تحديات بعد الزلزال شمالي سورية..تضرر مليون شخص في 137 مدينة وبلدة
فاقم الزلزال المدمر، الذي ضرب مناطق الجنوب التركي والشمال السوري، ماساة عشرات آلاف العائلات في شمال غربي سورية، إذ أن ربع سكان الشمال السوري تضرروا بشكل مباشر، في الزلزال الذي أدى لكوارث وأضرار كبيرة في في 137 مدينة وبلدة في شمال غربي سورية.
جاء ذلك في ورقة بحثية نشرها “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” مؤخراً، حول تحديات “منظومة الاستجابة المحلية” في شمال غربي سورية، في مرحلة ما بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة فجر 6 شباط/فبراير الماضي.
وتخوض الورقة التي أعدها الباحث مناف قومان في التحديات التي تواجه “منظومة الاستجابة” والفاعلين بها، كما تضمنت توصيات تساعد في الخروج من أزمة الكارثة.
وأشارت الورقة أن عملية الاستجابة خلال الكارثة، جرت من قبل الفواعل والمجالس المحلية والحكومة المؤقتة والمنظمات السورية عبر ثلاث مستويات هي:
المستوى الأول: إنقاذ العالقين تحت الأنقاض.
المستوى الثاني: الاستجابة الطارئة عبر تقديم خدمات إغاثية للنازحين والمتضررين.
المستوى الثالث: القيام بعملية إحصاء وتقييم الأضرار والماكينة الإعلامية
صعوبات تواجه عمليات الاستجابة
بحسب الورقة البحثية، يعاني نموذج الاستجابة من عدة تحديات أبرزها التحديات الحوكمية.
فالهوة بين المجالس المحلية ونقص التنسيق فيما بينها وتعدد تبعية المجالس المحلية لأكثر من والي تركي، ساهم في تعميق حالة الهشاشة في البنية الحوكمية وغياب التنسيق والتخطيط الاستراتيجي، وهو ما انعكس بشكل واضح على عمل عدة قطاعات وفي مقدمتها قطاع الاستجابة.
وأدّى تزايد الكثافة السكانية في شمال غربي سورية إلى ضغوط متزايدة على المنظمات لتلبية احتياجات النازحين وحل مشاكل المخيمات، وهو ما دفع المنظمات إلى تخصيص قسم كبير من الأموال للاستجابة الطارئة والإغاثة.
يضاف إلى ذلك التحيات الاقتصادية، فنقص الموارد وسوء الأوضاع الأمنية وضعف القوة الشرائية للمواطن أضعف أدوار القطاع الخاص في المشهد الاقتصادي، ما انعكس سلباً على قطاعات التجارة والزراعة والصناعة ومناخ الاستثمار وعدم خلق فرص عمل، وهو ما زاد من حجم الاحتياج في قطاع الاستجابة عموماً.
تحديات سياسية واقتصادية إضافية بعد الزلزال
تنجم التحديات السياسية التي تقف عائقاً أمام عمليات الاستجابة في المرحلة المقبلة، عن استثمار النظام وحلفائه لأزمة الزلزال من خلال استعادة العلاقات السياسية وتحقيق مكاسب سياسية.
وتتمثل هذه المكاسب برفع العقوبات تحت ذريعة إيصال المساعدات الإنسانية للمنكوبين، ويمكن في حال تطوّر هذا المسار تجميد مسارات الحل السياسي الأممية، والتضييق على أجسام ومناطق المعارضة، ومواجهة صعوبات في آلية تمديد نقل المساعدات الأممية عبر الحدود خلال ستة الأشهر القادمة، واستبدالها بالنقل عبر “الخطوط”.
أما بالنسبة للتحديات الاقتصادية، فالكارثة ضاعفت من أضرار البنية التحتية من طرقات ومياه وكهرباء واتصالات، وزيادة أعباء إدارة ملف الإسكان مع تبعاته الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
ونقص الأموال والمساعدات الدولية يتسبب بآثار سلبية على مسار التعافي المبكر في المنطقة وسوء أوضاع النازحين واتساع أعداد الفقراء.
توصيات
تضمنت الورقة البحثية توصيات من أجل مواجهة الكارثة التي أتى بها الزلزال على ريف حلب وإدلب والتحديات التي انبثقت عنها.
أول هذه التوصيات هي تأسيس مؤسسة إدارة الكوارث والطوارئ في ريف حلب وإدلب يتولى إدارتها فريق “الدفاع المدني”.
تنحصر مهام هذه الإدارة بكل ما يتعلق بالكارثة على اختلاف تصنيفاتها وتعريفاتها سواءً كانت طبيعية مثل الزلازل أو صحيّة مثل الأمراض والأوبئة أو القصف وإزالة الركام ومعالجة النفايات.. إلخ.
التوصية الثانية، إيجاد آلية موحّدة لإحصاء وتقدير الأضرار عبر مؤسسة تعمل على إصدار تقارير بمنهجية رصينة، وتتحول إلى إصدار بيانات اقتصادية واجتماعية تقدّم لأصحاب المصلحة في سبيل النهوض بالمنطقة وتعافيها من الحرب والكارثة.
التوصية الثالثة، ابتداع المجالس المحلية والمنظمات العاملة برنامجاً وطنياً خاصاً يحمل أهدافاً ورؤيةً وطنيةً عابر لبرامج الأمم المتحدة، يتلاءم وظروف المنطقة ويساعدها على التعافي.
ويتم إطلاقه عبر منصة إعلامية خاصة تضم هيئة منتخبة من المنظمات والمجالس.
ونوّهت الدراسة على أنه يجب الاستفادة من دروس كارثة الزلزال منها:
- تحديد نقاط الضعف التي فاقمت الخسائر البشرية جراء الزلزال ومحاسبة المسؤولين المحتملين عن التسبب في إزهاق الأرواح، وتحديد العقبات التي أسفرت عن تأخير الاستجابة للمتضررين والمصابين.
- القيام بحملات مناصرة مستمرة في أروقة الأمم المتحدة، للدفع باتجاه استمرار إدخال المساعدات عبر الحدود عن طريق الأمم المتحدة ودون ولاية مجلس الأمن وقرارته محدودة المدة.
- دعم التنسيق البيني للمنظمات العاملة على الأرض بهدف توفير الجهود وعدم تكرارها وحشد الموارد لتحقيق الأهداف المنشودة.