حرب المخدرات.. رسائل أردنية غاضبة بعد تغيّب النظام عن “أمن الحدود”
تصاعدت في الآونة الأخيرة نبرة “الاستياء” من قبل مسؤولين ومحللين أردنيين، لعدم اتخاذ نظام الأسد أي خطوات يوقف فيها تهريب حبوب المخدرات عبر الحدود.
وخلال الأسابيع الأخيرة سلط الإعلام الأردني الضوء على مشكلة تهريب المخدرات، ووصفها بـ “المهزلة” التي يجب على نظام الأسد أن يضع حداً لها قبل أن يتخذ الأردن أي خيارات ممكنة.
وتستمر شحنات المخدرات بالوصول إلى الأردن والسعودية بشكل شبه يومي، على الرغم من اتفاق الدول العربية مع النظام على تحديد مصادر إنتاج المخدرات وإيقاف تهريبها عبر الحدود السورية.
لكن تهريب “الكبتاغون” لم يتوقف، وهي محاولة من النظام كما يبدو، لـ”ابتزاز” دول الخليج وإبقائه الورقة للمساومة عليها في أي مفاوضات تحصل مستقبلاً.
جهات منظمة لتهريب المخدرات
وحسب موقع “CNN بالعربية”، فإنه منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية الشهر الماضي، تصدت الأردن لـ 194 عملية تهريب مخدرات، موزعة بين 81 محاولة تهريب أو تسلل، و98 عملية تسلل مضبوطة، و15 عملية تهريب مضبوطة.
كما سجل الأردن “88 حالة طيران مسيّرة” على الحدود منذ بداية 2023 وحتى 24 أغسطس/آب الماضي، موزعة بين حالات “الإسقاط أو الرصد والتشويش”.
وحسب البيانات التي حصلت عليها الشبكة فإن المواد المضبوطة، بلغت 3776 “كف حشيش”، و1.7 مليون قرص كبتاغون، و2.6 كيلوغرام من “الكريستال” (ميثامفيتامين).
ويستخدم المهربون لتهريب المواد المخدرة “البالونات الطائرة “، وكذلك “المقذوفات” عبر تفريغ الحشوات الداخلية لتهريب المخدّرات “باهظة الثمن”، إضافة إلى الطائرات المسيّرة “القادمة جميعها من الجنوب السوري”.
بدوره، قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن عملية تهريب المخدرات هي “عملية منظمة، والمهربون يمتلكون قدرات كبيرة”.
وأضاف، في مقابلة مع قناة “المملكة” الأردنية، أمس الثلاثاء، أن هناك مجموعات مرتبطة بجهات إقليمية وجهات أخرى مسؤولة عن تهريب المخدرات عبر الحدود.
وأكد الصفدي أن الأردن سوف يتصدى “بحزم” لأي عملية تهريب، وأن “رسالته ومواقفه واضحة بأنه سيتعامل مع أي مصدر لهذا التهديد، وسيحيد هذا الخطر على المملكة”.
كما قالت مصادر أردنية مسؤولة لموقع ” CNN” أن هناك “غياب شبه كامل لقوات سوريّة فاعلة ضمن المنطقة على الجانب الآخر من الحدود مع سورية”.
وأضافت أن ذلك “يضاعف من حجم الجهد الذي تبذله القوات المسلحة لمواجهة الخطر والتهديدات على منظومة أمن الحدود وفي مقدمتها ملف التهريب”.
وتابعت: “نحن لا نقول لا يوجد تعاون من قبل الجانب السوري، لكن الجهود المبذولة من قبلهم دون المستوى المطلوب في عمليات مكافحة التهريب”.
كما أنه “رغم الاجتماعات المتكررة مع الجانب السوري وعلى مختلف المستويات، فإن المنطقة الحدودية لم تشهد تراجعاً في عمليات التهريب بكافة أشكاله للآن”.
رسائل غاضبة وخيارات
وصعد الإعلام والمحللون الأردنيون، خلال الأيام الماضية، من نبرة غضبهم تجاه نظام الأسد في ظل استمرار تهريب المخدرات.
ولم يستبعد اللواء المتقاعد، والمحلل الاستراتيجي العسكري، مأمون أبو نوار، لجوء الأردن إلى التدخل عسكرياً داخل الأراضي السورية.
وقال أبو نوار لصحيفة “عمون” إن الأردن قد يقوم بتغيير “قواعد الاشتباك والتدخل عسكرياً في الجنوب السوري، على غرار اتفاقية أضنة الأمنية” مع تركيا.
وأضاف أن “التدخل المرجح يأتي في إطار تقديرات مواقف عسكرية تعبوية، إذا ما رأى الخطر يداهم البلاد، لكن لن يقوم بإنشاء منطقة عازلة إلا إذا اضطر لذلك”.
وطالب الدول الخليجية بتزويد الأردن بالأسلحة “لأن الأمر تجاوز مسألة الميلشيات المنفردة في تهريب المخدرات، بل بات تهديداً للأمن الأردني والعربي”.
وقبل أيام أكد وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، أن هناك “شبكة من المصالح بين المليشيات والنظام السوري، وكلاهما يستفيد من هذه التجارة التي تدر عليهم أرباحاً بالعملة الصعبة”.
واعتبر، في مقابلة مع قناة الجزيرة، أن “الأردن لا يريد التدخل عسكرياً في الأراضي السورية، لكنه سيواصل جهوده مع القيادة السورية وسيدافع عن حدوده بنفسه”.
وشدد على أن الأردن “لن يصبر على ما أسماها ابتزازات ومماطلات النظام السوري الذي لا يمكن الوثوق به”.
وفي أواخر الشهر الماضي، ذكر الصحفي مكرم الطراونة، في مادة نشرتها صحيفة “الغد” الأردنية، أن “سورية تعمل على بث رسائل غير إيجابية تجاه المملكة، عبر بوابة التظاهر بالتعاون بخصوص الوضع الأمني على الحدود المشتركة بين البلدين، وتحديداً في ملف المخدرات”.
وقال إن “دمشق تعلم جيداً أن الأردن يملك خيارات عديدة لوضع حد لهذه المهزلة التي تهدد أمننا، فرغم الدبلوماسية الأردنية التي تجتهد في الضغط على النظام السوري، إلا أن ذلك لم يؤت أُوكله حتى اليوم نتيجة التذاكي السوري”.
لكن الأردن “لن يقف مكتوف الأيدي أمام ما تقوم به سورية من تحايل في محاربة أوكار المخدرات وتجّارها”، حسب كلامه.
كما اعتبر رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجية، فارس بريزات، في حديثه لموقع “رؤيا” الأردني، أن “عملية تصنيع وزراعة وترويج المخدرات في سورية منظمة، تشرف عليها بعض أجهزة الدولة”.
في حين هاجم الدكتور فراس الجحاوشة في مقال في صحيفة “عمون“، نظام الأسد واعتبر أن “دمشق تفسر مواقفنا الحسنة بأنها نابعة من موقف ضعف، لكنها قراءة خاطئة”.
كما اعتبر أن “النظام السوري اليوم يبدو مختالاً ببقائه الذي يعتبره نصراً مؤزراً، ويعتقد أن بقاءه يسمح له بممارسة ما يريد وعلى من يريد، وأنه لا نية لديه لتغيير سلوكه في القضايا الإقليمية الخلافية”.
وطالب بما أسماها “الدولة السورية” أن “تعود إلى رشدها، وأن تخرج من الارتهان لظروف الحرب”.