زوّدت إيران نظام الأسد بثلاث شحنات نفط، في الأسابيع الماضية، في تحدٍ واضحٍ للعقوبات الأمريكية المفروضة، والتي تحاول من خلالها واشنطن عزل النظام، للضغط عليه للمضي بالحل السياسي في سورية.
وكانت آخر الشحنات النفطية، يوم الاثنين الماضي، حيث بدأت ناقلة نفط إيرانية تفريغ 38 ألف طن من البنزين في مرفأ بانياس النفطي، حسب وكالة “رويترز“.
وجاء صول الشحنة المذكورة، بعد ثلاثة أسابيع من تفريغ سفينة أخرى تحمل الخام الإيراني حمولتها البالغة مليون برميل.
ونقلت الوكالة، اليوم الجمعة، عن ثلاثة ملاحين ورجل أعمال مقيم في دمشق مطلع على الشحنة قولهم إنه وبالإضافة إلى ما سبق، أفرغت سفينة إيرانية تحمل مليون برميل أخرى شحنتها في السواحل السورية.
وتم التفريغ بصورة غير مباشرة، إذ نقلت الشحنات النفطية إلى سفينتين صغيرتين لتسليمها إلى سورية.
ويعتبر ما سبق تحدٍ وكسرٍ للعقوبات الأمريكية المفروضة على نظام الأسد، والتي تمنع أي دولة من التعامل معه، ولاسيما اقتصادياً، في سبيل إجباره على المضي بالحل السياسي.
وعلى الرغم من وصول الشحنات النفطية إلى نظام الأسد، إلا أن أزمة المحروقات التي تعيشها المحافظات السورية ما تزال مستمرة حتى اليوم، دون وضوح التوقيت الذي ستنتهي فيه.
ما أسباب الأزمة؟
وكان نظام الأسد قد برر أزمة المحروقات بأعمال العمرة الأخيرة في مصفاة بانياس، إلى جانب العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة عليه.
وحسب ما نقلت “رويترز” عن ثلاثة من شاحني النفط، فإن خفض الشحنات الإيرانية إلى النصف في الأشهر الأربعة الماضية إلى سورية، أدى إلى تفاقم أزمة الحصول على المشتقات النفطية.
وقالوا: “تفضيل إيران لزيادة المبيعات النقدية للعملاء الآسيويين بدلاً من تزويد حليفتها دمشق بالائتمان كان عاملاً وراء انخفاض الإمدادات”.
في حين نقلت الوكالة عن خبراء صناعة قولهم إن نصف صادرات الخام الإيراني التقطتها السفن الأجنبية عبر عمليات النقل من سفينة إلى أخرى، مما يجعل من الصعب تحديد الوجهات النهائية.
وأضاف الخبراء أن تشديد الرقابة من قبل السلطات اللبنانية لتجنب الوقوع في عقوبات قانون قيصر قلّص أيضاً استخدام الموانئ اللبنانية، من أجل إرسال الشحنات النفطية إلى نظام الأسد.
بدائل النظام
ومع تضييق الولايات المتحدة الأمريكية الخناق على نظام الأسد، بموجب عقوبات “قيصر” وتهديدها المستمر لأي دولة تمد له يد العون، تدور تساؤلاتٌ حول كيفية تأمين النظام لكمية المحروقات التي يحتاجها يومياً، والتي أرجعها الباحث الاقتصادي، مناف قومان، إلى عدة بدائل.
وتحدث قومان لـ”السورية. نت” في وقت سابق، بأن النظام كان يعتمد على أربعة أوعية لإمداده بالمحروقات، الوعاء “الأول كان يعتمد بشكل كامل على النفط في المنطقة الشرقية” التي كانت تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” إذ كان يتعامل مع التنظيم من خلال شبكة تجار.
ومع انخفاض هذا التعاون مع التنظيم أصبحت إيران المورد الرئيسي للمحروقات للنظام وخاصة في 2017 و2018، إذ “كانت طهران تمد النظام شهرياً بمليوني برميل نفط وفق الخطوط الائتمانية بين البلدين، لكن مع تشديد العقوبات الاقتصادية من قبل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، انخفض التوريد الإيراني في 2019، ليتحول النظام إلى العراق عبر البر إلا أن هذا الخط تقلص بعد تطبيق عقوبات قيصر”.
أما الخط الرابع لدى النظام، بحسب قومان، فهو الذي أطلق عليه اسم “خطوط متناثرة” عن طريق التهريب من لبنان عبر صهاريج من خلال حليفه “حزب الله”، إضافة إلى وصول باخر نفط ترسو في موانئ الساحل السوري أو لبنان كل فترة ستة أشهر.
وأوضح قومان أن كميات هذه الخطوط المتناثرة تنخفض وترتفع حسب الظروف الجيوسياسية والاقتصادية، سواء قدمت عن طريق إيران أم لبنان، معتبراً أن النظام ممكن أن يحصل على النفط عن طريق لبنان لكن بسبب غير ظاهر خوفاً من تعرض لبنان إلى عقوبات قيصر، إضافة إلى أن أمريكا تحاول السماح لبعض المافيات والشركات توريد النفط إلى النظام من خلال النظام لتخفيف حدة العقوبات كلما أبدى النظام جديته بالدخول في عمل اللجنة الدستورية.