قلب الغزو الروسي لأوكرانيا مشهد العالم ككل، ومع تصاعد حدة التطورات المتعلقة به، منذ الرابع والعشرين من فبراير / شباط الماضي، انعكست جملة من التطورات على منطقة الشرق الأوسط، والتي يرى مراقبون أنها ستقبل في المرحلة المقبلة على “تحالفات وتكتلات جديدة”.
وقد لا تكون “التحالفات الجديدة” مقتصرة على ما يحصل في أوكرانيا فقط، بل ترتبط بزاوية أخرى وأساسية بحالة الترقب المتعلقة بتوقيع “الاتفاق النووي” الإيراني.
وكان لافتاً خلال الأسبوع الماضي سلسلة التحركات التي قادتها دول عربية في كل من مصر والأردن، بينما تتجه الأنظار يوم غد الأحد إلى اللقاء الخماسي الذي سيعقد في إسرائيل.
“قمة شرم الشيخ”
وفي الثاني والعشرين من شهر مارس/ آذار الحالي عقدت قمة ثلاثية مفاجئة في شرم الشيخ بمصر، بين ولي عهد الإمارات، محمد بن زايد والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، نيفتالي بينيت.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر، في بيان مقتضب، الثلاثاء، أن اللقاء تناول التباحث بشأن تداعيات التطورات العالمية خاصة ما يتعلق بالطاقة، واستقرار الأسواق، والأمن الغذائي، فضلاً عن تبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه آخر مستجدات عدد من القضايا الدولية والإقليمية.
وهذه الزيارة الثانية التي يقوم بها بينيت إلى مصر، حيث زارها لأول مرة في إطار منصبه رئيساً للوزراء، خلال شهر سبتمبر المنصرم.
وعلى الرغم من أن عنوان القمة تصدرته “أزمة الطاقة والتطورات العالمية المرتبطة بأوكرانيا، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت أنه ذهب أبعد من ذلك، وصولاً إلى إيران والاتفاق النووي المرتقب، وتداعياته “السلبية” التي ستنفرض على المنطقة.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية في تقرير لها، الأربعاء، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت عرض على مصر والإمارات خلال القمة تشكيل تحالف ضد إيران، وعرض نظام دفاع إقليمي ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار.
“قمة في العقبة”
أيامٌ قليلة مضت على القمة المذكورة، لتشهد مدينة العقبة الأردنية خطوات مماثلة.
والجمعة عقد العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، لقاء رباعياً ضم ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لبحث المستجدات الدولية والإقليمية.
وذكرت قناة “المملكة” الرسمية أن اللقاء كان “تشاورياً” في المدينة التي تطل على البحر لأحمر على بعد 325 كلم جنوب عمان.
وقال مصدر مسؤول، فضل عدم الكشف عن إسمه، لوكالة فرانس برس إن “اللقاء التشاوري الأخوي تناول المستجدات الدولية والإقليمية الأخيرة”.
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي، عريب الرنتاوي للوكالة أن “اللقاءات التشاورية لا ينتج عنها اتفاقيات أو تفاهمات، وإنما الكل يحاول تحسس موطئ أقدامه في ظل المشهد الدولي والإقليمي”.
وأضاف الرنتاوي، وهو مدير مركز القدس للدراسات السياسة، أن الحرب في أوكرانيا “تضع معظم هذه الأطراف (الأردن والعراق ومصر والإمارات) في خانة حرجة فمعظمها حليفة وصديقة لواشنطن تاريخياً، لكنها ترتبط مع موسكو بعلاقات ومصالح عميقة جداً”.
وزاد أن “هذه الدول لا تستطيع أن تدير ظهرها لواشنطن ولا تستطيع أن تجاريها في نفس الوقت وتقامر بعلاقات مفيدة لها مع روسيا”.
وأشار إلى أن لقاء العقبة جاء “في إطار سلسلة من اللقاءات التي نشطت نتيجة تطورات في الإقليم وعلى المستوى الدولي، وكثفت مساعي إخماد الحرائق قبل اندلاعها”.
من جهتها قالت مصادر أردنية مطلعة لصحيفة “العرب”، اليوم السبت، إن القمة الرباعية العربية كان محورها الرئيسي إيران، وخطرها على المنطقة في ظل استمرار الهجمات الحوثية على السعودية، و”الدور التخريبي الذي تلعبه الميليشيات الموالية لطهران في بلدان عربية مختلفة”.
“لقاء خماسي”
في غضون ذلك أعلنت إسرائيل، يوم أمس الجمعة، أنها ستستضيف لقاء “تاريخياً” يومي الأحد والاثنين يجمع بين وزراء خارجية الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين، وهي ثلاث دول عربية قامت مؤخراً بتطبيع علاقاتها معها.
ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط“، اليوم السبت عن مصادر في تل أبيب تأكيدها أن اللقاء الخماسي سيكون استكمالاً عملياً للقاء الثلاثي في شرم الشيخ.
وأشارت المصادر إلى أن القادة الثلاثة في شرم الشيخ تداولوا في عدد من القضايا، في مقدمها إيران والتقارير حول عزم الولايات المتحدة إخراج الحرس الثوري من قائمتها لـ”المنظمات الإرهابية”، واحتمال التوصل في المحادثات النووية في فيينا إلى اتفاق نووي جديد.
كذلك جرى البحث في الحرب في أوكرانيا وإمدادات القمح لمصر خصوصاً.