خلال التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة والمستمر منذ أيام، انطرحت فكرة تهجير سكان القطاع في أكثر من موقف، وسط رفض داخلي لها، حتى أصبحت محور الاجتماعات الأخيرة بين زعماء العالم.
الوجهة الأولى المطروحة هي شبه جزيرة سيناء في مصر، والتي ترفضها القاهرة، والوجهة الثانية هي الأردن، الذي يرفض أيضاً فكرة التهجير مطالباً بالتعامل مع الوضع الإنساني “داخل حدود قطاع غزة”.
ويحذر محللون من عواقب تهجير سكان غزة وإحداث تغيير ديمغرافي فيها، معتبرين أن التهجير هو بمثابة “تصفية للقضية الفلسطينية”، وقد يؤدي بنهاية المطاف إلى احتلال إسرائيل للقطاع.
رفض مبدئي من دول الجوار
في بيان مشترك اليوم الخميس، قالت مصر والأردن إنهما ترفضان كافة محاولات تهجير سكان غزة لكلا الدولتين.
جاء ذلك بعد لقاء جمع بين العاهل الأردني عبد الله الثاني، وبين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة اليوم، لبحث التصعيد على غزة.
وجاء في البيان أن “أي محاولة للتهجير القسري إلى الأردن أو مصر مرفوضة”.
مضيفاً أن “موقف الأردن ومصر الموحد يرفض سياسة العقاب الجماعي من حصار أو تجويع أو تهجير للأشقاء في غزة”.
وأكد البيان على “ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة، وحماية المدنيين ورفع الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الأهل هناك”.
وتشترك مصر مع قطاع غزة بحدود برية عبر معبر رفح، الذي ترفض مصر فتحه أمام الأجانب المقيمين في القطاع.
وأكدت مصر على لسان مسؤوليها أن المعبر سيظل مغلقاً، و”مصر لن تسمح بإجلاء الأجانب في القطاع، والتصعيد سيقابل بتصعيد”.
في حين لا يمتلك الأردن حدوداً مشتركة مع القطاع، إلا أن اليمين المتطرف في إسرائيل طرح مرات عدة فكرة “الوطن البديل” لسكان غزة، عبر تهجيرهم إلى دول الجوار، خاصة الأردن ومصر.
مصر وتصفير الديون
من جانبه، كشف قيادي في “حماس” عن خطة أمريكية- إسرائيلية لتهجير نصف سكان غزة إلى مصر، مقابل تصفير الديون الخارجية المصرية.
وقال القيادي لشبكة “الجزيرة” إن الخطة تشمل أيضاً القضاء على سلطة “حماس” في قطاع غزة وتجريد الفصائل الفلسطينية من سلاحها.
وأضاف أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، يضغط على مصر للقبول بخطة تهجير سكان غزة إلى سيناء.
مردفاً أن بايدن “سيعرض على مصر تصفير ديونها مقابل الموافقة على خطة التهجير”.
وكان الرئيس الأمريكي قد أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره المصري، أمس الأربعاء، أثناء عودته من إسرائيل.
وقال في بيان صحفي بعد المكالمة إن السيسي وافق على فتح معبر رفح أمام المساعدات فقط، عبر السماح بمرور ما يصل إلى 20 شاحنة كدفعة أولى.
وتعتبر مصر أن تهجير سكان غزة بمثابة “تهديد للأمن القومي المصري”، فيما ينظر إليها على أنها “تصفية للقضية الفلسطينية”.
مقترح بديل من السيسي
خلال لقائه مع المستشار الألماني أولا شولتس، قدم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مقترحاً لإسرائيل، كبديل عن تهجير سكان غزة لسيناء.
وقال السيسي: “إذا كانت هناك فكرة للتهجير، فلِمَ لا يُنقل الفلسطينيون إلى صحراء النقب (الإسرائيلية)”.
مردفاً: “يمكن أن يتم نقل الفلسطينيين إليها إلى حين انتهاء إسرائيل من خطتها المعلنة في تصفية المقاومة أو القضاء على الجماعات المسلحة.. ثم ترجعهم إذا شاءت”.
واعتبر أن نقل الفلسطينيين إلى سيناء يعني جر مصر لحرب ضد إسرائيل.
مؤكداً أن بلاده ترفض أن تتحول سيناء إلى “قاعدة لانطلاق العمليات الإرهابية ضد إسرائيل”.
وفسر محللون مخاوف السيسي بأن التهجير “قد يحول صحراء سيناء إلى جبهة مقاومة للاحتلال، واستخدامها كمنصة لانطلاق العمليات الفدائية ضد دولة الاحتلال”.
ولاقى مقترح السيسي انتقادات من قبل ناشطين ومحللين، إلا أن البعض رأوا أنه “واقعي”، على اعتبار أن أرض النقب فلسطينية بالأساس من جهة، وإمكانية تطبيق فوري لحق العودة من جهة أخرى.