صحافة عبرية: أسماء الأسد..من “وردة الصحراء” إلى “المرأة الحديدة”
نشرت مجلة “كلكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية، مقالاً مفصلاً عن صعود نجم أسماء الأسد، والتحولات التي طرأت على شخصيتها ودورها السياسي، منذ دخولها القصر الرئاسي، كزوجة لرأس النظام في سورية.
ويأتي المقال على خلفية الصراع الدائر في الحلقة الضيقة للنظام، بعد فيديوهات حوت الاقتصاد رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، التي فضحت للعلن حالة الفساد المالي والصراع التنافسي بين أركان الحكم في أعلى الهرم في بلد لا يزال يعيش “حالة حرب” منذ تسع سنوات وأغلبية شعبه تحت خط الفقر.
يصف المقال التحليلي الذي نشرته المجلة في ملحقها الأسبوعي، أسماء الأسد ، كإحدى وجوه الاستبداد الصامتة في سورية، وكيف تسير على خطى زوجها الرئيس وتجمع خيوط الحكم بيدها.
ويسلط كاتب المقال، دورون بيسكين، الضوء على التأثير المتصاعد لأسماء، وحضورها الفعّال في الحكم، ويشير إلى دورها في صد التوغل الإيراني والتحريض ضد روسيا، وإنشاء طبقة من رجال الأعمال الجدد وبناء شبكة اقتصاد عائلية مقربة من أسرتها.
بدأ الكاتب مقاله الذي نُشر قبل أسبوع، بوصف أسماء على أنها كانت “سوبرستار” ونجمة خطفت الأضواء من يومها الأول، لما تملكه من حسن وجمال، منذ ظهورها كزوجة لبشار الأسد عام 2000، بعد فترة وجيزة من توليه الرئاسة، حظيت باهتمام محلي وعالمي، لدرجة أن صورها تصدرت أغلفة مجلات الموضة العالمية، كمجلة “فوغ” (vogue) الأمريكية.
ويستدرك بيسكين قوله، ولكن بعد اندلاع “الحرب الأهلية” في سورية، التي أظهرت بشار الأسد ديكتاتوراً متعطشاً للدماء ويذبح شعبه، بقيت أسماء الأسد على نمط حياتها المترفة، منفصلة عن الواقع الذي يعيشه السوريون، وراحت تبذر الأموال في وقت كانت تهان فيه كرامة الشعب.
من كانت توصف قبل عقد من الزمن بأنها “وردة الصحراء”، تبدو اليوم شخصية حازمة ومتوحشة لا تعرف الرحمة ولا تتردد بإزالة أي عقبة تقف في طريقها من دون هوادة.
حتى في تعاملها مع مرض السرطان، وفي سعيها لإعادة تشكيل النخبة الحاكمة في سورية من الدوائر المقربة إليها. ويقول الكاتب: “يبدو أن أسماء نجحت في الوقت الذي فشلت فيه إسرائيل، في تحجيم النفوذ الإيراني في سورية”.
نساء القصر
ويشير الكاتب في مقاله إلى دور النساء في القصر الجمهوري، وظهور فاعليتهن خلال الأزمات العصيبة في الحكم، ففي الصراع الذي نشب بين حافظ الأسد وأخيه رفعت، في ثمانينيات القرن الماضي، تدخلت أمهما ناعسة في تسوية الخلاف، وكذلك دور أنيسة مخلوف، التي كانت تعتبر أقوى امرأة في سورية، وأكثر شخصية مؤثرة في ابنها الرئيس. وعندما اندلعت “الحرب الأهلية” في 2011 هي التي أوصت بفرض النهج الأمني والقمع الوحشي، كما ساندت زوجها حافظ الأسد في 1982 في قمع وتدمير مدينة حماة، وهي من سلمت عائلتها (مخلوف) مفاتيح خزائن الدولة.
أما عن أسماء، كتب بيسكين:”حتى مرض السرطان لم يوقف أسماء الأسد، الديكتاتورة الصامتة، التي تحكم سورية من خلف الكواليس”.
موت الحماة كان مؤشراً.. وابن خالتي مقابل ابن خالك
ويرى الكاتب، أن تاريخ 16 شباط/فبراير 2016 كان مهماً في حياة أسماء “السيدة الأولى في سورية”، يوم وفاة حماتها أنيسة، وزيادة تأثير الكنة الغريبة في القصر، باعتبارها من عائلة سنّية.
مهدت وفاة أنيسة الطريق أمام أسماء لطرد “آل مخلوف” من مواقعهم في السلطة، وخلق نخبة اقتصادية جديدة بدلاً منهم بالاعتماد على عائلتها “الأخرس” وعائلة خالتها من بيت “الدباغ”، بالإشارة إلى إحلال مهند الدباغ بدل رامي مخلوف.
أسماء هي من تحرض زوجها ضد ابن خاله، وتقنعه أن الأخير وفساده المالي هو من فجر الأوضاع ضد الحكم.
كما يتطرق المقال إلى الكثير من التفاصيل، حول طرق أسماء الأسد (44 سنة) في إعادة تشكيل صورتها في ظل الحرب في الشارع السوري، عبر الترويج لنفسها كزوجة صبورة تحدت مرض السرطان في مشاف عسكرية داخل سورية، وذلك بعد فشلها بتلميع صورتها مع بداية عام 2011 عبر نشر صورتها على غلاف مجلة “فوغ” الأمريكية.
وقتها، اعتمدت أسماء حسب الكاتب، على شبكات و”لوبيات” إعلامية أمريكية لتلميع صورتها، ودفعت راتب شهري مقداره 5 آلاف دولار شهرياً لـشركة “لافيد جيمس”، وهي شركة علاقات عامة أمريكية، لنشر صورتها على غلاف “فوغ” تحت عنوان “وردة الصحراء.. التي ستجلب التقدم والديمقراطية لسورية”، الأمر الذي اعتبر فضيحة في الأوساط الإعلامية العالمية، وتعرضت المجلة لانتقادات، لا سيما بعد انتشار صور ومشاهد شلالات الدم التي تسيل في شوارع سورية على يد زوج أسماء.
ومن اللافت في الكتابة التوضيحية (الكابشن) على الصورة الرئيسية المدرجة بالمقال، التي تظهر فيها أسماء تلتقط صورة “سيلفي” مع نساء سوريات، ورد فيها، “أسماء الأسد.. تحتضن المحتاجين أمام الكاميرات وخلف الكواليس تسرق منهم ملايين الدولارات”.
كما أورد المقال الكثير من التفاصيل، التي هي متداولة في أوساط السوريين، وقد لا تضيف جديداً لدى البعض، أو لدى الكثيرين ربما، ولكنها قدمت إحاطة كاملة لحياة أسماء الأخرس ودورها في الحياة السياسية السورية.
لم يقدم كاتب المقال أي مصدر يثبت به المعلومات التي أوردها، الأمر الذي يبقيها في دائرة التحليل الذي قد يخطأ أو يصيب، ومع ذلك يكتسب المقال أهميته، لما يعكسه لجانب من وجهة نظر إسرائيل، إزاء ما يحدث في سورية، وكيف تقرأ الصحافة الإسرائيلية صراع “الأخرس-مخلوف”.