نشرت الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الأيام الماضية، معلومات استخباراتية تفيد بأن طهران تستعد لتزويد روسيا بـ”مئات” من الطائرات بدون طيار، لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا، وهو ما نفته إيران على لسان وزير خارجيتها.
وصرح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، مطلع الأسبوع الماضي: “تشير معلوماتنا إلى أن إيران تستعد لتدريب القوات الروسية على استخدام هذه الطائرات، مع تحديد جلسة تدريب أولية في أقرب وقت في أوائل يوليو/ تموز”.
وأضاف: “ليس من الواضح ما إذا كانت إيران قد سلمت أياً من هذه الطائرات إلى روسيا بالفعل”.
من جانبه نفى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان ما وصفها بـ”المزاعم الأمريكية”، وأن المعلومات تحمل “هدفاً سياسياً محدداً”.
وتقول إيران إن تعاونها التكنولوجي مع روسيا سبق الحرب، ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية عن ناصر كناني شافي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، قوله أيضاً “ليس هناك تطور خاص في هذه العلاقة في الآونة الأخيرة”.
ما القصة؟
وتلعب الطائرات المسيرة دوراً أساسياً في الحرب لكل من أوكرانيا وروسيا.
وتأتي “المزاعم الأمريكية” بعد أيام فقط من طلت أوكرانيا التبرع لها بآلاف الطائرات المسيرة للمساعدة في صد حرب روسيا عليها.
ويستخدم الجيشان الأوكراني والروسي هذه الطائرات في تحديد مواقع العدو، ما يساعد في توجيه نيران المدفعية نحو الاهداف المحددة.
ونقلت وكالة “بلومبيرغ“، اليوم السبت، عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى قوله إن صور الأقمار الصناعية تظهر وفداً روسياً يزور إيران لمشاهدة قدرات الطائرات بدون طيار.
ويأتي الكشف الأمريكي في الوقت الذي يجتمع فيه الرئيس جو بايدن يوم السبت مع قادة الخليج في المملكة العربية السعودية، ويطلب منهم تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة إيران وزيادة الدعم لأوكرانيا.
وقالت الولايات المتحدة في وقت سابق من الأسبوع إن عملية الشراء المحتملة كانت علامة على الخسائر التي تكبدها المقاتلون الأوكرانيون للدفاع عن بلادهم من الغزو الروسي.
وذكر المسؤول الأمريكي الذي نقلت عنه “بلومبيرغ” أن زيارة الوفد الروسي لإيران في شهر يونيو لمشاهدة عرض الطائرات بدون طيار هي، “على حد علم المخابرات الأمريكية، المرة الأولى التي يزور فيها وفد روسي مطار كاشان جنوب طهران، لحضور مثل هذا العرض”.
وأظهر الإيرانيون للروس قدرات طائراتهم شاهد 191 وشاهد 129 بدون طيار، القادرة على حمل صواريخ دقيقة التوجيه، وفق المسؤول الأمريكي.
“لاعب جديد محتمل”
في غضون ذلك يوضح إسفانديار باتمانجليج، مؤسس مركز بورس أند بازار، وهو مركز أبحاث مقره لندن لشبكة “cnn” الأمريكية أنه “من غير المحتمل أن تمتلك إيران هذا العدد من الطائرات بدون طيار العاملة في أسطولها الخاص، كما أنها ليست لديها خبرة في تصدير الطائرات بدون طيار على نطاق واسع.”
ويأتي ادعاء البيت الأبيض في الوقت الذي وصلت فيه المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة إلى طريق مسدود، مما قد يثير شبح تجدد الصراع في الشرق الأوسط في حالة فشلها.
لكنه يأتي أيضاً في الوقت الذي تستعد فيه دول الشرق الأوسط لإطلاق تحالف من الدول العربية وإسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة لمواجهة التهديدات المحتملة من إيران، التي حذرت من أنها تعتبر تلك الخطوة “استفزازية وتهديدا لأمنها القومي”.
وإذا كانت إيران تخطط بالفعل لبيع أسلحة لروسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا، فإنها ستدخل نفسها في حرب بالوكالة بين روسيا والغرب في الفناء الخلفي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، حسب شبكة “cnn”.
وستكون الرسالة الموجهة إلى إدارة جو بايدن هي أن طهران يمكنها نشر نفوذها في مناطق الصراع البعيدة، حيث تمتلك الولايات المتحدة مصالح.
وفي حين لم يُعرف عن الطائرات بدون طيار الإيرانية أن الجيوش في جميع أنحاء العالم تسعى وراءها، إلا أنها تشكل تهديداً قوياً لخصومها، فلقد كانت جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية إيران العسكرية ولفتت انتباه المسؤولين الأمريكيين.
ففي العام الماضي، قال الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط، للكونغرس، إن الطائرات بدون طيار المرتبطة بإيران “تمثل تهديداً جديداً ومعقداً لقواتنا وقوات شركائنا وحلفائنا”.
وأضاف أنه “لأول مرة منذ الحرب الكورية، نعمل بدون تفوق جوي بشكل كامل”.
وكانت حرب الطائرات بدون طيار ذات أهمية خاصة في الأسابيع الأولى من الصراع في أوكرانيا، عندما استخدم الجيش الأوكراني طائرات بدون طيار تركية الصنع بشكل كبير، لكن الدفاعات الجوية الروسية توفر الآن تغطية أكبر في الشرق.
ولن تغير الطائرات بدون طيار قواعد اللعبة، لكنها قد تخفف من ضعف روسيا في استغلال الطائرات بدون طيار.
ووفقاً لـ”معهد الولايات المتحدة للسلام”، فمن المحتمل أن تحلق الطائرات بدون طيار الإيرانية المتوسطة والكبيرة لمدة تصل إلى 20 ساعة، بينما تحمل أجهزة استشعار متطورة إلى حد ما، ومجموعة من الأسلحة، وأن بعض الطائرات المسيرة، مثل تلك التي يستخدمها حزب الله اللبناني، يمكن أن تحمل حمولة تصل إلى 150 كيلوغراماً.
وتم استخدام الطائرات بدون طيار الإيرانية خارج حدودها من قبل، لكن ذلك كان إلى حد كبير في مناطق الصراع في الشرق الأوسط، حيث يمكن لطهران تهريبها إلى وكلائها من غير الدول.
فقد كانت فعالة في العراق واليمن والمملكة العربية السعودية، حيث تعتقد الولايات المتحدة أنها استخدمت في هجوم على منشآت نفطية سعودية في عام 2019، أدى إلى ارتفاع أسعار النفط الخام إلى مستوى قياسي، ونفت إيران شن ذلك الهجوم.
وسيكون وصول الأسلحة الإيرانية إلى أكبر صراع في أوروبا، منذ الحرب العالمية الثانية، علامة فارقة في صناعة الأسلحة الإيرانية ومكانتها كدولة مصنعة للأسلحة.
وستكون مناسبة نادرة عندما يتم استخدام أسلحة طهران ليس فقط من قبل دولة فاعلة، ولكن قوة عسكرية عالمية كبرى، وفق تقرير الشبكة الأمريكية.