عبدي يتلاعب على حبال المصالح الروسية التركية الأمريكية
ظهر زعيم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، في تصريحاته الأخيرة، كأنه غير مبالٍ بالتهديدات التركية بشن عمل عسكري بري، وما يرافقه من ضغط روسي، كما حمل مسؤولية صد الهجوم التركي لقوات الأسد.
وحاول عبدي إظهار قوة مجموعاته العسكرية، وقوة موقفه التفاوضي مع قائد القوات الروسية في سورية، ألكسندر تشايكو، باعتبار الشروط الروسية وجلسات التفاوض ليست إلا اجتماعات “لدراسة الخروقات التي نطلب منهم (الروس) بشأنها أن يلتزموا بالاتفاقات”.
حديث عبدي المطول مع صحيفة “الشرق الأوسط“، لم يخف فيه خشيته من “الخذلان الأمريكي”، كما حصل عام 2019، لكنه بنفس الوقت أكد على دور الضغوط الأمريكية في كبح جماح الإندفاع التركي.
وهو ما يطرح تساؤلاً عن مصدر قوة موقف عبدي الذي حاول إظهاره، والذي جاء بعد توقعاته السابقة بأن تركيا ستشن عملاً عسكرياً وستستهدف مدن منبج وتل رفعت وعين العرب/ كوباني للسيطرة عليها.
عبدي يدرك الرغبة الروسية
أوضح الباحث بدر ملا رشيد، مدير مركز “رامان للبحوث والاستشارات”، أن مواقف عبدي الظاهرة في تصريحاته، يمكن أن تكون ناتجة عن الدعم الأمريكي لـ”قسد” مؤخراً، وجهود واشنطن في تأخير العملية التركية.
وأضاف الباحث في حديثه لـ”السورية نت”، أن عبدي من جانب آخر “يدرك أن روسيا لا ترغب بأي عملية عسكرية تركية جديدة من شأنها أن تزيد مساحة سيطرة أنقرة”.
وهو ما يعني “ترجيح الكفة التركية في مواضيع مترابطة سواءً فيما يتعلق بالمساحة الجغرافية، أو الكتلة البشرية، أو الطرق الدولية الاستراتيجية”.
وتحدث عبدي في لقائه مع “الشرق الأوسط” عن تأثير الضغط الأمريكي على أنقرة، الذي “كان له تأثير إلى حد ما، ومع مرور الوقت تزايد الضغط الدولي عليها”، مشيراً إلى أن أنقرة تعرضت لـ”ضغط كبير”، بسبب ما سماه “خرق لتفاهمات أجرتها تركيا مع روسيا أو أمريكا”، ما أدى إلى خفض حدة قصفها.
وتمارس الإدارة الأمريكية منذ العام 2019 ضغطاً إلى أعلى المستويات ضد أنقرة، كي لا تقوم بعمليات عسكرية برية، ولم يسمحوا لها بذلك، حسب عبدي.
ولم يتوقف عند هذا الحد بل وصلت به الأمور إلى الحديث عن تأثير الضغط على الانتخابات التركية المقبله صيف العام المقبل، بقوله “نستطيع القول إننا طلبنا منهم أن يستمروا في الضغوط (للأمريكيين) ليلاحظ الأتراك، وبالأخص إردوغان، أنه ليس بإمكانهم القيام بأي عملية إذا كانوا يريدون الاستمرار في السلطة والاحتفاظ بالحكم خلال الانتخابات المقبلة”.
سياسي واستخباراتي..تحذيرات أمريكية لأنقرة حيال عمليتها (السيف المخلب)
خلط الأوراق
قال الباحث بدر ملا رشيد، إن الملف السوري رغم تجميده، إلا إن معظم الدول المنخرطة في الساحة السورية، لا ترغب في تغيير موازين وتوازن القوى على الأرض، قبل الوصول لتفاهم متكامل حول توزع السيطرة والسلطة في مستقبل سورية.
كما إن للأزمة الأوكرانية دورها في خلق معوقات جديدة للتفاهمات الأمريكية الروسية، التي من المحتمل أن تستمر إلى أن تهدأ جبهات المعاركة في أوكرانيا وتدخل أطراف الحرب لعملية تفاوضية.
وبحسب تعبير رشيد، فإن “عبدي يحاول الوصول مع الجانب الروسي لمرحلة تمنح قواته سلطة عسكرية أو أمنية في المستقبل”.
لذا فإن القوة الظاهرة في تصريحاته بمطالبه من الجانب الروسي “تتعلق بمعظمها وناتجة عن فهم ما ستمثله العملية العسكرية من خلطٍ لأوراق روسيا والنظام وأمريكا سوية، سواءً على المدى القريب أو البعيد” .
وذكر عبدي في تصريحاته لـ”الشرق الأوسط” أنه يريد الذهاب إلى دمشق “عندما تنضج الظروف للحل”، وهو لا يعارض أن تكون “قسد” جزءاً من المنظومة الدفاعية لجيش الأسد لكن بشروط وتفاصيل.
وتضم “قسد” 100 ألف مسلح أمضوا عشر سنوات في القتال”، بحسب عبدي، “وهم في حاجة إلى حل دستوري وحل قانوني”.
وأضاف أن “قسد يجب أن يكون لها دور وخصوصية ضمن الجيش السوري”.
الضغط الروسي يقابله النفي بتواجد القوات
تحاول روسيا باستمرار الضغط على “قسد” مع كل تهدديد تركي ونجحت في إدخال قواتها إلى جانب قوات الأسد منذ تشرين الأول / أكتوبر 2019، إلى عدة أماكن بمناطق سيطرة “قسد”، مستفيدة من بنود اتفاق “سوتشي”.
وحاولت منذ إطلاق تركيا عملية “المخلب السيف” في 20 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، الضغط على “قسد” لتحقيق انتشار أوسع على الشريط الحدودي مع تركيا بعمق 30 كيلو متراً، والذي يتوافق مع مطالب أنقرة.
لكن عبدي قال إن قواته غير متواجدة في المنطقة، ومن يتواجد هو جيش الأسد وروسيا، مؤكداً أن قوى الأمن الداخلي “الأساييش” تتواجد هناك لكن الاتفاقية لا تشملها.
واعتبر أن ما اتُفق عليه مع النظام أو مع روسيا أو روسيا وتركيا، نفذته قواته.
وحمل مسؤولية التصدي لهجوم تركي بري على منبج وتل رفعت وعين العرب لقوات الأسد، لأنها هي من ستكون مستهدفة، و”عندها على النظام أن يتخذ قراراً إما بالانسحاب وعدم القتال وترك تلك المناطق للجيش التركي والانسحاب منها، أو أن يقاتل”.
ونفى أن تكون روسيا تضغط عليهم لتسليم الشريط الحدودي.
فروسيا “حالياً في موقف محايد بيننا وبين تركيا، وتحاول أن تجعل الاتفاقية سارية المفعول، وأن تعالج الخروقات التي تحصل، والاجتماعات مع روسيا هي لدراسة الخروقات التي نطلب منهم بشأنها أن يلتزموا بالاتفاقات”، حسب تعبير عبدي.