تحليل: إيران تستثمر “تمرد فاغنر” لصالحها وتربك بوتين في سورية
لا يزال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يواجه تحديات على خلفية التمرد الذي نفذته مجموعة “فاغنر” مؤخراً، والذي قد يؤدي لتداعيات كبيرة متعلقة بالوجود الروسي في سورية.
وبحسب تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أمس الأربعاء، فإن روسيا احتجزت عدداً من قادة “فاغنر” في سورية، ونقلتهم إلى قاعدة “حميميم” الروسية في اللاذقية، كـ “إجراء احترازي”.
ونقلت عن مصادر متعددة قولها إن الشرطة العسكرية الروسية اعتقلت ما لا يقل عن أربعة من قادة “فاغنر” في سورية.
وأضافت أن الجميع ما زالوا محتجزين في منشأة مغلقة داخل “حميميم”، دون الكشف عن مصيرهم حتى اللحظة.
إيران تستثمر لصالحها
يشير تحليل المجلة الأمريكية إلى أن إيران سارعت لاستثمار تمرد “فاغنر” لصالحها في سورية، حيث عززت من مواقع ميليشاتها الخاصة هناك.
وأضاف أن بوتين “يواجه خياراً صعباً للغاية بين معاقبة بريغوزين (قائد فاغنر) والتنازل عن نفوذ ومساحات كبيرة لصالح إيران”.
وبحسب التحليل ينبغي على موسكو الاحتفاظ بآلاف المتعاقدين السوريين المحليين من مقاتلين ومرتزقة وحملة سلاح تحت قيادة “فاغنر”، وتأمين الدفع لهم.
لأن أي تراجع عن ذلك “سيفتح الطريق أمام أقرب منافس لروسيا في سورية، وهي إيران، لاستثمار الفجوة وتقديم عروض تسليح ورواتب أفضل لهؤلاء المقاتلين”.
وأضاف أن “فاغنر” لديها مجموعة أساسية من الجنود في سورية، يقدر عددهم بـ 1000 إلى 2000 جندي.
لكن وبحسب التحليل، تملك “فاغنر” في سورية شبكة أكبر من الجنود، تضم نحو 10 آلاف متعاقد عسكري.
ويعمل هؤلاء في حراسة البنية التحتية للنفط والغاز والفوسفات في مناطق سيطرة النظام.
كما تستخدم “فاغنر” قاعدة حميميم الواقعة على الساحل السوري كـ “نقطة انطلاق لأفرادها المسلحين إلى ليبيا ومالي والسودان وإفريقيا الوسطى”.
وبالتالي إذا قيّدت روسيا وصول عناصر “فاغنر” لتلك المناطق سيؤدي ذلك إلى “توقف إمبراطورية رئيس فاغنر، يفغيني بريغوجين عن العمل”.
وكانت موسكو قد خيّرت قادة “فاغنر” في سورية بين التوقيع على عقود جديدة مع وزارة الدفاع الروسية أو العودة للوطن.
وتشكل هذه القوات “أحد أبرز المكونات الأساسية التي تحمي مصالح موسكو في سورية”.
“ساحة معركة جديدة”
في تحليل آخر لمجلة “فورين بوليسي”، أمس الأربعاء، جاء فيه أن الكرملين كان قلقاً من وصول تمرد “فاغنر” إلى “الإمبراطورية الأجنبية الشاسعة” التي بنتها المجموعة.
وتركزت المخاوف على سورية، التي تشكل موطئ قدم لروسيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط ومنصة انطلاق لمجموعة “فاغنر”.
وبدأت “فاغنر” عملياتها في سورية عام 2015 ولا تزال هناك حتى اليوم، بحجة حماية حقول النفط ومناجم الفوسفات التابعة للنظام.
ومع إعلان “فاغنر” تمردها العسكري، قبل أسبوعين، والذي انتهى بعد 24 ساعة، بدأت روسيا باتخاذ إجراءات على الأراضي السورية لمنع انتشار التمرد هناك.
وبحسب المجلة الأمريكية، وصل نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، إلى دمشق في زيارة مفاجئة.
وطلب من النظام عدم السماح لمقاتلي “فاغنر” بمغادرة البلاد.
وأضافت أن روسيا “عززت الأمن في قواعدها في دير الزور، المنطقة الأكثر ثراءً بالنفط في البلاد”، والتي يتواجد فيها عناصر “فاغنر” بكثرة.
وتوقع التحليل أن تنتقل ساحة المعركة بين روسيا و”فاغنر” إلى سورية، ما يهدد استمرار “امبراطورية روسيا في الشرق الأوسط”.
ومع ذلك، قالت مصادر سورية للمجلة، إنه “لم تكن هناك مؤشرات واضحة على انتفاضة في القواعد الروسية أو بالقرب منها”.
وكان قائد مجموعة “فاغنر” أعلن تمرداً مسلحاً ضد الجيش الروسي، في 23 يونيو/ حزيران الماضي.
واتهم المؤسسة العسكرية الروسية بمهاجمة معسكر لمقاتلي “فاغنر” في أوكرانيا وقتل “كمية هائلة” من رجاله.
وأعلنت المجموعة السيطرة على منشآت عسكرية في منطقة روستوف الروسية.
ثم أعلنت “فاغنر” التوجه نحو العاصمة موسكو، قبل تدخل بيلاروسيا كطرف وسيط والتوصل إلى اتفاق أنهى التمرد.