“دار السلامة”.. ملاذ وحيد للمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة بريف حلب (صور)
منذ حوالي عام، وصل الطفل عبد الغفور إلى دار السلامة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، في قرية سجّو قرب مدينة اعزاز شمالي حلب، بعد أن عاش لسنوات في كنف عائلة متواضعة الحال، التي فقدها وهو في سنّ الخامسة.
بدأت رحلة عبد الغفور في التشرّد، حين قضت عائلته بقصف جوي بالبراميل المتفجرة على مدينة حلب، وكفله رجل سبعيني، إلا أنّ تقدم الأخير في العمر وفقدان زوجته، حال دون إمكانية الاستمرار في رعايته.
يعاني عبد الغفور، من نقص في أكسجة الدماغ، وقصر في أوتار الساقين، وتشرف إدارة “دار السلامة” على علاجه الفيزيائي تمهيداً لإجراء عملٍ جراحي له.
“مآسي الحرب”
ترتبط قصص نزلاء “دار السلامة” من المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، بمآسي حرب النظام ضد السوريين المطالبين بالتغيير، خلال السنوات الماضية، بحسب نزار نجّار مدير الدار.
علي الحمد، وهو نزيل في دار “السلامة” منذ حوالي 4 سنوات، يعاني من شلل حركي كامل، واضطرابات نفسيّة، إثر اعتقاله في سجون النظام.
يقول نزار نجّار، لـ”السورية. نت”، إنّ “عليّاً وجدَ مشرداً في إحدى المعابر، فاقداً الوعي والحركة، أحضره المارّة قبل 4 سنوات للدار، وحين نشر صورته على مواقع التواصل الاجتماعي، تعرّف إليه بعض جيرانه وأصدقائه، ليتبين أنه كان معتقلاً لدى النظام”.
ويوضح نجّار حول حالته الصحية، أنّه “يعاني من اضطرابات نفسية، تدفعه للبكاء بصوتٍ عالٍ دون مبررات”.
ويردف: “كلّما قلمنا أظافره، نجد برادة نحاس من شدّة التعذيب بالكهرباء في معتقلات النظام”.
“المنطلق إنساني”
وتأسست دار السلامة في مخيم سجّو بريف حلب، عام 2013 من خيمةٍ متواضعة، ومنذ حوالي 9 سنوات، تنازع الدار من أجل الاستمرار، بـ”جهود متبرّعين من أهل الخير”، يقول نجّار.
وتضع الدار، بسبب محدودية الدعم، شروطاً لاستقبال النزلاء من ذوي الاحتياجات والمسنين، أبرزها غياب الأهل، والسكن، والقدرة على الرعاية الشخصية لذاته.
يقول نجّار، وهو مؤسس الدار، إنّ “تأسيس الدار جاء من منطلق إنساني، الذي لا يعرف حدود الجغرافية أو الدين أو العرق، فالدّار تؤوي سوريين عرباً وكرداً ومن مختلف المناطق السورية، إلى جانب عراقيين وفلسطينيين”.
ويروي أنّ “فكرة افتتاح الدار التي بدأت بخيمة في مخيم، كانت لإيواء رجل سبعيني احترقت خيمته.. لكن الظروف الإنسانية المتردية للسوريين في ذاك الوقت المبكّر ـ 2013 ـ دفعت باتجاه تأسيس الدار وتطوّرها”.
وتقدّم الدار مختلف الخدمات للنزلاء البالغة أعدادهم 34 نزيلاً بين مسنين وذوي احتياجات خاصة، من مأكل ومشرب ومبيت وتدفئة ورعاية صحية ونفسية ومعالجة فيزيائية، ولمختلف الفئات العمرية.
“عجز كبير”
نزار نجّار (60 عاماً)، لم يمنعه التقدم في السنّ، عن الاستمرار بإدارة المشروع الخيري، رغم ما يواجهه من صعوبات في تأمين المصاريف للدار، في ظل غياب جهة أو مؤسسة إنسانية تدعم الدار الوحيدة من نوعها في مناطق ريف حلب.
ويقول نجّار، إنّ “التبرّعات للدار لا تغطي سوى ثلثي الكلفة التشغيلية، ما يجعل الدار في حالة عجز شهري، ويرتّب عليها ديون”.
ويشير إلى أنّ “احتواء الدار لعدد من المرضى، سواء من المسنين أو لذوي الاحتياجات الخاصة، يزيد من الثقل المادي، على اعتبار أنهم بحاجة إلى متابعة صحيّة وأجور تنقّلات ومرافقين”.
وتعاني الدار، بحسب محدّثنا، من تكاليف العمليات الجراحية النوعيّة التي يحتاجها النزلاء بين الحين والآخر، أبرزها تركيب المفاصل.