خسائر ضخمة لمربي الدواجن في الشمال السوري..الأسباب والنتائج
تواجه مهنة تربية الدواجن في الشمال السوري، أزمة حقيقية، تهدد استمرارها في محافظة إدلب ومحيطها، خاصة مع تواصل خسائر العاملين فيها منذ عدة أشهر، وإغلاق عدد كبير من المداجن، الأمر الذي يهدد بخسارة قطاع انتاجي، هو مصدرٌ للتصدير وتوفير فرص عمل لسكان المنطقة.
ويقول عبد الرحمن درويش، وهو مالك مدجنة قرب مدينة معرة مصرين بإدلب، إنه أغلق مصدر رزقه الذي عمل به لسنوات طويلة، بعد أن خسر هذا الشاب الأربعيني كل ما يملك، وباع منزله لتسديد الديون التي تراكمت عليه إثر هبوط أسعار البيض والفروج لما دون سعر التكلفة.
ومثل درويش استسلم عدد كبير من مربي الدواجن لهذا المصير، بعد تراكم الخسائر وفق ما تؤكده العديد من المصادر العاملة بهذه المهنة، ممن تواصل معهم مراسل “السورية.نت” في إدلب.
وتقوم مهنة تربية الدواجن على استيراد الفراخ (البياضة) والدجاج (الأم) وحضانته لمدة 120 يوماً، وتقديم العلف والأدوية؛ وهذه المستلزمات غالباً ما يحصل عليها المربون بالدينِ من تجارٍ يختصون بأدوات المداجن، ويكون سداد سعرها من بيع المنتجات.
ماهي الأسباب
خلال الأشهر القليلة الماضية، أدت عدة أسباب لتكبد المربين خسائر فادحة.
وحسب عبد الرحمن درويش، فإن خسائر هذه المهنة بدأت منذ قرابة عامين لكنها وصلت إلى أوجها مع بداية أزمة “كورونا” وإغلاق المعابر وانهيار سعر الليرة السورية.
ويقول درويش الذي أغلق مدجنته:” تعتبر محافظة إدلب من المناطق المصدرة للبيض والفروج بسبب العدد الكبير من المداجن الموجودة فيها، وانتاجها يزيد عن حاجة المحافظة، لكن منذ قرابة العامين بدأنا نخسر في سعر الفروج المحلي مع استيراد الفروج التركي المثلج وبيعه في السوق بسعر دون تكلفته علينا”.
ويتابع ذات المتحدث، أن “تكاليف كيلو الفروج البلدي فقط، تصل إلى 900 ليرة، في حين يباع نظيره المثلج التركي في الأسواق والمحلات بـ800 ليرة”.
ويضيف:”كان للارتفاع الكبير في أسعار المواد الأولية كالعلف وخصوصاً الذرة الصفراء والصويا، بالاضافة الى انهيار الليرة السورية، والفروق الكبيرة في الأسعار خلال مدة الأربعة الأشهر اللازمة للبيع، أثر فادح أيضاً في تعميق الخسائر”.
ويتابع درويش :”ثم جاءت أزمة كورونا وإغلاق المعابر معها وعدم قدرتنا على تصدير بضائعنا باتجاه باقي المحافظات السورية(…) أسواق إدلب وحلب متخمة بالمعروض، ويباع سعر صحن البيض هنا (وزن ١٩٠٠غ – ٢٠٠٠غ) بسعر 1800 ليرة، في حين أن تكلفته على المربي تصل الى١.٣$ (قرابة 3آلاف ليرة)”.
وبينما تواجه المنطقة تخمة في المعروض بسبب عدد المداجن الكبير، واعتمادها على التصدير، وتوفر البيض التركي المستورد في الأسواق، يؤكد درويش أن تصديره إلى مناطق سيطرة النظام، كانت منفساً للمربين، حيث تصل أسعار صحن البيض هناك إلى 6000 ليرة.
ثلث المداجن أغلقت
من جانبه تحدث أبو ماجد من سكان مدينة الباب بريف حلب، وهو أحد العاملين بمهنة الدواجن، عن إغلاق أكثر من 250 مدجنة في المنطقة من أصل قرابة 600، بسبب الخسائر المالية الكبيرة.
وأضاف الرجل الخميسني :”إذا استمر الحال على ما هو عليه ستغلق جميع المداجن في المنطقة، معظمنا خسر آلاف الدولارات والبعض أفلس بسبب الخسائر المتتالية. هناك أجور كبيرة وديون للمكاتب ولا أحد من المسؤولين يقدر خطورة توقف هذا العمل”.
ودعا أبو ماجد مسؤولي المعابر التجارية، لإعادة فتحها وتمكينهم من تصريف بضائعهم، وإغلاق الحدود بوجه استيراد المواد المتوفرة في السوق المحلية، أو فرض ضرائب عليها ليتناسب سعرها مع ما يتم إنتاجه محلياً.
خسائر اجتماعية
لا تتوقف خسائر قطاع تربية الدواجن على الصعيد الاقتصادي فحسب، بل تصل آثاره إلى العديد من الجوانب الأخرى كما يؤكد المهندس الزراعي عمار حديد.
ويقول حديد لـ”السورية.نت”:” توقف المداجن عن العمل بهذا الشكل السريع سيكون له تداعيات كبيرة. فبالإضافة لخسارة ملايين الدولارت وتوقف عجلة الانتاج وفقدان مصدر اقتصادي هام لأهالي المنطقة سيكون للأمر تداعيات اجتماعية أيضاً”.
ويضيف المهندس الزراعي:”في منطقة إدلب وحلب هناك مئات النازحين يقيمون في هذه المداجن.. يسكنون بها ويعملون بها. كل مدجنة تؤوي ما لا يقل عن عائلة واحدة تقيم وتعمل بها وتؤمن لها مصدر رزق، إذا أغلقت هذه المداجن سيتأثر الجميع؛ المالك والعمال والأسر النازحة وحتى الأسواق”.
ورأى ذات المتحدث، أن أهم الخطوات العاجلة لمساعدة هذا القطاع الهام الذي يشكل مورد اقتصادي هام في الشمال السوري، هو عدم السماح بإغراق السوق بالمنتج من خلال وقف استيراد الفروج المثلج والبيض، وتسعير المنتج بالليرة التركية ودعم تصديرها.
كما اقترح المهندس الزراعي، إيجاد أسواق ومصادر بديلة للعلف المستورد بالدولار الأمريكي والمواد الأولية للمداجن والأدوية اللازمة، مضيفاً أن تخفيض سعر التكلفة يساهم إلى حد كبير، في الحد من الخسائر.