رسائل ظهور “الجولاني” مع صحفي أمريكي في إدلب
أثار ظهور قائد “هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، مع الصحفي الأمريكي مارتن سميث في إدلب، أمس الثلاثاء، ردود فعل مختلفة، خاصة لكون الجولاني أطل على الإعلام هذه المرة بشكل جديد.
وكان الصحفي الأمريكي، نشر عبر حسابه في “تويتر” صورة له مع الجولاني، وقال “عدت للتو من زيارة إلى إدلب استغرقت 3 أيام، التقيت فيها بمؤسس جماعة جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة، وتحدثنا عن هجمات 11 أيلول وعن القاعدة وعن أمريكا”.
“الجولاني البرغماتي”
الخبير في شؤون الجماعات الجهادية، عرابي عبد الحي عرابي، قال لـ”السورية.نت” إن الجولاني يحاول تسويق نفسه منذ عام ونصف بصورة جديدة ترتكز على عدد من الأركان، الأول “إعادة تعريف نفسه بأنه شخص معتدل وأن فصيله فصيل معتدل”.
أما الركن الثاني بأنه “يمتلك الشرعية المحلية، لذلك هو يريد أن يُعترف به ممثلاً شرعياً للسوريين في المنطقة التي يديرها، لذلك حرص على دعم حكومة الإنقاذ، ومنحها المرونة والشكل المعترف به من خلال وجود مجلس شورى بحيث تكون حوكمته مقبولة دولياً”.
أما الركن الثالث، حسب عرابي، فهو إعادة ترتيب هيكلية الصفوف الأمنية والعسكرية في المنطقة من خلال عدة خطوات، أبرزها التدخل في شؤون حركة “حركة أحرار الشام”، إضافة إلى محاولة إنشاء جسم عسكري في المنطقة يكون هو صاحب السلطة فيه، وإعادة هيكلية داخلية في الهيئة وتفكيك تنظيم “حراس الدين” وخلاياه الأمنية.
واعتبر عرابي أن “كل الأحداث السابقة يجب أن تقرأ في سياقها، لفهم لماذا ظهر الجولاني بهذا الشكل”، مشيراً إلى أن الجولاني يريد أن يؤكد أنه شخص مدني ويمتلك مشروع ورؤية، وأنه مقبول شعبياً ويريد أن يكون مقبولاً دولياً”.
وقال عرابي إن الجولاني مر بعدة تحولات منذ ظهوره، كونه “شخص يريد أن يصل للسلطة بأي صيغة”، و”هو يقدم نفسه على أنه حريص على مصلحة الأمة، فإذا كانت مصلحة الأمة في تبني النظرية الجهادية يتبناها، وإذا كانت مصلحة الناس في تبني الليبرالية فقد يأتي يوم ويتبناها”.
وحسب ذات المتحدث، يوجد “قراءة عند الهيئة بأن وصول الديمقراطيين إلى الحكم في أمريكا، فرصة يجيب اغتنامها، لذلك نرى سبب اختيار ظهوره في هذه المقابلة مع مارتن سميث الذي يمتلك شبكة إنتاج كبيرة في أمريكا، ويمكن من خلاله تسويق رؤية الهيئة الجديدة، وبعد ذلك تشكيل رأي عالمي جديد، حتى لو لم ترفع عن قائمة الإرهاب مباشرة، لكنه يسعى إلى تشكيل رأي عالمي جديد يجعل من القبول به فيما يعد مسالة مستساغة وممكنة”.
وحمل ظهور الجولاني رسائل متعددة، حسب “الشرعي” السابق في “جبهة النصرة”، علي العرجاني، ومنها محاولته إبراز نفسه كـ”شخص معتدل”.
وقال العرجاني، الذي خرج من “النصرة” سنة 2016، عبر تطبيق “تيلغرام” لـ”السورية.نت”، إن “الجولاني يريد أن يبرز نفسه كمعتدل (الطاعة لأمريكا)، وأنه يستحق أن يرفع عنه (وصف) الإرهاب ويتم التعامل معه مباشرة”.
الهيئة صامتة
وبينما لم تُنشر مقابلة الصحفي مع الجولاني حتى الآن، وإنما مُجرد صورة مع تعليق من سميث عن فحوى المقابلة، فإن ردود أفعال عديدة، سُجلت منذ الأمس، إلا أن “هيئة تحرير الشام” لم تعلق، في حين تواصل فريق “السورية. نت” مع تقي الدين عمر في المكتب الإعلامي لـ”الهيئة”، دون الحصول على اجابات.
لكن القيادي البارز في الهيئة، أبو ماريا القحطاني، علق عبر حسابه في “تلغرام” على صورة الجولاني بالقول “صحفي أتى من بعد 18 ألف كم ليستمع بإصغاء لما يقوله شخص يمثل جزأ كبيراً من الثورة وشهد حرب العراق ونسج مع إخوانه أهم المحطات، واهتم لفهم الفكرة والعقيدة والتوجه، وأن الكثير من العقلاء أدركوا أهمية ذلك”.
وأضاف القحطاني أن “آخرين اهتموا بنمرة الحذاء والبنطال والقميص، تختلف اهتمامات الناس وكل شخص يهتم بما يليق به”.
وكان الجولاني زاد من ظهوره، خلال الأشهر الماضية، في إدلب إلى جانب الأهالي، في سعي منه على ما يبدو لتحسين صورة “تحرير الشام”، بعد انتقادات وسخط شعبي اتجاه الهيئة وسياستها، وتصنيفها منذ سنوات على قوائم “الإرهاب” بسبب فكرها الجهادي.
وتعتبر “هيئة تحرير الشام” الجهة الفاعلة والنافذة في محافظة إدلب، إذ تفرض سيطرتها على جميع المدن والمناطق، عسكرياً وإدارياً.