لا تزال الجهود الدولية مستمرة لإيجاد حل لأزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، بعد قرابة عام على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وغياب المؤشرات على إمكانية التوافق الداخلي بشأن أسماء المرشحين.
وتمثلت الجهود الدولية بمبادرة طرحتها فرنسا قبل أسابيع، لكن كان مصيرها الفشل، لتدخل قطر على خط الوساطات عبر إرسالها وفود للبنان.
وجاءت تلك المبادرات بعد فشل البرلمان اللبناني 12 مرة بانتخاب رئيس جديد للبلاد، منذ انتهاء ولاية عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
وتدور الخلافات بين الأحزاب اللبنانية حول المرشحين للرئاسة، وهما سليمان فرنجية المدعوم من قبل “حزب الله” و”حركة أمل”، وجهاد أزعور المدعوم من قبل “التيار الوطني الحر”.
وساطة قطرية بأربعة أسماء
كانت قطر إحدى أبرز الدول التي توسطت للحل في لبنان، عبر طرح مبادرة على الأطراف اللبنانية المتنازعة.
وتمثلت الوساطة القطرية بإرسال وفود إلى بيروت، منذ أسبوعين، يرأسها جاسم بن فهد آل ثاني، بعيداً عن أعين الإعلام.
والتقى الموفد القطري مع عدد من القوى السياسية في لبنان، وسط أنباء عن طرحه 4 أسماء جديدة للرئاسة، بعيداً عن المرشحين الحاليين.
وتأتي زيارات الوفد القطري تمهيداً لزيارة رسمية سيجريها وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية، محمد الخليفي، خلال الشهر الجاري، لإقناع الأطراف اللبنانية بحل الخلاف.
ويرى محللون أن قطر تراهن على العلاقات الجيدة التي تربطها مع الفرقاء السياسيين في لبنان، بما فيهم “حزب الله”، إلى جانب الدعم الدولي الذي حصلت عليه الدوحة لإنهاء أزمة الفراغ الرئاسي.
وجاءت المبادرة القطرية بتكليف من اللجنة الخماسية، التي تضم مصر وفرنسا وقطر والسعودية والولايات المتحدة.
وتهدف اللجنة، التي تم تشكيلها في فبراير/ شباط الماضي، إلى إيجاد حل للأزمة الرئاسية في لبنان، بعد فشل البرلمان اللبناني.
المبادرة الفرنسية تفشل
منذ أكثر من عام، طرحت فرنسا مبادرة لتشكيل حكومة جديدة في لبنان، خاصة بعد اتهامات “الفساد” التي طالت الحكومة السابقة، بسبب انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/ آب 2020.
وحاولت فرنسا استكمال مبادرتها بعد بدء الفراغ الرئاسي العام الماضي، إلا أن مبادرتها فشلت بإقرار من الأطراف اللبنانية.
وتقوم المبادرة الفرنسية على البحث عن مرشح ثالث، لا يشمل رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية حليف “حزب الله”، ولا مرشح الأحزاب المعارضة جهاد أزعور.
إلا أن نواب المعارضة في البرلمان اللبناني رفضوا المبادرة الفرنسية، واعتبروا أنها “محاولات من فرنسا لفرض أجندة سياسية على لبنان”.
وكان المبعوث الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، قال الأسبوع الماضي إن المجتمع الدولي “قد ينبذ” لبنان إذا طال أمد الفراغ الرئاسي القائم منذ عام.
وأضاف لصحيفة “لوريون لوجور”: “آمل أن يدرك الفاعلون (السياسيون) أنه يتعين العثور على مخرج، وإلا سينبذهم المجتمع الدولي، ولن يرغب أحد في رؤيتهم بعد ذلك، ولن يكون طلب الدعم من هنا أو هناك شيئاً مقبولاً”.
وتترقب الساحة اللبنانية حالياً الزيارة التي من المقرر أن يجريها جان إيف لودريان، إلى بيروت هذا الشهر، لمواصلة جهود بلاده الرامية إلى سد الفراغ الرئاسي في لبنان.
انقسام بين مرشّحَين
شهد لبنان فراغاً رئاسياً دام سنتين ونصف، في الفترة بين عامي 2014 و2016، تم بعده انتخاب ميشال عون رئيساً للبلاد في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 لولاية واحدة مدتها 6 سنوات.
إلا أن البلاد مهددة حالياً بتفاقم أزماتها والدخول بفراغ رئاسي مماثل، بسبب غياب التوافق حول الأسماء المرشحة.
وتنقسم الأحزاب اللبنانية بين سليمان فرنجية المدعوم من “حزب الله” و”أمل”، وبين جهاد أزعور المدعوم من “التيار الوطني الحر”.
ويتمسك “حزب الله” بالمرشح المسيحي سليمان فرنجية، الذي تربطه علاقات قوية مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والذي يدعم حق “حزب الله” بامتلاك السلاح.
فيما يرفض “التيار الوطني الحر” دعم سليمان فرنجية، ويتمسك بجهاد أزعور، الذي شغل منصب وزير المالية بين عامي 2005 و2008.
وحصل أزعور أيضاً على تأييد أكبر الأحزاب الدرزية في لبنان، متمثلة بـ”الحزب التقدمي الاشتراكي”، ورئيسه وليد جنبلاط.
ما قلل إمكانية التوافق على مرشح واحد، وحصوله على الغالبية المطلوبة للفوز.
وتسود مخاوف من فراغ رئاسي جديد في لبنان، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يشهدها منذ أشهر، والتي من الممكن أن تتفاقم في حال دخلت البلاد فراغاً رئاسياً.