بعد سنوات من “إدارة الأزمات” وتوليه مناصب خارجية لبلاده، عيّنت الولايات المتحدة ديفيد ساترفيلد مبعوثاً خاصاً للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، على أن يبدأ مهامه بإدارة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مباشرةً.
وفي بيان لها، أمس الأحد، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الرئيس جو بايدن عيّن السفير السابق ديفيد ساترفيلد مبعوثاً خاصاً للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط.
وأضافت أنه “سيقود الدبلوماسية الأمريكية لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة بشكل عاجل، بما في ذلك العمل على تسهيل توفير المساعدة المنقذة للحياة للأشخاص الأكثر ضعفاً وتعزيز سلامة المدنيين”.
وتحدثت الخارجية الأمريكية عن الخبرات الدبلوماسية التي يمتلكها ساترفيلد على مدى 40 عاماً، خاصة في إدارة “الصراعات الأكثر صعوبة” في العالم.
إذ سبق أن تولى مهاماً عدة في سورية ولبنان وتونس والسعودية، كما شغل منصب مساعد وزير الخارجية بالإنابة لشؤون الشرق الأدنى.
عين واشنطن في “أستانة”
لم يتولى ساترفيلد أي منصب رسمي فيما يتعلق بالملف السوري، إلا أنه شارك في العديد من المهام، خاصة في المسارات السياسية للحل في سورية.
وكذلك سجّل المسؤول الأمريكي العديد من المواقف والتصريحات حول سورية، معتبراً أنه “لن يكون هناك انتصار عسكري دون تحقيق انتقال سياسي”.
أبرز مشاركات ساترفيلد في الملف السوري كانت من خلال مشاركته في محادثات “أستانة” حول سورية، بصفته عضواً مراقباً لبلاده.
إذ ترأس ساترفيلد مرات عدة وفد الولايات المتحدة المراقب في جولات أستانة حول سورية، وأكد “دعم الولايات المتحدة لجميع الجهود الرامية إلى تحقيق خفض دائم للعنف ووصول دون عراقيل للمساعدات الانسانية”.
كما تحدث عن “قلق” بلاده من مشاركة إيران في هذا المسار، باعتبارها “ضامن” لعملية أستانة.
مشيراً إلى أن “أنشطة إيران في سورية ودعمها المطلق لنظام الأسد قد أديا إلى إطالة أمد النزاع وزيادة معاناة المواطنين السوريين”.
وقال: “أينما كانت الأنشطة الإيرانية السيئة، سنتولى أمرها، ليس في سورية فحسب، بل في العراق واليمن والخليج وفي غيرها من الأماكن، لما في ذلك من تأثير على مصالح حلفائنا ومصالحنا القومية”.
وجاءت تصريحاته تلك خلال جلسة استجوابه من قبل النواب بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حول سورية، مطلع عام 2018، بعد القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وإلى جانب “أستانة”، كان لساترفيلد موقف واضح من الحل السياسي في سورية، داعياً إلى إجراء تغيير دستوري وانتخابات “شفافة” تحت رقابة الأمم المتحدة.
كما تحدث عن ضرورة إعادة إعمار سورية، لافتاً إلى وجود حاجة مبدئياً لمبلغ بين 200 و300 مليار دولار.
لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن المجتمع الدولي لن يقدم المبالغ المطلوبة دون انتقال سياسي للحكم في سورية، أو إجراء انتخابات “نزيهة” بإشراف أممي.
وحول دور روسيا في العملية السياسية بسورية، قال المسؤول الأمريكي إن بلاده “لديها وسائل عدة وأدوات لتقليل تأثير روسيا على نتائج المحادثات السورية”.
وقال خلال الجلسة ذاتها: “هناك إجماع دولي يدعم ضرورة عدم الاعتراف بشرعية أي شيء قد يحدث في سورية خارج الانتخابات، وإصلاح دستوري موثوق فيه، وهذا يعني عدم الاعتراف بأي انتصار سواء لموسكو أو النظام”.
“رجل المهمات الصعبة”
في ظل التطورات الأخيرة والتصعيد المستمر منذ أيام بين “حماس” وإسرائيل، عينت الولايات المتحدة ديفيد ساترفيلد بمنصب المبعوث الخاص للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، في محاولة منها لاحتواء التصعيد الحاصل.
وذلك على اعتبار أن ساترفيلد يملك خبرة عمرها 40 عاماً في إدارة الأزمات، إلى جانب تحدثه اللغتين العربية والعبرية.
إذ سبق أن شغل ساترفيلد منصب مدير الشؤون العربية، والشؤون العربية- الإسرائيلية في وزارة الخارجية الأمريكية، ولعب دوراً أساسياً بـ”عملية السلام” العربية الإسرائيلية في تسعينيات القرن الماضي.
كما عمل مديراً لشؤون الشرق الأدنى في طاقم مجلس الأمن القومي من عام 1993 إلى عام 1996.
ويملك المسؤول الأمريكي خبرة في المفاوضات الثنائية والمتعددة الجنسيات، إلى جانب خبرته في التوسط لحل النزاعات.
وكان له دور بارز في اتفاقية وضع القوات بين الولايات المتحدة والعراق، واتفاقية الحدود على الخط الأزرق مع الأمم المتحدة.
ومنذ تركه الحكومة، عمل المبعوث الخاص ساترفيلد مديراً لمعهد “بيكر” للسياسة العامة بجامعة “رايس”، بحسب الخارجية الأمريكية.
وحصل على جوائز عدة، أبرزها “جائزة وزير الخارجية للخدمة المتميزة” عام 2009، وجائزة “الرتبة التنفيذية الرئاسية المتميزة” عام 2008.
ويعول على ساترفيلد حالياً بتخفيف الأزمات الإنسانية المرتبطة بالتصعيد في فلسطين، وفق بيان الخارجية الأمريكية.
وجاء في البيان على لسان بايدن: “إنني أقدر بشدة رغبة المبعوث الخاص ساترفيلد في تولي هذا الدور، وأتطلع إلى العمل معه بشكل وثيق بهذه الصفة الجديد”.