ثلث إصابات “كورونا” بالشمال السوري لكوادر طبية وتحذيرات من “الذروة”
أخذ انتشار فيروس “كورونا” في الشمال السوري منحى تصاعدياً، خلال الأيام القليلة الماضية، مع قفزات كبيرة في عدد الإصابات اليومي، وعدد الحالات المشتبه بإصابتها، وسط توقعاتٍ بقرب الفيروس المستجد من دخول ذروته الأولى في مناطق إدلب وأرياف حلب، التي تعاني أساساً أوضاعاً استثنائية.
المخاوف من ذروة الفيروس، دفعت لتشديد الإجراءات الاحترازية من قبل السلطات المحلية في شمال غربي سورية، والتي أعلنت جملة إجراءات تمثلت في إغلاق بعض المنشآت، مثل صالات الأفراح وأماكن اللعب الجماعية والمسابح العامة والمعاهد التعليمية الخاصة والمقاهي وغيرها، إلى جانب حصر خدمات المطاعم بالطلبات الخارجية فقط.
ويضاف إلى ذلك أن بعض المشافي أعلنت إغلاق أبوابها مؤقتاً، نتيجة تسجيل إصابات بين كوادرها، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً ويقرع ناقوس خطرٍ إضافي.
هل اقترب الفيروس من ذروته في الشمال؟
اعتبرت وزارة الصحة في “الحكومة السورية المؤقتة” أن فيروس “كورونا” لم يصل ذروته بعد في الشمال السوري، محذرة من خطورة الموقف في ظل الارتفاع الكبير بعدد الإصابات اليومي، حسبما صرّح وزير الصحة مرام الشيخ قبل أيام.
فيما اعتبر الدكتور محمد سالم، عضو شبكة الإنذار في “وحد تنسيق الدعم”، أن الحديث عن ذروة الفيروس، جاء بسبب الارتفاع المفاجئ بعدد الإصابات خلال الأيام القليلة الماضية، مشيراً في حديث لـ”السورية نت”، إلى أن وصول الفيروس لذروته قد لا يكون دقيقاً خلال المرحلة الراهنة.
وأضاف “استناداً إلى تجربة الدول الأخرى لا يمكن القول بأن الفيروس اقترب من الوصول لذروته في الشمال السوري، إذ إننا نرى إصابات بالآلاف يومياً في بعض الدول”.
وعن كيفية قياس الذروة، اعتبر سالم أن بعض الدراسات قادرة على التنبؤ بالذروة المحتملة للفيروس، استناداً إلى الكثير من المتغيرات، ومن بينها عدد الحالات المشتبه بإصاباتها يومياً، وعدد التحاليل التي يمكن إجراؤها، والإجراءات الاحترازية المطبقة، ومدى التزام السكان بتلك الإجراءات.
وتابع: “عموماً، إن الوصول لأعلى معدل إصابات يومية، ثم التراجع في الأعداد لاحقاً، هو ما يشير إلى ذروة الفيروس”.
يُشار إلى أن مختبر الترصد الوبائي سجل، الاثنين الماضي، أعلى حصيلة يومية بإصابات “كورونا” في الشمال السوري، وبلغت 80 إصابة، 51 منها في محافظة حلب و29 في إدلب، في حين سجل يوم الثلاثاء 77 إصابة، وهي أرقام مرتفعة مقارنة بالسابق.
وبلغت مجمل إصابات “كورونا” في الشمال السوري، حتى اليوم الجمعة، 464 إصابة توفي منها 5 حالات وشفي 127 حالة، في حين بلغ عدد الاختبارات الكلي لكشف الاصابة 8131، بحسب أرقام برنامج الإنذار المبكر والاستجابة (EWARN).
غياب الوعي ينسف الإجراءات
رغم الإعلان عن إجراءات احترازية في معظم مناطق الشمال السوري، وتكثيف حملات التوعية لخطر الفيروس المستجد، لا تزال أسواق وشوارع تلك المناطق تشهد ازدحاماً كبيراً، وسط غياب مظاهر الالتزام بالإجراءات الوقائية، وارتفاع نبرة الأصوات المحذرة من عدم جاهزية القطاع الطبي لتحمل أعباء عدد أكبر من الإصابات.
وتعليقاً على ذلك، قال عضو شبكة الإنذار في “وحد تنسيق الدعم”، الدكتور محمد سالم، إن معظم سكان الشمال السوري، لا زالوا غير ملتزمين بالإجراءات الوقائية المعلن عنها، مشيراً إلى أن مظاهر الحياة تبدو شبه طبيعية.
وأضاف في حديثه لـ”السورية نت”:”للأسف لا زلنا نشهد الكثير من عدم الالتزام بإجراءات الوقاية، ولا زالت التجمعات والأعراس وغيرها تقام في مناطق ينتشر فيها الفيروس”.
واعتبر سالم أن الحديث عن انتشار فيروس “كورونا” في قرية معينة أو حي معين أو منزل معين، لا يعني أن المناطق الأخرى بمأمن عن الفيروس، داعياً الجميع بدون استثناء إلى تطبيق كافة الإجراءات الوقائية.
يُشار إلى أن “حكومة الإنقاذ” أصدرت تعميماً، بتاريخ 14 سبتمبر/ أيلول الجاري، طالبت فيه جميع الوزارات والجهات والهيئات التابعة لها بالالتزام بعدد من الإجراءات.
ومن ضمن الإجراءات إغلاق كافة صالات الأفراح وأماكن اللعب الجماعية، وإغلاق المسابح العامة، والمعاهد التعليمية الخاصة، وإغلاق كل الملاعب والصالات الرياضية والتجمعات فيها.
كما وجهت بإغلاق المطاعم، والاقتصار على تقديم الوجبات الخارجية فقط.
إلا أن الدكتور محمد سالم يرى أنه في ظل ارتفاع وتيرة الإصابات يجب تشديد الإجراءات بصورة أكبر، عبر الإبلاغ عن الحالات المشتبه بإصابتها، وزيادة إجراءات التشخيص والعزل الصحي، دون إغفال دور التدابير الخاصة بالمصابين.
ثلث الاصابات لكوادر طبية
تكافح الكوادر الطبية في الشمال السوري على الجبهات الأمامية لمحاربة انتشار فيروس “كورونا”، رغم الإمكانيات المحدودة وتدهور القطاع الطبي في المنطقة وتذبذب المساعدات الدولية، ما جعلها عرضة أكبر للإصابة بالفيروس المستجد.
وحتى اليوم، بلغت حصيلة إصابات “كورونا” بين الكوادر الطبية في الشمال السوري 142 إصابة من أصل 464 إصابة، بحسب أرقام برنامج الإنذار المبكر والاستجابة، وسط مخاوف من انتشاره بصورة أكبر فيما بينهم.
وتزامن ذلك مع إغلاق بعض المستشفيات التي انتشر الفيروس بين طاقمها، بصورة مؤقتة، كما حدث في مشفى كفرتخاريم لأمراض الأطفال والنساء شمال غربي مدينة إدلب، التي أُغلقت مؤقتاً، الثلاثاء الماضي، بعد التأكد من إصابة ممرضة عاملة في قسم العمليات.
كما علّقت مشفى الدانا أعمالها وأعمال العيادات التابعة لها، الثلاثاء الماضي، بعد اكتشاف إصابتين بفيروس “كورونا” في صفوف العاملين فيها.
مسؤول وحدة المعلومات المركزية في مديريات الصحة بالشمال السوري، الدكتور محمود حريري، قال لـ”السورية نت” إن الكوادر الطبية أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالفيروس بسبب تعرضهم لمفرزات المصابين، وشح وسائل الحماية والوقاية اللازمة لهم.
وتحدث حريري عن إجراءات احترازية تتبعها مديريات الصحة في الشمال لحماية الكوادر الطبية قدر المستطاع، ومن بينها عزل الكادر المشتبه بإصابته وتعقيم المنطقة ونقاش موضوع إغلاق المنشآت المكتظة، لتجنب إغلاق المشافي، مشيراً إلى أن مديريات الصحة تتواصل مع منظمة الصحة العالمية لتأمين معدات الحماية اللازمة للوقاية من الفيروس.
وأضاف مسؤول وحدة المعلومات أن بعض المستشفيات أغلقت أبوابها بالفعل، لكن الإغلاق يستمر لساعات محدودة فقط، لتنظيم العمل، على حد تعبيره.
وكان فريق “منسقو استجابة سوريا” طالب سكان الشمال السوري بتوخي الحذر الشديد، والابتعاد عن النقاط الطبية في كافة المدن والقرى في الوقت الحالي، بسبب تزايد عدد الإصابات بالفيروس المستجد.
ودعا الفريق في بيان له، الثلاثاء الماضي، إلى عدم مراجعة المشافي والنقاط الطبية إلا في حالات الضرورة القصوى، وذلك لإتاحة المجال أمام الكوادر الطبية لاحتواء انتشار فيروس “كورونا”.
أهلنا المدنيين في الشمال السورينرجو منكم توخي الحذر الشديد، والابتعاد عن النقاط الطبية في كافة المدن والقرى في الوقت…
Gepostet von منسقو استجابة سوريا am Dienstag, 15. September 2020
الباب في صدارة الإصابات.. هل تصبح المدينة بؤرة؟
في حين توزعت إصابات “كورونا” في الشمال السوري، على عدة مدن وبلدات في المنطقة، سجلت مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، أكبر معدل إصابات ووفيات بالفيروس المستجد، منذ منتصف الشهر الماضي، حيث تسود تمخاوف من أن تصبح المدينة بؤرة انتشار الفيروس في الشمال.
عضو شبكة الإنذار المبكر في مدينة الباب، الدكتور محمد صالح، قال لـ”السورية نت” إن انتشار فيروس “كورونا” في المدينة أصبح كبيراً خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن نصف المسحات اليومية تكون نتائجها إيجابية.
وأرجع صالح الأمر إلى عدم التزام الأهالي بإجراءات الوقاية الموصى بها، وعدم التزام الأشخاص المخالطين بإجراءات العزل المنزلي، مشيراً إلى أن 10% من سكان المنطقة فقط يلتزمون بارتداء الكمامات والمسافة الاجتماعية وغيرها من الإجراءات.
وتحدث عضو شبكة الإنذار، الدكتور محمد صالح، عن عدم وجود مراكز كافية لاستقبال جميع الإصابات في المدينة، حيث يتم عزل المصابين داخل منازلهم، ما يسهم في انتقال العدوى بصورة أكبر لعدم التزام بعض المرضى بتوصيات الأطباء وعزل أنفسهم بشكل كامل.
ولا يوجد في مدينة الباب المكتظة بنحو 170 ألف نسمة، سوى مركز عزل واحد، هو مشفى الباب التي تستقبل الحالات الحرجة والإسعافية فقط، فيما يتم عزل معظم الإصابات داخل منازلهم، بحسب صالح، متحدثاً عن سوء القطاع الطبي في المدينة، ومخاوف من عدم قدرة مشفى الباب على استقبال المزيد من الحالات الحرجة في ظل انتشار الفيروس.
وانتقد صالح غياب الإجراءات الاحترازية الصارمة من قبل الجهات المعنية في مدينة الباب، خاصة المجالس المحلية وهيئات التعليم والخدمات وغيرها، مشيراً إلى أن الأعراس والتعازي لا تزال قائمة، كما أن النوادي والمطاعم والمقاهي تعمل بصورة طبيعية.
ويسود تخوف من خروج أعداد الإصابات بالفيروس المستجد في الشمال السوري عن السيطرة، ولا سيما في ظل الكثافة السكانية الكبيرة وصعوبة تطبيق التباعد الاجتماعي، ونقص كبير في المستلزمات الطبية، من كمامات ومنافس وخافضات حرارة.