متى سينتهي كابوس الـ6 أشهر؟
بعد عدة أيام من العام الجديد 2023 سينتهي رسمياً تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2642، والذي نص في 2021 على إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى لمدة 6 أشهر، ليستفيد منها ملايين السوريين في شمال غربي سورية.
هؤلاء وبينما يعيشون كوارث حرب تشريد وتجويع مستمرة منذ 11 عاماً، تسود أوساطهم حالة من الرعب و الترقب والخوف من تداعيات فشل مجلس الأمن في تجديد القرار الذي يمثل لهم شريان حياة حرفياً.
الآن بات مصيرهم معلقاً بالفترة التي ستلي انتهاء مدة تمديد قرار. ينظرون بعين الخوف، ومع ذلك يؤمنون بأن الإرادة لا تنتهي، وأن قضيتهم مُحقة، رغم هذا الجحيم الذي يحيط بهم.
لقد مارست الأنظمة المجرمة وعدوة الإنسانية متمثلة بنظام الأسد وحلفائه أبشع أساليب الموت البطيء وجرائم الحرب، عبر قتلها للشعب السوري بالقول والفعل، إضافةً إلى التهجير القسري للسوريين والإبادة الجماعية، التي تفضح هذه الأنظمة المجرمة يوماً بعد يوم.
هذه الجرائم تعتبر الأخطر في القانون الدولي الإنساني، وهناك مخاوف جدية من فشل استمرار إدخال المساعدات الإنسانية، التي تؤمن جزئياً لملايين السوريين، سبل العيش الكريم، عبر المساعدات الداخلة من معبر باب الهوى، لكن ستخدام حق النقض الفيتو، سيشكل بكل تأكيد تهديداً صريحاً لحياة مئات آلاف العائلات في شمال غربي سورية.
إن إغلاق معبر باب الهوى يهدد أكثر من 4.1 مليون شخص بالموت جوعاً ومرضاً، وبإغلاقه سيتوقف شريان الحياة بالنسبة لهم، ولذلك يحتاج هؤلاء، موقفاً إنسانياً وحازماً، من الدول الكبرى والمنظمات الدولية، التي عليها السعي للوصول لحل مستدام للكابوس الذي يعيشه الشعب السوري كل ستة أشهر .
يقدر عدد “النازحين” داخلياً في شمال غرب سورية بـ 2.8 مليون شخص، من أصل أكثر من 4.1 مليون شخص، ويوجد حوالي 1.7 مليون من النازحين في 1,400 موقع للنزوح في محافظة إدلب وحلب من بينهم 80% نساء وأطفال.
وقد بلغ عدد النساء الأرامل أكثر من 46,302 ألفاً وعدد ذوي الاحتياجات الخاصة أكثر من 199 ألفاً، وعدد الأيتام تجاوز 198 ألفاً، وجميعهم مهددون بسبب هذا القرار.
ليس هذا فحسب بل إن إغلاق المعبر أيضاً يعني توقف حوالي 1500 منشأة تعليمية وأكثر من 490 منشأة صحية تعتمد على مساعدات دولية من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية.
بالاضافة إلى ذلك فإن عمل المنظمات الإنسانية السورية وما تنفذه من مشاريع الاستجابة الإنسانية يشكل ما يقارب ثلث الاقتصاد في الشمال السوري.
هذه المشاريع – خاصة ما يتعلق بقطاع الأمن الغذائي – شهدت تراجعاً واضحاً عام 2021 حيث تراوحت نسبة العجز في استجابة القطاع الغذائي لعام 2021 ما بين 52 – 59% ، كما أن المنظمات ما تزال تواجه العديد من المشاكل الطارئة، وخاصة الخوف من عدم تمديد قرار فتح معبر باب الهوى، وأيضاً موجات النزوح الطارئة وتداعيات جائحة كورونا وغيرها.
ومن الأرقام المتعلقة بالواقع المأساوي في شمال غربي سورية يبلغ عدد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر أكثر من 90 بالمئة، وهذه النسبة تعتمد في حياتها على المساعدات الإنسانية، إذ تشير تقديرات خبراء إلى أن البلاد متجهةٌ نحو مجاعةٍ بسبب عدة عوامل: الجفافُ المستمر، بالإضافة إلى التدهور غير المسبوق للأمن الغذائي، الذي تفاقم بسبب ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، وتراجع الدعم الإنساني من المانحين الدوليين وفوضى الأسعار.
الفيتو الروسي هو لعبة سياسية يدفع السوريون الأبرياء ثمنها، وابتزاز موسكو يعني الموت والفواجع لملايين السوريين، وتطويق قضيتهم، ومحاولة إخضاعهم لإعادة تعويم نظام الأسد من جديد.
ولذلك ندعو كل دول العالم للضغط الحثيث، لاستمرار إدخال المساعدات الإنسانية عن طريق معبر باب الهوى عبر وكالات الأمم المتحدة، فهو النافذة الإنسانية الوحيدة لإيصال مقومات الحياة للمدنيين واحتمال إغلاقه يعني فواجع وكوارث إضافية ستحل في سورية التي هدتها الحروب.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت