“لافارج” تفشل بإسقاط التهم الموجهة لها حول “انتهاكات” في سورية
رفضت أعلى محكمة في فرنسا الطلب الذي قدمته شركة “لافارج” الفرنسية للإسمنت، من أجل إسقاط التهم الموجهة لها حول ارتكابها “انتهاكات” أثناء عملها في سورية.
وذكرت وكالة “فرانس برس” أن المحكمة أصدرت حكماً، أمس الثلاثاء، أيدت فيه الحكم الصادر سابقاً بحق شركة “لافارج”، حول تواطؤها في “جرائم ضد الإنسانية” في سورية.
وأشارت إلى أنه “ليس حكماً بالإدانة وإنما حكماً إجرائياً يعني التحقيق- الذي قد يستغرق سنوات- في المسؤولية الجنائية للشركة على أساس ارتكاب جرائم رمزية للغاية ضد الإنسانية”.
ومن غير الواضح متى سينتهي التحقيق، وما إذا كان المدعون سيقررون في النهاية إحالة القضية إلى المحكمة للحكم على جوهر الاتهامات.
وتواصل شركة “لافارج” الفرنسية للإسمنت معركتها مع القضاء الفرنسي، بعد التهم الموجهة لها بالتوطؤ في “جرائم ضد الإنسانية” في سورية ودعم جماعات “إرهابية”، وتعريضها حياة موظفين سوريين للخطر.
وكانت محكمة الاستئناف الفرنسية أيّدت، في مايو/ أيار 2022، الاتهامات الموجهة لشركة “لافارج” للإسمنت، بارتكابها “جرائم ضد الإنسانية” أثناء عملها في سورية، إلا أن الشركة رفضت إقرار هذه التهم.
وحققت الشركة فوزاً جزئياً حين أسقطت المحكمة عنها تهم تعريض حياة موظفيها للخطر، إلا أنها لا تزال تواجه تهم تقديم الدعم المالي لمنظمات “إرهابية” والتواطؤ بـ”جرائم ضد الإنسانية” في سورية.
وتنفي الشركة تلك التهم، وتبرر بأنها كانت تدفع أموالاً لجماعات مسلحة للمساعدة في حماية موظفيها العاملين.
من أين بدأت المعركة؟
وكان تحقيق لصحيفة “لوموند” الفرنسية سلّط الأضواء، في يونيو/ حزيران 2016، على وجود “ترتيبات مثيرة للشكوك” بين الفرع السوري لـ”لافارج”، وتنظيم “الدولة الإسلامية” عندما كان الأخير يسيطر على مساحات واسعة في المنطقة.
وبحسب محامين معنيين بحقوق الإنسان، فإن لافارج دفعت ما يقارب 13 مليون يورو لجماعات مسلحة، منها “تنظيم الدولة”، للحفاظ على عمليات الشركة في سورية في الفترة من 2011 حتى 2015.
وبدأت ”لافارج” عملها في سورية، في أكتوبر/ تشرين الأول 2010، عبر تشغيل مصنع للاسمنت في جلابية شمالي سورية، وأنفقت عليه 680 مليون دولار، لكن بعد اندلاع الحرب في البلاد، سارع الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر على سورية في مجالي الأسلحة والنفط.
واعتباراً من عام 2013، انهار إنتاج الاسمنت وفرض “تنظيم الدولة” وجوده في المنطقة، لكن وخلافاً لشركة النفط “توتال” وغيرها من المجموعات المتعددة الجنسيات، قررت “لافارج” البقاء في سورية.
ولضمان تأمين موظفيها بين عامي 2013 و2014، دفع فرع الشركة في سورية ما بين 80 ألف دولار و100 ألف دولار شهرياً لجماعات مسلحة مختلفة، من بينها 20 ألف دولار لـ”تنظيم الدولة”، بحسب المدّعين.
وفي حال أعادت المحكمة الفرنسية توجيه اتهامات رسمية للشركة، فإنها ستكون “سابقة تاريخية”، إذ لم يسبق أن واجهت أي شركة فرنسية اتهامات بـ “جرائم ضد الإنسانية” من قبل.