يترقب الشارع التركي السياسة الاقتصادية التي سينتهجها الرئيس المعاد انتخابه، رجب طيب أردوغان، خلال الأشهر المقبلة، وخاصة بعد تراجع الليرة التركية أمام العملات الأجنبية.
ويعاني الاقتصاد التركي، في السنوات الأخيرة، تضخما جامحاً بعد تراجع الليرة التركية إلى مستويات قياسية.
ويلقي البعض اللوم على السياسة النقدية التي انتهجها الرئيس التركي فيما يتعلق بتخفيض أسعار الفائدة.
وأعلن أردوغان، في اجتماع مع رجال الأعمال أمس، وضع خطة اقتصادية ومالية على مبدأ الثقة والاستقرار، من أجل تعزيز الاقتصاد وجذب الاستثمار، ومحاربة التضخم.
وقال أردوغان إن “حكومته لديها سجل حافل في محاربة التضخم”.
الاقتصاد التركي..خيارات حرجة
وأمام أردوغان خيارات لانتشال الليرة التركية من انخفاضات جديدة، عبر تعيين فريقٍ اقتصاديٍ جديد يتمتع بالمصداقية، لكبح جماح التضخم.
ونقل موقع “ميدل أيست أي” عن مصادره التركية، أن أردوغان التقى وزير المالية الأسبق محمد شيمشك، من أجل تعيينه وزيراً للمالية.
وقال أحد الأشخاص المطلعين على الاجتماع للموقع، إن أردوغان مُصر على أسعار الفائدة المنخفضة.
بينما شيمشك حاول إقناع أردوغان بمنحه حرية التصرف في السياسة النقدية لمدة 18 شهراً على الأقل.
واقترح زيادة تدريجية في رفع أسعار الفائدة من مستواه الحالي البالغ 8.5% حتى 25%، إلى جانب تعيين وزراء جدد يتماشون بشكل وثيق مع تفكيره.
وقال المصدر إنه “يمكنهم الاتفاق على أي شيء، لكن رفع أسعار الفائدة لا يزال يمثل مشكلة”.
وهناك مخاوف من التزام أردوغان بهذه السياسة، إذ قال وولف بيكولي الخبير من شركة “تينو Teneo” الاستشارية، إن الرئيس التركي له تاريخ في تغيير فريقه الاقتصادي.
وأضاف بيكولي أن أردوغان يمكن أن يقيل شيمشك أو أي شخص يعينه وزيراً للمالية في أي وقت.
“فائدة تتناسب مع التضحم”
واعتبر أن الرئيس التركي يحتاج إلى أدوات لمحاربة التضخم بشكل حاسم، ويحتاج إلى سعر فائدة يتناسب مع التضخم.
وأكد أن هناك طرقاً مختلفة يمكن أن يرسل بها أردوغان إشارة جيدة للمستثمرين، مثل وعود بإجراء إصلاحات هيكلية في سوق العمل أو النظام الضريبي، إلى جانب علاقته مع واشنطن ورفع تركيا الفيتو عن انضمام السويد إلى الناتو.
ونقل الموقع عن مسؤول تركي كبير، أن أردوغان غير رأيه بشأن السياسة الخارجية لتركيا في نيسان الماضي، ويمكنه تغيير رأيه بشأن الاقتصاد.
ويعتقد كبار المسؤولين الأتراك المحيطين بأردوغان، بأنه يجب حصول تحول في السياسة النقدية والاقتصادية.
وفي حال إصرار أردوغان على سياسته النقدية، فإن الخيار الثاني أمامه، تدهور أكبر لليرة التركية أمام الدولار، والبحث عن تمويل مؤقت من خلال الحصول على صفقات من دول الخليج العربية وأذربيجان وروسيا.
وقال تيموثي آش، كبير المحللين الاستراتيجيين السياديين في “BlueBay Asset Management”، إن دول الخليج لن يقدموا القروض إذا رأوا “السياسيات النقدية السيئة التي تؤدي إلى مخاطر، ما يعني أنهم لن يستردوا أموالهم”.
كما أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لديه مصلحة في إبقاء أردوغان يعاني من ضائقة مالية وأكثر اعتماداً، متوقعاً بأنه “لا توجد عمليات إنقاذ كبيرة لأردوغان”.
ويرى آش أنه “إذا أبقى أردوغان أسعار الفائدة منخفضة، وغير قادر على تأمين الأموال من الخارج، سيضطر إلى ترك الليرة تذوب والمخاطرة بارتفاع التضخم نتيجة لذلك”.