عباس إبراهيم.. من هو رجل أمن لبنان الذي يمسك بملف السوريين؟
مرة جديدة يبرز اسم اللواء عباس إبراهيم على الساحة اللبنانية، عقب تسلمه ملف اللاجئين السوريين في البلاد، والذي يراه الكثير من السياسيين “حاسماً وشائكاً” في آن واحد.
يعتبر “إبراهيم” من أبرز الشخصيات الأمنية في لبنان، التي حازت على ثقة الأقطاب السياسية بكافة مكوناتها، خلال السنوات الماضية.
ويرتبط ذلك بـ”نجاحه في حلحلة الملفات الحاسمة التي أوكلت إليه سواء كانت سياسية أم أمنية”، وحتى أنه بات يوصف بـ”مفتاح الحلول”.
ورغم أنه رجل أمن ويدير الأمن العام اللبناني، فيما عمله منوط بالملفات الأمنية، إلا أنه أدى خلال السنوات الماضية أدواراً سياسية من خلال إدارة ملفات شائكة، جعلته “محط ثقة” لدى الكثيرين.
كما يعتبر من الشخصيات القليلة التي جمعت بين العمل الأمني والسياسي في لبنان في آن واحد، ما أدى به إلى بناء علاقات جيدة مع دول إقليمية ودولية.
“حارس الأمن الشخصي”
إبراهيم من موالد صيدا عام 1959 وحاصل على إجازة جامعية في العلوم العسكرية، وبكالوريوس العلوم في إدارة الإعمال، وتطوع في الجيش اللبناني والتحق بالمدرسة الحربية عام 1980.
شغل مناصب أمنية عدة كان أبرزها تولي الأمن الشخصي للمبعوث الجامعة العربية إلى لبنان الأخضر الإبراهيمي في عام 1989، والذي لعب دوراً مهماً في “اتفاق الطائف” وإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية.
وعين إبراهيم عقب ذلك الحارس الشخصي للرئيس اللبناني إلياس الهراوي، وبقي في المنصب حتى عام 1992 عندما كُلف بحماية رئيس الوزراء، رفيق الحريري، وبقي حتى عام 1993، قبل أن يعود في العام الذي يليه إلى مديرية المخابرات.
ولمدة أربع سنوات عين إبراهيم “رئيس قسم مكافحة الإرهاب والتجسس في فرع المكافحة بمديرية المخابرات، قبل أن يعين رئيس فرع المكافحة في مديرية المخابرات حتى عام 2002، ثم قائد فوج المغاوير بين عامي 2002 و2005.
في 2005 عين رئيس فرع مخابرات جنوب لبنان قبل أن يصبح المساعد الأول لمدير المخابرات في 2008.
“ورقة اللاجئين الفلسطينيين”
يعتبر ملف اللاجئين الفلسطينيين من أبرز الأوراق التي أمسكها إبراهيم، وخاصة في أحداث مخيم نهر البارد عندما اندلعت اشتباكات بين الجيش اللبناني وحركة “فتح الإسلام”، في 20 من مايو/ أيار 2007، واستمرت حتى 2 من سبتمبر/ أيلول من العام نفسه.
خلال الأحداث برز اسمه من خلال منع امتداد أحداث نهر البادر إلى مخيم عين الحلوة، بسبب علاقاته الجيدة مع الفصائل داخل المخيم.
كما لعب دوراً في عملية تبادل الأسرى بين “حزب الله” اللبناني وإسرائيل في عام 2008، عندما تم تسليم رفات جنديين إسرائيليين قتلوا في حرب 2006، مقابل الإفراج عن سراح سمير القنطار ومقاتلين آخرين من حزب الله.
المسارات هذه التي انخرط إبراهيم فيها جعلته محط ثقة لدى “الثنائي الشيعي” في لبنان، “حزب الله” و”حركة أمل”، فاتفقوا على تعيينه مديراً عاماً للأمن اللبناني في 2011، بقرار من الرئيس ميشال عون.
“الملف السوري”
تزامن وصول إبراهيم إلى الأمن العام مع تأجج الأوضاع في سورية وبدء تأثيرها على لبنان، سواء تدخل “حزب الله” في القتال إلى جانب قوات الأسد، أو اندلاع المعارك على الحدود اللبنانية، إلى جانب التفجيرات التي ضربت عمق الضاحية الجنوبية في بيروت، الأمر الذي صعب مهمته.
وترك إبراهيم عدة بصمات في تعامله مع الملف السوري، خلال السنوات الماضية، كان أولها ملف المخطوفين اللبنانيين في مدينة اعزاز بريف حلب، رداً على خطف مواطنين أتراك في الضاحية الجنوبية في 2013.
وتمكن إبراهيم، حينها، بعد عدة زيارات سرية وعلنية قام بها إلى تركيا وقطر من إطلاق سراح المخطوفين وإعادتهم إلى لبنان، لتعتبر أولى “بصماته” في سجل اللواء، ليوكل إليه قضية راهبات معلولا.
في ديسمبر/كانون الأول في 2014 أقدمت “جبهة النصرة” على خطف 13 راهبة من دير “مار تقلا” الأرثوذكسي في بلدة معلولا بالقلمون الغربي شمال دمشق، قبل أن يطلق سراحهن في مارس/ آذار مقابل الإفراج عن 153 معتقلة من سجون نظام الأسد، بعد مفاوضات قادها إبراهيم.
وفي 2015 قاد إبراهيم أيضاً مفاوضات مع “جبهة النصرة” لمدة 16 شهراً، من أجل إطلاق سراح 16 جندياً لبنانياً، مقابل إطلاق سراح 13 سجيناً بينهم خمسة نساء، وفتح ممر إنساني إلى عرسال على الحدود اللبنانية- السورية.
كما تمكن من إجراء مفاوضات مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، في 2017 للكشف عن مكان دفن جثث 11 لبنانياً كان الأخير قد اختطفهم من بلدة عرسال في 2014.
وأجرى إبراهيم حينها صفقة مع التنظيم، تضمنت تأمين مغادرة عناصر التنظيم من الحدود السورية إلى مواقعه في شرق سورية، مقابل الكشف عن مصير الجنود.
“ملف المخطوفين الأمريكيين”
إلى جانب الملفات الأمنية والعسكرية التي نجح بها، وبسبب علاقته مع النظام السوري جعلته أمريكا يلعب دور الوسيط من أجل بحث مصير المختطفين الأمريكيين، على رأسهم الصحفي “أوستن تايس”.
وتمكن إبراهيم من لعب دور في إطلاق الكندي سراح كريستن لي باكستر، في 2019. وهو سائح دخل سورية في كانون الأول 2018.
كما لعب دوراً في إطلاق سراح سام جودوين، وهو مواطن أمريكي أُطلق سراحه من سورية، في العام نفسه.
وقاد “إبراهيم” مفاوضات لإطلاق سراح الصحفي الأمريكي المعتقل لدى النظام السوري، أوستن تايس، وزار الولايات المتحدة الأمريكية لمناقشة الموضوع.
وفي مايو/ أيار الماضي، قال خلال زيارته إلى واشنطن: “ناقشنا ملف السيد تايس واتفقنا على ضرورة إحراز تقدم ما، لكن علينا أن نرى أولاً كيف يمكننا سد الفجوة، وكيفية تقريب وجهات النظر بين واشنطن ودمشق”.
وكان “تايس” قد أجرى زيارة إلى سورية في صيف عام 2012 لتغطية أحداث الثورة، لكن تم اعتقاله على حاجز قريب من دمشق، حسب المعلومات الصادرة عن الخارجية الأمريكية، وهو صحفي، وجندي سابق في قوات البحرية الأمريكية.
وتتوجخ أصابع الاتهام للنظام السوري باختطافه واحتجازه فيما بعد، فيما ينفي النظام أي علاقة باختطاف المواطنين الأمريكيين في سورية.
“اللاجئون السوريون”
آخر الملفات التي تسلم إبراهيم زمامها، كانت ملف اللاجئين السوريين، إذ أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، الأسبوع الماضي، قراراً كلف فيه إبراهيم، باستلام ملف النازحين السوريين.
وأكد القرار أن تكليف إبراهيم يأتي “لتأمين العودة الطوعية والآمنة للسوريين، وللتواصل في هذا الخصوص مع الجهات السورية المعنية”.
كما أفسح القرار لإبراهيم “الاستعانة بما يراه مناسباً من الإدارات والمؤسسات العامة، وهيئات المجتمع المدني، في سبيل إنفاذ المهمة المطلوبة منه”.
ويقول إبراهيم، لصحيفة “النهار” اللبنانية: “بدأنا قبل نحو عشرة أعوام في إجراءات مواجهة هذا الملف عبر مدخلين: الأول، اتخاذ إجراءات وتدابير أمنية وقانونية للحد أولا من موجات النزوح عبر تدابير أمنية مشددة، والثاني الخطوات العملانية الكفيلة بتأمين عودة طوعية للراغبين منهم، ولاسيما بعد تراجع المواجهات في ثلثي سورية وتحوّلها الى مناطق آمنة نسبياً”.
وأضاف إبراهيم “سنعيد فتح 17 مركزاً في كل المناطق والمعابر تخصص لهذه المهمة، بعد أن نشجعهم من خلال إعفائهم من الغرامات والرسوم المفروضة عليهم أن هم غادروا وتعهدوا عدم العودة”.
ويأتي تعيين إبراهيم دلالة على أن الدولة اللبنانية تعلم تماماً بأن إعادة النازحين السوريين، تحتاج إلى قرار دولي وليس اجتماع مع وزراء سوريين،حسب ما قاله المحامي والمحلل السياسي أمين بشير، في وقت سابق لـ”السورية. نت”.
وأضاف البشير: “لذلك بدأوا بالبحث عن طريق جديد. النتائج هي رهن تحركات إبراهيم وقدرته على حل الملف”.