زراعة حديثة نسبياً بدأت تنتشر في محافظة إدلب، شمال غربي سورية، وهي زراعة فول الصويا التي لم تكن رائجة سابقاً في المحافظة كما هو الحال اليوم، إذ أسهم في ذلك حالة الاستقرار النسبي وتوقف العمليات العسكرية وانخفاض وتيرة القصف في المنطقة.
يُعتبر فول الصويا من المحاصيل البقولية، وهو نبتة صناعية تدخل في تصنيع نحو 80 مادة أهمها الزيت، كما تُستخدم علفاً للمواشي، ما يفسر الإقبال الشديد على زراعتها مؤخراً.
يزرع السيد مازن توامي، ثلاثيني من قرية الشيخ يوسف غربي إدلب، قرابة 70 دونماً من فول الصويا، في تجربة هي الثانية له بعد زرعه نفس المحصول في الموسم الماضي، محققاً مردوداً جيداً، حسب وصفه، ما دفعه إلى تكرار التجرية هذا العام.
زراعة “غير معقدة”
يقول السيد مازن في حديثه لـ “السورية نت” إن تجربته بزراعة فول الصويا كانت ناجحة العام الماضي، إذ أنتج الدونم الواحد نحو 250 كيلو غرام من فول الصويا المغربل.
مضيفاً: “لجأت إلى هذه الزراعة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، والرغبة في زراعة موسم ثاني صيفي بعد المحصول الشتوي، الذي يكون عادة من القمح والشعير، بالإضافة إلى الفائدة الكبيرة التي تحققها هذه الزراعة للأرض بسبب غنى الفول بالعقد الآزوتية”.
وحول متطلبات هذه الزراعة، يقول السيد مازن إن زراعة فول الصويا “ليست معقدة”، إذ تعتمد على سقاية الزرعات بمعدل خمس مرات عن طريق الجري أو البخ، ولا تحتاج إلى أسمدة بسبب غناها بالعقد الآزوتية.
ولفت إلى أن المزارعين عانوا هذا الموسم من انتشار دودة في نبتة فول الصويا رغم مكافحتها عدة مرات بالمبيدات الحشرية، التي لم تنفع بسبب رداءة جودتها.
وتحدث المزارع الثلاثيني عن ضرورة وجود دعم للمزارعين في المنطقة، سواء من المؤسسات المعنية أو من المنظمات الإنسانية، خاصة في تأمين محروقات الري أو الطاقة الشمسية أو المبيدات الحشرية ذات النوعية الجيدة.
كما أشار إلى أهمية وجود معمل لإنتاج زيت فول الصويا في إدلب، بدلاً من إرسال المحصول إلى خارج المنطقة، وبالتحديد إلى مناطق سيطرة النظام أو تركيا.
يُشار إلى أن محصول فول الصويا يُبذر في شهر يوليو/ تموز من كل عام ويُحصد في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو من أهم المحاصيل البقولية الصيفية “ذات الجدوى الاقتصادية”، كون الفلاح يحصل على المردود المادي خلال 100 يوم تقريباً.
ويحتاج المحصول إلى تربة خصبة وغنية بالأسمدة العضوية، ويتطلب اهتماماً من المزارع سواء بعملية تهيئة الأرض للبذار من حراثة وتسميد، إلى جانب السقاية الوفيرة بالمياه والتعشيب ورش المبيدات الحشرية، للحصول على منتج وفير.
وعن طريقة حصاده، أوضح مزارعون لـ “السورية نت” أنه شبيه بحصاد الفول، إذ يُحصد باليد ويُجمع على شكل أكوام، ويتم تقيليبه تحت أشعة الشمس لمدة يومين، وبعدها يدرس بدرَاسة خاصة ويتم يتغليفه وبيعه للتجار.
فائدة مزدوجة
يقول المهندس الزراعي، موسى البكر، في حديثه لـ “السورية نت”، إن الناس كانوا يزرعون فول الصويا سابقاً من أجل بيعه كأعلاف للمواشي، وكانت هذه الفائدة الوحيدة من زراعته.
لكن خلال العام الماضي، تم افتتاح معامل صغيرة لإنتاج الزيت في منطقة معرة مصرين شمالي إدلب، وتم نقلها حالياً لمنطقة سرمدا الحدودية مع تركيا، وبالتالي بات يُستفاد من محصول فول الصويا في العلف، بالإضافة لاستخراج زيت الصويا، الذي يحتل المرتبة الثانية بعد زيت دوار الشمس.
ولفت المهندس الزراعي إلى أن المساحات الزراعية كانت صغيرة العام الماضي مقارنة بالموسم الحالي، الذي شهد زراعة عشرات الهكتارات في سهل الروج ونواحي معرة مصرين وبنش وسرمدا.
وأضاف: “هناك نية لدى عدد من المزارعين بزراعة فول الصويا العام المقبل، نتيجة تأمين متطلباته من مياه وغيرها، بالإضافة لوجود سوق لتصريف المحصول، حيث يتم بيعه للمعامل البدائية الموجودة في المنطقة أو للتجار في تركيا، ليعاد بيعه كزيت وعلف في الشمال السوري”.
يبلغ إنتاج الهكتار الواحد من فول الصويا ما بين 2 إلى 4 طن من البذور، و1 إلى 2 طن من التبن، وذلك حسب التربة والخدمة المقدمة لزراعته من حراثة جيدة وسقاية وأسمدة عضوية ومبيدات.
وتعد زراعة فول الصويا من الزراعات الحديثة في سورية، حيث بدأت في الثمانينيات من القرن الفائت، وتنتشر في ريف حلب والرقة وريف حماة في وسط سورية، وريف دير الزور ومناطق أخرى ولكن بنطاق محدود وبمساحات صغيرة.
ويعتبر النشاط الحيوي في زيت فول الصويا أعلى من الزيوت النباتية الأخرى، ويمكن لجسم الإنسان امتصاصه بنسبة 100%، وهو مفيد للوقاية من أمراض الكلى وتصلب الشرايين وتقوية جهاز المناعة.