بعد أيام من المواقف التركية التي اعُتبرت جديدة حيال الملف السوري، خاصة المتعلقة منها بإلتواصل مع نظام الأسد، وإمكانية إعادة العلاقات منه، يستمر الجدل والنقاش حول طبيعة هذه العلاقة، وإن كانت تحمل أهدافاً سياسة آنية لأنقرة؟ أم أنها تغيير استراتيجي في هذا الملف؟
الصحف التركية، خاض العديد منها، اليوم الأربعاء، نقاشاً حول قضية إعادة العلاقات بين الجانبين، ومنها صحيفة “حريات“، عبر مقال تحليلي للكاتب المقرب من الحكومة”سدات أرغين”، وحمل عنوان: “لقد تم تجاوز عتبة حرجة في التطبيع مع نظام الأسد”.
وبين أرغين في مقاله الذي ترجمه فريق “السورية.نت”، أن التصريحات المتعلقة بـ”المحادثات” مع النظام وإمكانية إعادة العلاقة معه، سبقتها مواقف مهدت لها، مذكراً بتصريحات للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته، جاويش أوغلو، خلال عامي 2018 و2019.
Esad rejimi ile normalleşmede kritik bir eşik geçildi! Sedat Ergin yazdıhttps://t.co/PeAnc5itYW @ErginSedat1 pic.twitter.com/7amdxKd0O1
— Hürriyet.com.tr (@Hurriyet) August 17, 2022
ويذكّر الكاتب في هذا المجال، بخطاب أردوغان على قناة TRT في عام 2019، وقال فيه: “بطريقة أو بأخرى، لن تكسر الحبل تماماً، حتى لو كنت عدوك، قد تحتاج هذا الحبل لبعض الوقت “، وحسب الكاتب، فقد استخدم الرئيس هذا البيان لتبرير الاتصالات التي أعلن حينها أنها تجري بين مخابرات بلاده، ومخابرات الأسد.
ويرى أرغين في هذا السياق، بأنه “من الواقعي توقع تغييرات جذرية في العلاقات بين أنقرة ودمشق في وقت قصير، ومن الواضح أن المسار القادم للحوار بين نظام الأسد وتركيا سيمر بعملية مؤلمة وصعبة للغاية في ظل الإرث الثقيل الذي خلفته الأحداث على مدى السنوات الـ11 الماضية والوضع الفعلي على الأرض اليوم”.
وختم مقالة بالتأكيد على صعوبة “إنكار ظهور وضع جديد في العلاقات، سيخبرنا الوقت كيف سيتشكل هذا الوضع الجديد”.
إعادة العلاقات.. والعودة
صحيفة “صباح“، وتحت عنوان “الفترة الجديدة لسورية”، حاول كاتب المقال محمد برلاس، تبرير تصريحات وزير الخارجية التركي المتعلقة بالتقرب من النظام، مشيراً إلى أنه يمكن من خلالها “تصفية أعضاء حزب العمال الكردستاني”، إضافة إلى “جعل حلب صالحة للعيش من خلال التعاون مع النظام الشرعي في سورية” حسب وصفه.
ومن جانب آخر، رأى برلاس، أنه من خلال استعادة العلاقات، فإنه يمكن لـ”معظم اللاجئين السوريين في تركيا العودة إليها”، متهماً من جانب آخر، الولايات المتحدة الأمريكية بممارسة دور سلبي بما جرى في سورية، وقال: “نحن نعلم أن إحدى الدول الضحية في الشرق الأوسط ، والتي قلبتها أمريكا رأساً على عقب، هي سورية والأخرى هي العراق”.
وتابع: “لقد حان الوقت للخروج من المسار السوري الخاطئ الذي قاد تركيا إليه هيلاري كلينتون، ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو”.
فرصة لـ”فتح الباب”
صحيفة “خبر تورك“، رأت في مقال لها حمل عنوان “إنها مسألة مفاوضات وعودة اللاجئين”، أن هناك “فرصة لفتح الباب، حتى لو لم تكن هناك نتائج ملموسة على المدى القصير”.
وبرر كاتب المقال “كورشاد زورلو”، تأييده لعودة العلاقات، بإمكانية “وضع خارطة طريق واضحة وملموسة لعودة طالبي اللجوء ، والتي هي بالتأكيد القضية الأكثر أهمية لأمتنا”، داعياً إلى أن تكون “العودة (للاجئين) هي الهدف الرئيسي وطريقة عمل الدولة”.
وفي ذات السياق، نوه زورلو، إلى أن وجود “عدد محدود جداً” من السوريين الراغبين في “العودة الطوعية”، يستدعي من الدولة “اتخاذ قرارات وخطوات حاسمة”.
وتحت عنوان “الشرط الوحيد للسلام في سورية”، حاول “علي هابر” في موقع “ايه خبر” طرح تساؤل إن كان بالامكان بدء “حقبة جديدة في سورية”، وحاول الإجابة عليه بالقول، إن بلاده “تريد إعطاء فرصة للطاولة بدلاً من الميدان. لكن طالما بقي حزب العمال الكردستاني، فلن يكون هناك سلام في سورية، تركيا تجبر دمشق الآن على الجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
وفي معرض تأييده للسياسة التركية الجديدة تجاه الملف السوري، بين هابر بأن تركيا “تريد أنهاء الوضع الفوضوي بأقل وقت ممكن، وتريد حله دبلوماسياً”، مبيناً أن أهم شي الآن، هو انتظار موقف نظام الأسد الذي لم يعلن موقف من التصريحات التركية الأخيرة، وشدد في نهاية رأيه، على أن نظام الأسد “بجاحة الآن لاتخاذ قرار”.
وكانت “صحيفة تركيا”، المقربة من الحكومة التركية، قد ذكرت في 9 من الشهر الجاري، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اقترح على نظيره التركي، التحدث هاتفياً إلى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، حول الملف السوري.
ونقلت الصحيفة عن مصادر “مطلعة”، أن دولة خليجية وأخرى إسلامية إفريقية تجري اتصالات دبلوماسية مع الجانبين، من أجل لقاء أردوغان- الأسد.
وأضافت المصادر أن أنقرة تقول، إن اللقاء “المبكر جداً، قد يتم عقده عبر الهاتف وليس وجهاً لوجه”.
وسبق أن أعلنت إيران الوساطة بين تركيا والنظام للتشاور حول العملية العسكرية شمالي سورية، إذ قال وزير الخارجية الإيراني، أمير عبد اللهيان، خلال زيارته لدمشق الشهر الماضي، إن بلاده تحاول “حل الأزمة” بين تركيا والنظام السوري بالوسائل السياسية.
والخميس الماضي، كشف وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو عن لقاء جمعه بنظيره وزير خارجية نظام الأسد، فيصل المقداد، قبل عشرة أشهر، على هامش قمة حركة “عدم الانحياز”.
وقال رداً على سؤال عما إذا كان هناك احتمال لمكالمة هاتفية بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان وبشار الأسد: “هناك أيضاً نقلت أن الحل الوحيد لسورية هو المصالحة السياسية”.
مضيفاً: “يجب إخراج الإرهابيين من سورية. من ناحية أخرى قلت إنه يجب أن يكون هناك سلام بين المعارضة السورية والنظام، ويمكننا، كتركيا، تقديم الدعم في مثل هذا الوضع”.
والاثنين الفائت، أعلن رئيس حزب “الحركة القومية” التركي، دولت باهتشلي، دعمه لمواقف حكومة بلاده ووصفها بـ”البناءة والواقعية”.
وقال باهتشلي، حليف “حزب العدالة والتنمية”، الحاكم في تركيا: “رغبتنا الصادقة في أن يسود جو التطبيع في جميع المجالات ومع كل جيراننا حتى عام 2023، وما تخبرنا به الجغرافيا الشاسعة التي نعيشها هو أن العيش بالاحتضان، وليس القتال”، حسب تعبيره.