدين على أراضيها.
كما انضمت الإمارات إلى حلف أصدقاء سورية الذي يضم 100 دولة، والذي اعتبر أن الحل في سورية سياسي، وشدد على رحيل النظام ورئيسه، بشار الأسد.
كما عارضت الإمارات في 2014 إجراء الانتخابات الرئاسية للنظام على أراضيها، وحملت الفشل في الملف السوري إلى عدم حدوث توافق ميداني ودولي عليها.
علاقات اقتصادية خفية
لكن في ظل تصريحات سياسية من قبل مسؤولين إماراتيين ضد النظام، تحولت مدينة دبي إلى مكان لإقامة شخصيات من عائلة الأسد، أهمها بشرى الأسد شقيقة رئيس النظام بشار الأسد، وزوجة العماد المقتول آصف شوكت، بحسب ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط في 2012.
كما كانت والدة الأسد مقيمة في دولة الإمارات، وتوفت في دبي في فبراير/شباط 2016، قبل نقل الجثمان ودفنها في اللاذقية، إلى جانب استثمارات رامي مخلوف، ابن خال الأسد، والذي يملك استثمارات متعددة وأبراج وسط مدينة دبي.
كما أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على شركة “بانجيتس” ومقرها الشارقة، بسبب توريدها منتجات نفطية لسورية، منها وقود طيران من عام 2012 حتى أبريل/نيسان 2014، مرجحة أن هذه المنتجات استخدمت في أغراض عسكرية.
كما لعبت الإمارات دوراً خفياً في تعاملها مع فصائل المعارضة السورية، وخاصة في الجنوب السوري، إذ حاولت تطويعهم وزرع العملاء بينهم، ما أدى إلى تفككها ودفعها إلى إجراء “تسويات”.
عودة العلاقات
وفي 27 ديسمبر/كانون الأول 2018، أعلنت الإمارات إعادة افتتاح سفارتها في دمشق بشكل رسمي وتكليف عبد الحكيم النعيمي للقيام بالأعمال بالنيابة.
وربط وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، حينها عودة العلاقات مع نظام الأسد، إلى الوقوف في وجه التدخلات الإيرانية في المنطقة.
وقال قرقاش إن “الجميع مقتنع بأنه لا بد من مسار سياسي لحل الأزمة السورية، وإن فتح الاتصال مع دمشق لن يترك الساحة مفتوحة للتدخلات الإيرانية”.
وإلى جانب ذلك بدأت زيارة الوفود الاقتصادية بين البلدين، وعودة الشركات الإماراتية للاستثمار إلى داخل سورية.
وفي ظل أنباء عن وجود علاقات بين النظام والإمارات بشكل خفي، ظهرت هذه العلاقات إلى العلن باتصال ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد مع رئيس النظام بشار الأسد، الجمعة الماضي.
وفي تغريدة على حسابه الرسمي، بموقع “تويتر”، قال بن زايد:”بحثت هاتفيًا مع الرئيس السوري بشار الأسد تداعيات انتشار فيروس كورونا، وأكدت له دعم دولة الإمارات ومساعدتها للشعب السوري الشقيق في هذه الظروف الاستثنائية.. التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسورية العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة”.
من جهته اعتبر قرقاش عبر حسابه في “تويتر” أن “الظروف الاستثنائية المرتبطة بفيروس كورونا تتطلب خطوات غير مسبوقة، وتواصل الشيخ محمد بن زايد بالرئيس السوري هذا سياقه”.
كما اعتبر أن “البعد الإنساني له الأولوية وتعزيز الدور العربي يعبر عن توجه الإمارات، خطوة شجاعة تجاه الشعب السوري الشقيق تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة”.