تحليل: تركيا تغيّر من استراتيجيها العسكرية ضد “قسد” شرق سورية
شهدت العملية العسكرية التركية ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شرق سورية، خلال الأيام الماضية، تغيراً في النهج العسكري الذي كانت تتبعه أنقرة تجاه هذه المنطقة، وفق محللين.
إذ أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، انتهاء المرحلة الأولى من العملية العسكرية ضد “قسد” وتوعد باستمرار تنفيذ الضربات.
ورغم أن العملية العسكرية التركية جاءت كرد فعل على “هجوم أنقرة” الذي استهدف مبنى مديرية الأمن التابعة لوزارة الداخلية التركية، الأسبوع الماضي.
إلا أن هذه المرة برزت العديد من التغييرات الجديرة بالملاحظة فيما يتعلق باستراتيجيات أنقرة العسكرية والعملياتية.
وحدد “معهد الشرق الأوسط” في مقال تحليلي للباحثين محمد حسن وسامر الأحمد، اليوم الأربعاء، ثلاث نقاط رئيسية تظهر تغيرات في الاستراتيجية العسكرية التركية شرق سورية.
نطاق جغرافي أوسع
النقطة الأولى هو تغير في النطاق الجغرافي، إذ كانت العمليات التركية تتم داخل دائرة نصف قطرها الجغرافي محدود لا يزيد عن 10 كيلومترات من الحدود.
أما في العملية الحالية، فقد شملت الضربات مناطق واسعة بدءاً من المالكية في أقصى الشمال الشرقي لسورية، وحتى مدينة تل رفعت في ريف حلب الشرقي.
ونفذت تركيا غارات جوية قرب مدينة الحسكة التي تبعد نحو 70 كيلومتراً عن الحدود التركية.
كما تم توسيع منطقة العمليات لتشمل الأراضي التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” في الحسكة وحلب والرقة.
وشنت الطائرات الحربية التركية غارات جوية على بلدة تل رفعت ومطار منغ العسكري، بالإضافة إلى قواعد “قسد” في بلدة عين عيسى بريف الرقة.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، الخميس الماضي، أنها دمّرت 30 هدفاً في شمال وشرق سورية، تستخدمه “وحدات حماية الشعب”، التي تصفها أنقرة بـ”الفرع السوري” لـ”حزب العمال الكردستاني”.
كما صرّح وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أنهم “حيدوا أكثر من 150 إرهابياً في عمليات جوية ضد أهداف إرهابية بشمال سورية والعراق”.
طبيعة الأهداف
النقطة الثانية في العملية العسكرية التركية هي طبيعة الأهداف التي كانت هدفاً للطائرات التركية.
وخلال العمليات السابقة كان القصف التركي يقتصر على استهداف القادة المرتبطين بـ”حزب العمال الكردستاني” أو الموالين له داخل “قسد”.
أما العملية الحالية تميزت باستهداف البنية التحتية النفطية، “بما في ذلك حقول النفط ومصافي التكرير، بالإضافة إلى محطات الطاقة ومستودعات الأسلحة والمعسكرات العسكرية والمقرات الإدارية والمالية”.
وكان الرئيس التركي أكد، أمس، أن العملية استهدفت “أعضاء التنظيم الإرهابي والمنشآت التي يستخدمها الإرهابيون ومصادر الدخل وقدرات الإرهاب”.
وأشار إلى أنه منذ بداية الشهر الحالي أسفرت العمليات التركية عن تدمير 194 هدفاً تابعاً لمن وصفهم بـ “الإرهابيين”.
ومن بين الأهداف الي استهدفتها الغارات التركية مصنع الطوب في الحسكة، وحقل عودة النفطي في القحطانية ومصافي النفط في قرية كردحول.
وحسب الباحثين فإن “الغرض من هذه الاستراتيجية هو تجفيف مصادر تمويل حزب العمال الكردستاني في سورية، والتي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية”.
وضع قواعد جديدة للاشتباك
التطور الثالثة برز في قصف الطيران المسير التركي أهدافاً قريبة من قاعدة عسكرية تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في تل بيدر في الحسكة.
وكان مسؤولون أمريكيون أكدوا أن الولايات المتحدة أسقطت طائرة تركية مسلحة من دون طيار، كانت تعمل قرب قواتها في سورية.
وقال المتحدث باسم “البنتاغون”، بات رايدر، إن إسقاط المسيرة جرى لحماية القوات الأمريكية في المنطقة، إذ لاحظت الأخيرة أنشطة للجيش التركي على مسافة أقل من 1.5 كليومتر من نقاطها.
أردوغان يعلن انتهاء “المرحلة الأولى” في شرق سورية ويكشف تفاصيلها
وأقرت الخارجية التركية بإسقاط الطائرة دون طيار، لكنها أشارت إلى أن الطائرة “ضلت طريقها”.
وقالت الخارجية التركية في بيان لها إنه “خلال العملية، فقدت طائرة مسيرة بسبب التقييمات الفنية المختلفة في آلية خفض التصعيد، التي يتم تشغيلها مع أطراف ثالثة على الأرض”.
ووصف أردوغان إسقاط الطائرة بأنه “حادث غير سار”، مؤكداً أن “هذه الحادثة مسجلة في ذاكرتنا الوطنية، وعندما يحين الوقت المناسب سيتم بالتأكيد القيام بما يلزم”.
وحسب معهد الشرق الأوسط فإن “تركيا تحاول وضع قواعد جديدة للاشتباك لم يتم الاتفاق عليها مع القوى الأخرى الموجودة في المنطقة، وخاصة الولايات المتحدة”.
لكن إسقاط الطائرة من قبل التحالف الدولي يعني أن “الولايات المتحدة رسمت خطًا أحمر لا يُسمح لتركيا بتجاوزه، وهو استهداف المناطق التي تتواجد فيها قوات التحالف الدولي”.