من المتوقع أن تتجدد حالة التنافس بين حكومة الأسد و”الإدارة الذاتية”، على شراء أكبر كمٍ من محصول القمح في محافظة الحسكة، مع قرب تسليم المحصول من قبل الفلاحين، وحاجة كل الأطراف للحصول على أكبر حصة ممكنة، لاسيما هذا العام مع مؤشرات توحي بضعف الانتاج.
يضاف إلى ذلك أن “الحكومة المؤقتة” ليست بعيدة عن حالة التنافس، ولو أنها تقتصر على مساحة جغرافية محددة، ضمن المساحات التي تديرها في مناطق “نبع السلام”.
وقبل أيام استبقت حكومة النظام بداية الموسم، بإعلانها رفع أسعار شراء القمح من الفلاحين من 550 ليرة إلى 900 ليرة للكيلو الواحد، في حين لم تعلن “الإدارة الذاتية” عن الأسعار التي ستشتري منها القمح من الفلاحين هذا العام حتى اليوم.
وفي تصعيد واضح للصراع الذي بدأت معالمه تتضح، سيطرت “الإدارة الذاتية”، في 14 فبراير/شباط الماضي، على 3 مطاحن تعود لحكومة النظام في مدينتي القامشلي والحسكة، حيث تعتبر المحافظة المصدر الأهم لزراعة القمح والشعير والقطن والعدس في سوريةوتنتشر فيها المطاحن الرئيسية بشكل واسع.
“حاجتنا أولاً”
ويقول سلمان بارودو، الرئيس المشترك لـ”هيئة الاقتصاد والزراعة” في “الإدارة الذاتية”، إنه لم يتم إصدار تسعيرة هذا العام لشراء القمح من قبل الإدارة حتى الآن.
وعزا الأمر إلى أن الإدارة تصدر أسعار الشراء قبل 20 يوماً من قبل بدء الحصاد، وذلك “من أجل معرفة التكلفة الحقيقية للدونم الواحد، حتى تكون التسعيرة الحقيقية ويتاح وضع هامش ربح للمزارعين”. مضيفا في حديثه لـ”السورية.نت”، أن الأمر يتطلب “سلسلة من الاجتماعات مع المعنيين في مديريات الزراعة واتحادات الفلاحين”.
وحول سماح “الإدارة الذاتية” هذا العام للفلاحين ببيع محصولهم إلى جهات أخرى بما فيها حكومة النظام، قال باردو”علينا تأمين مستلزمات مناطقنا خاصة من مادة القمح، من أجل البذار للفلاحين والمزارعين وتأمين مخصصات مادة الطحين. والفائض الأولوية للداخل السوري.. للسوريين قبل غيرهم”.
من جانب آخر نقل وسام وهو ناشط في الرقة، عن مصادر مقربة من “الإدارة الذاتية” أن هناك تعميماً لحواجز “قوات سوريا الديمقراطية”، بمنع إخراج مادة القمح عبر المعابر.
وأضاف الناشط الذي فضل عدم ذكر اسمه الكامل، أن “موسم هذا العام لن يكون مبشراً على نحو كبير لأسباب كثيرة أهمها الجفاف وعدم زراعة بعض الأراضي خلال الموسم بسبب هجرة البعض وارتفاع تكاليف الإنتاج، ولجوء آخرين لزراعة محاصيل ذات فائدة إقتصادية أعلى”.
دون السعر العالمي
من جانب آخر توقع المحلل الإقتصادي يونس الكريم، أن لا يساعد رفع حكومة النظام لعرضها في الحصول على كميات كبيرة من المحصول “لعدة أسباب، أبرزها أن السعر الجديد لا يعتبر مناسبا للفلاح إذا ما قورن بتكاليف الإنتاج، وتدهور قيمة العملة السورية المستمر”، مضيفا أن سعر الطن بحسب السعر الذي حدده النظام لا يتعدى 250 دولار في حين أن سعره عالمياً يصل إلى أكثر من 600 دولار.
كما تحدث عن “أسباب أخرى ستعوق حصول النظام على المحصول أبرزها الإدارة الذاتية التي لا يبدو أنها مستعدة للسماح بالتخلي عن الطحين لصالح جهات أخرى في ظل الأوضاع الصعبة التي تعاني منها المنطقة”.
وأشار في حديثه لـ”السورية.نت”، إلى أن حاجة النظام تبدو هذا العام مضاعفة للحصول على القمح، لإيقاف نزيف العملة الصعبة التي يصرفها عبر المناقصات العالمية لشراء القمح من جهات خارجية، وبالتالي فإن أي كميات يمكن تحصيلها في موسم هذا العام سيكون انجازاً يخفف عن النظام بعض الأعباء.
وتعتبر الحسكة المصدر الأول لزراعة الحبوب في سورية، إذ بحسب أرقام حكومة النظام، بلغت مساحة الأراضي المزروعة من محصولي القمح والشعير بالحسكة للموسم الحالي 958 ألف هكتار موزعة على مختلف مناطق الاستقرار الزراعي.
ووفق خطة حكومة النظام التي أعلنت عنها لهذا العام، تصل مساحة زراعة القمح في المحافظة إلى 744521 هكتاراً والشعير إلى 357711 هكتاراً.
ماذا عن مناطق “نبع السلام”؟
قدرت حكومة النظام انتاج محافظة الحسكة من القمح في العام الماضي بـ 835 ألف و235 طن، في حين وصلت كمية الإنتاج في العام 2019إلى مليون طن.
على الصعيد المقابل في مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، ضمن مناطق عملية “نبع السلام”، لفت الصحفي إبراهيم الحبش، مدير موقع “الخابور” المختص بأخبار المنطقة الشرقية من سورية، أن إنتاج هذا العام في مناطق “نبع السلام” سيكون دون العام الماضي، لأسباب عديدة أهمها الجفاف وارتفاع سعر المازوت الذي يستخدمه الفلاحون لسقاية أراضيهم.
وأوضح خلال حديثه لـ”السورية نت”، أن “الفلاحين عانوا بشكل كبير هذا العام من تأمين المحروقات بسبب منع قوات سوريا الديمقراطية وصول المحروقات وإحراق عدة سيارات مدنية كانت تنقل المازوت”.
وحول الأسعار المتوقع أن تطرحها “الحكومة المؤقتة” لشراء القمح هذا العام، أكد الحبش، أن العرض لم يعلن بعد “لكن بكل حال سيكون أعلى من مثيلاتها في مناطق النظام وقسد كما جرت العادة في السنوات السابقة”.
وسبق أن أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) في تقرير سابق، أن إنتاج القمح في سورية لعام 2018 لم يتجاوز 1.2 ميلون طن، أي ثلثي إنتاج عام 2017، الذي بلغ فيه الإنتاج 1.7 مليون طن.