حددت دراسة حديثة تصدر اليوم الخميس، عن “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، عدة مؤشرات تمنع اللاجئين السوريين من العودة إلى سورية، يرتبط بعضها بالمشهد الأمني والعسكري وبعضها بالمشهد الاقتصادي.
الدراسة التي جاءت تحت عنوان “مؤشرات الاستقرار وتأثيرها على عودة اللاجئين والنازحين”، تتألف من أربع أوراقٍ بحثية، تتمحور تفاصيلها حول مسألة عودة السوريات/السوريين، الذين اضطروا لمغادرة البلاد في السنوات التسع الماضية، وهواجس إحجامهم عن التفكير بالعودة.
وبناء على استطلاعٍ موسّع، أجراه المركز، تم تحديد أهم المتغيرات التي تحكم قرارات اللاجئين بالعودة إلى سورية، أولها المشهد الأمني في جميع المناطق السورية، وخاصة في مناطق النظام، الذي “ما يزال يعاني من سيولة عالية وتشظٍ شديد متأثراً بطبيعة الحال بسيولة كل من المشهدين السياسي والعسكري”.
علاقة تنافر بين أجهزة الأمن والمواطنين
كما أشارت الدراسة التي اطلع عليها فريق “السورية.نت”، إلى أن “سلوك الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد لم يتغير عما كان سائداً قبل انطلاق الثورة السورية في عام 2011، بل على العكس ازداد ضراوة تجاه المدنيين وازدادت حالات الاعتقال والتصفية والتعذيب الممنهج”.
أما في مناطق المعارضة، فقد اعتبرت الدراسة، إن “الجهات الأمنية المكلفة بضبط الأمن، ما تزال تفتقد الاحترافية في العمل الأمني، إضافة إلى تردي الحالة الأمنية وعدم القدرة على ضبطها بالشكل الأمثل”.
في حين يتسم المشهد الأمني في مناطق “قوات سوريا الديمقراطية بنوع من التمايز بين المدن والبلدات، إذ تسود الأجواء الأمنة نسبياً في الحسكة بينما تتبدد هذه الأجواء في الرقة ودير الزور”.
دراسة بحثية لـ”عمران”: 90.4% من اللاجئين يخشون العودة لمناطق النظام
وإلى جانب ذلك فإن تدهور العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين يعتبر سبباً في عدم عودة اللاجئين، إذ أن “الأجهزة الأمنية التابعة للنظام لم تعد قادرة على ضبط سلوك الميليشيات والفصائل العسكرية تجاه المدنيين”.
في حين ما تزال الأجهزة الأمنية في مناطق المعارضة تواجه تحديات في كيفية تقليص نفوذ الفصائل، والحد من تجاوزاتها تجاه المدنيين.
وأشارت الدراسة إلى أنه من أسباب عدم عودة اللاجئين هو “الاعتقال التعسفي من قبل الأجهزة الأمنية والميليشيات والفصائل العسكرية المنتشرة على طول الخارطة السورية”، إضافة إلى “عمليات السرقة والخطف والابتزاز لتحقيق المكاسب المادية والشخصية وطلب الفدية، وتسلط الميليشيات المحلية والأجنبية والاغتيالات والتفجيرات”.
أربعة مؤشرات أمنية
وتسلط الأوراق البحثية الضوء على أربعة مؤشرات أمنية هي “الاغتيالات والتفجيرات والاعتقالات والاختطاف”، إذ تحدد طبيعة الاستقرار الأمني في مختلف المناطق.
وتُظهر احصائية التفجيرات والاغتيالات في مناطق سيطرة النظام، أرقاماً عالية بسبب الفوضى الأمنية التي تعيشها المحافظات، إضافة إلى أن مؤشر الاعتقالات والاختطاف مرتفع في مدينة دوما ودرعا، التي سيطرة عليها النظام قبل سنتين.
وأوضحت الدراسة أن العودة إلى مناطق النظام خيار مستبعد من قبل نسبة كبيرة من اللاجئين في مختلف الدول، لـ”عدم وجود أي ضمانات دولية موثوقة من جهات محايدة تكفل أمن اللاجئين العائدين لهذه المناطق، إضافة إلى عدم رغبة النظام بعودة اللاجئين إلى الوطن والانتقائية التي يريد فرضها على قوائم العائدين عبر العديد من الإجراءات، بدءاً بتعريف اللاجئ وبما يخدم الهندسة الديمغرافية التي يسعى إلى تطبيقها في مناطق سيطرته”.
كما أن مناطق المعارضة الخاضعة لسيطرة المعارضة ما تزال “هشة ومخترقة أمنياً”، الأمر الذي يؤثر على مدى قدرة المواطنين على ضمان استقرارهم الاجتماعي داخلها.
أما مناطق “الإدارة الذاتية”، فإنها ما تزال بعيدة عن حالة الاستقرار الأمني الكامل لـ”عوامل ترتبط ببيروقراطية الأجهزة الأمنية وممارستها التميزية بين السكان كقمع الاحتجاجات والاعتقالات”.
غياب البيئة الآمنة
واشترطت الدراسة وجود بيئة آمنة تتحدد وفق عوامل أمنية وسياسية وحكومية لعودة اللاجئين أهمها “توفر سبل المعيشة، وتوفر الخدمات العامة، وضمان حقوق الملكية العقارية”.
وخلصت الدراسة إلى أن “شروط البيئة الأمنة هي الاستقرار والتعافي الأمني، والمعايير المتعلقة بالملف الإنساني ووصول المساعدات إلى جميع من هم بحاجة إليها، وتهيئة طريق العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين والنازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة”.