أعطى القصف الإسرائيلي على مطاري حلب ودمشق الدوليين، قبل يومين، مؤشراً على محاولات إسرائيل لقطع طرق الإمداد الجوي، التي تستخدمها إيران لتمرير شحنات الأسلحة إلى سورية.
وقالت مصادر دبلوماسية واستخباراتية إقليمية لوكالة “رويترز“، اليوم السبت، إن الهجمات التي تنفذها إسرائيل باتت تضغط على الإمدادات الجوية الإيرانية إلى سورية.
وأضافت المصادر أن إسرائيل كثفت ضرباتها على المطارات السورية لتعطيل استخدام طهران المتزايد لخطوط الإمداد الجوية لإيصال أسلحة إلى حلفائها في سورية ولبنان، بما في ذلك “حزب الله” اللبناني.
واعتمدت طهران النقل الجوي كوسيلة أكثر موثوقية لنقل المعدات العسكرية إلى قواتها والمقاتلين المتحالفين معها في سورية، بعد تعطل عمليات النقل البري.
وحسب المصادر التي نقلت عنها الوكالة فإن إسرائيل ترى منذ فترة طويلة ترسيخ خصومها الإيرانيين في سورية تهديداً للأمن القومي، لذلك توسع نطاق ضرباتها لضرب طرق النقل الجديدة هذه.
وقال قائد في تحالف إقليمي مدعوم من إيران مطلع على حادثة قصف مطاري حلب ودمشق، إن الضربات الأخيرة مساء الأربعاء أضرت بمطار حلب قبل وصول طائرة من إيران.
وذكرت وسائل إعلام أيضاً أن إسرائيل نفذت أيضاً غارة على مطار دمشق وألحقت أضرارا بالمعدات وهو ثاني مطار من نوعه منذ يونيو/حزيران، عندما أدت الضربات الجوية الإسرائيلية على المدرج إلى إخراجه من الخدمة لمدة أسبوعين.
وقال مصدر مخابرات غربي إن الضربة استهدفت أيضاً منع وصول طائرة شحن.
وتشن إسرائيل هجماتها في سورية، منذ سنوات، ضد ما تصفه بالقوات الإيرانية والقوات المدعومة من إيران التي انتشرت هناك منذ 11 عاماً.
وقال رام بن باراك، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في “الكنيست” الإسرائيلي، إن هدف إسرائيل في سورية هو منع خطة إيران في “إقامة جبهة أخرى ضد إسرائيل في سورية، وتعزيز قدرات حزب الله في لبنان”.
وأضاف في مقابلة مع “تل ابيب 102 إف إم” أن اسرائيل “نجحت في إحباط هذه الخطة بشتى الطرق”.
“لعب بالنار”
ورد وزير خارجية النظام السوري على الضربات الجوية يوم الأربعاء بالقول إن إسرائيل “تلعب بالنار” وتهدد الأمن الإقليمي.
وقال مصدر دبلوماسي إقليمي لـ”رويترز” إن الضربات تمثل تحولاً في الاستهداف الإسرائيلي.
وأضاف المصدر: “بدأوا في قصف البنية التحتية التي يستخدمها الإيرانيون لإمدادات الذخيرة للبنان”.
وتابع: “في الماضي كانت الإمدادات فقط ولكن ليس المطار. الآن اصطدموا بالمدرج”.
وكان الدافع وراء هذا التحول هو استخدام إيران المتزايد للطائرات التجارية بدلاً من عمليات النقل البري لنقل الأسلحة المكوكية إلى المطارين الرئيسيين في سورية، وفقاً لمصدر استخباراتي غربي مقيم في المنطقة، ومنشق عسكري سوري مطلع على أهداف الضربات.
وقال المصدر الاستخباري إن المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية أشارت إلى “استخدام المزيد من الرحلات الجوية” لنقل أسلحة ومعدات عسكرية صغيرة “يمكن تهريبها في الرحلات المدنية المنتظمة من طهران”.
في عام 2019، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة “ماهان” للطيران لنقلها أسلحة وأفراد إلى القوات الإيرانية في سورية.
وقال المنشق العسكري السوري إن مثل هذه المعدات تشمل عادة مكونات صغيرة لطائرات بدون طيار وأجزاء من صواريخ دقيقة التوجيه، ومعدات رؤية ليلية يسهل وضعها في علبة كرتون في طائرة مدنية.
وأضاف المنشق أن عمليات النقل البري عبر العراق وسورية ولبنان كانت أقل جاذبية، منذ أن أدت المنافسات المحلية وحروب النفوذ على طول الحدود العراقية السورية – حيث تتمركز الميليشيات العراقية الموالية لإيران – إلى تعطيل تدفق المخزونات.
وأضاف أنه عندما تعرض مطار دمشق للقصف في حزيران (يونيو)، بدأت إيران وحلفاؤها في استخدام مطار حلب بشكل متزايد في عمليات النقل – مما أدى إلى الضربات هناك بعد حوالي شهرين.
من جهته قال الباحث في “مركز عمران للدراسات الإستراتيجية” إن الضربات توفر أيضاً أدلة على المكان الذي تتعمق فيه إيران الآن.
وأضاف أنه وبينما تركزت الضربات قبل سنوات على مناطق حول دمشق ومناطق عسكرية في الشمال الغربي، فإن انتشارها إلى حلب وحتى المناطق الساحلية يسلط الضوء على المواقع التي ترى إسرائيل أنها تشكل “تهديداً استراتيجياً”.
وتابع شعبان: “الشيء الخطير هو أنه عندما ننظر إلى هذه المناطق التي تتعرض للقصف، فإن ذلك يخبرنا أن إيران انتشرت أكثر”.