سلطت وسائل إعلام تركية الضوء على الزيارة التي أجراها رئيس الاستخبارات التركي، إبراهيم قالن ووزير الخارجية حقان فيدان إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
واعتبرت على لسان كتّاب أنها تشكّل “تطوراً مهماً” على طريق الديناميكية الأخيرة التي باتت تسلكها العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
وجاءت الزيارتين وراء بعضهما البعض، وبينما كان وصول قالن إلى واشنطن مفاجئاً تم التمهيد لوصول فيدان قبل أيام، بعدما تلقى دعوة من نظيره الأمريكي، أنطوني بلينكن.
ومن المقرر أن يلتقي فيدان ببلينكن، اليوم الجمعة، وكان قالن قد عقد اجتماعاً مع مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليامز بيريز فور وصوله قبل يومين.
“بعد تطورين”
وتأتي اللقاءات بين المسؤولين الأتراك والأمريكيين بعد تطورين مهمين، كما يوضح الكاتب أحمد حقان في مقالة له على صحيفة “حرييت“.
التطور الأول: إنهاء تركيا إجراءات الموافقة النهائية على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد أكثر من عام ونصف.
التطور الثاني: وبعد ذلك مباشرة، استجابت الإدارة الأمريكية لهذه الخطوة من خلال تمرير طلب تركيا المعلق إلى الكونغرس لشراء طائرات إف-16 جديدة، وكذلك تحديث طائرات إف-16 الحالية.
ويقول الكاتب بحسب ما ترجمت “السورية.نت”: “يبدو أن وضعاً جديداً قد ظهر في العلاقات مع هذه الخطوات المتبادلة”.
ويضيف أن كل التقييمات التي تم إجراؤها في الأيام الأخيرة تثير “توقعات متفائلة” بأنه في ظل هذه التطورات يمكن إحراز تقدم في العلاقات على أجندة إيجابية.
ومن الممكن وفق قول الكاتب أيضاً أن يمتد النشاط الدبلوماسي إلى زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان للبيت الأبيض.
ومن المقرر أن يكون أردوغان موجوداً بالفعل في واشنطن مع زعماء جميع دول الناتو الأخرى لحضور قمة الناتو، التي ستعقد في الفترة من 9 إلى 11 يوليو.
ومن المنتظر أن تعقد هذه القمة، التي تتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حلف شمال الأطلسي، في أجواء مذهلة تستضيفها الولايات المتحدة الأمريكية.
Minister of Foreign Affairs @HakanFidan met with Benjamin Cardin, the Chairman of the U.S. Senate Foreign Relations Committee, and accompanying Committee Members in Washington. 🇹🇷🇺🇸 pic.twitter.com/tp0hBI1MZf
— Turkish MFA (@MFATurkiye) March 7, 2024
ما المتوقع؟
وبالنظر إلى المناخ الجديد في العلاقات، لن يكون مفاجئاً أن نرى اجتماعاً بين بايدن وأردوغان في البيت الأبيض قبل هذه قمة الناتو أو بعدها، حسبما يتوقع حقّان.
وخلال فترة ولاية بايدن، وهو في العام الأخير من رئاسته في البيت الأبيض، كانت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة مضطربة بشكل عام.
وابتعد بايدن عن إقامة علاقة عمل وثيقة مع أردوغان، وكانت العلاقات في كثير من الأحيان متقلبة.
لكن بينما كان الديمقراطي يستعد للترشح لإعادة انتخابه، ظهر لأول مرة تحسن جدي في العلاقات، كما يشير حقان.
ويضيف الكاتب: “نحن نواجه وضعاً مثيراً للاهتمام هنا. لأنه بعد ثمانية أشهر من الآن، في نوفمبر/تشرين الثاني، ستُجرى الانتخابات الرئاسية الأميركية، ويبدو أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب يتقدم في استطلاعات الرأي العام”.
وإذا قام بايدن بخطوة مفاجئة ستفاجئ الجميع وفوزه بالانتخابات، فإن العلاقات مع الولايات المتحدة قد تستمر في منحىها الإيجابي بدءاً من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، بعد منحنى التعافي الذي دخلته.
ومن ناحية أخرى، في سيناريو يخسر فيه بايدن ويفوز ترامب، من المحتمل أن يتم إنشاء لعبة جديدة تماماً بين ترامب وأردوغان.
وخلال رئاسة ترامب السابقة، كان هناك حوار وثيق بشكل عام بينه (ترامب) وبين الرئيس التركي. “نحن نعلم أن الزعيمين يفهمان بشكل أو بآخر لغة وأسلوب الآخر”، وفق كلمات الكاتب التركي.
ويرى أنه “يمكن استبدال المسافة بين القادة التي هيمنت على جزء كبير من ولاية بايدن بعلاقة عمل وثيقة حيث ترن الهواتف بشكل متكرر، إذا تم انتخاب ترامب”.
“سواء بايدن أو ترامب”
ومع ذلك، سواء جلس بايدن أو ترامب في البيت الأبيض، فإن القضية التي تمثل المشكلة الأساسية على جدول أعمال الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لأنقرة، هي قضية الدعم الأمريكي لـ”قوات سوريا الديمقراطية” في سورية.
وحتى اليوم، ورغم نشوء جو من التقارب على المستوى السياسي، فإن استمرار التحالف العسكري الأميركي مع الجماعات التي تشكل امتداداً لحزب العمال الكردستاني يخلف تأثيراً مدمراً على هذا المناخ، حسب الكاتب التركي.
ومع ذلك، هناك دلائل على أننا “دخلنا فترة من الوقت سيتم خلالها النظر إلى هذه المشكلة بشكل مختلف قليلاً”.
ويوضح حقان أنه “منذ فترة ظهرت بعض الأخبار في الصحافة عن قيام وزارة الدفاع الأمريكية بإجراء دراسات فنية للانسحاب من سورية”.
وفي كل الأحوال يشير إلى أنه “من المعروف أن إدارة بايدن تجري مراجعة للسياسة السورية برمتها. ولا يمكن التنبؤ في هذه المرحلة بالنتيجة التي ستؤدي إليها عملية المراجعة هذه على مستوى السياسات”.
وليس من المستبعد أن يحظى خيار الانسحاب التدريجي بأرضية على الأجندة الأمريكية في الفترة المقبلة.
وإذا فاز ترامب بالانتخابات، فسيكون من الضروري الاستعداد لخطوات مفاجئة في أي لحظة.
أما بالنسبة لبايدن، فيجب الأخذ بالاعتبار أنه أخرج الولايات المتحدة من أفغانستان مبكراً (وفوضوياً) بقرار مفاجئ للغاية، فاجأ الجميع.
“ذات أهمية خاصة”
وفي هذا السياق، من المتوقع أن تكون اجتماعات كل من قالن وفيدان مع نظرائهم الأمريكيين ذات أهمية خاصة من حيث المدخلات التي سيقدمونها لعملية المراجعة بشأن سياسة واشنطن تجاه سورية.
وبطبيعة الحال، هناك العديد من الأسئلة التي سيطرحها الانسحاب.
على سبيل المثال كما يستعرضها حقّان: إذا انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية، فإن أسئلة مثل من سيضمن أمن المعسكرات التي يُحتجز فيها أعضاء داعش هي من بين هذه الأسئلة؟
وكان قائد “القيادة المركزية الأمريكية”، مايك كوريلا قد زار المعسكرات خلال الأيام الماضية، واعتبر الكاتب التركي أن هذه الخطوة لا يمكن فصلها عما يجري في واشنطن من محادثات.
ويقول: “إذا أريد للعلاقات بين تركيا والولايات المتحدة أن تدخل مرحلة جديدة وإيجابية في الفترة المقبلة، فلا بد من وضع القضية السورية في إطار يكمل هذا التوجه”.
ويضيف أن “مسار الأحداث قد يدفع الإدارة الأمريكية في مرحلة ما إلى الاختيار بين مصالح الجبهة التركية من جهة وقوات سوريا الديمقراطية بقيادة زعيم حزب العمال الكردستاني مظلوم عبدي المدرج على قائمة (الإرهابيين المطلوبين) لوزارة الداخلية من جهة أخرى”.