انتقدت منظمة “هيومان رايتس ووتش” طريقة تعاطي واشنطن مع التحقيق الخاص بمجزرة الباغوز، والتي حصلت في عام 2019 وأسفرت عن مقتل 70 مدنياً، بغارة جوية أمريكية.
وقالت المنظمة في تقرير لها، اليوم الجمعة، إن مراجعة الجيش الأمريكي للضربة الجوية في الباغوز “تسلط الضوء على عيوب أساسية ومستمرة في تعامل الولايات المتحدة مع المحاسبة عن الأضرار المدنية”.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أصدرت ملخصاً عاماً، قبل يومين، معلنة عدم ارتكاب أي مخالفات لقواعد الاشتباك المتّبعة، أو إهمالها عمداً سلامة المدنيين في أماكن الاشتباك.
وبحسب الملخص فإن قائد القوات البرية الأمريكية في “التحالف الدولي” تلقى طلباً من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، لمؤازرتها وتنفيذ ضربة جوية على الباغوز، بحجة وجود نشاط لعناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” فيها.
وأضاف أن “قسد” أكدت عدم وجود مدنيين في المنطقة، ما دفع قائد القوات الأمريكية لإعطاء أوامر بتنفيذ الغارة الجوية، ليتبين لاحقاً وجود مدنيين في الموقع.
وجاء في بيان “رايتس ووتش” أن الملخص “معيب للغاية ولا يجد أي شخص مسؤولاً”.
وتشير المعلومات المتاحة بخلاف ذلك عن الغارة الجوية إلى وجود عيوب يمكن تفاديها في كل من التحقيق الأولي والمراجعة اللاحقة، بما في ذلك الافتقار إلى الشفافية، ونقص المعلومات من الشهود، والتعريف المرن للغاية للمقاتلين، وعدم وجود تعويضات للمدنيين المتضررين.
وقالت سارة ييجر، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش بواشنطن: “إنه أمر مخيب للآمال ولكن ليس من المستغرب أن وزارة الدفاع الأمريكية رفضت مرة أخرى تحميل نفسها المسؤولية عن الوفيات بين المدنيين”.
وأضافت: “بالإضافة إلى حل العيوب الواضحة في عملية التحقيق، يجب على الجيش الأمريكي نشر المراجعة الكاملة، كإظهار الاحترام لعائلات الضحايا ومنع الانتهاكات المستقبلية”.
ووجد تحقيق نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” في توفمبر / تشرين الثاني 2021 أن عشرات المدنيين قتلوا في غارة جوية أمريكية استهدفت مدينة الباغوز السورية في شهر مارس 2019.
كما وثّق التحقيق سلسلة من الإجراءات التي اتخذها أفراد داخل وزارة الدفاع الأمريكية، للتستر على مدى الأضرار التي لحقت بالمدنيين بسبب الغارة.
واتهمت الصحيفة القيادة الأمريكية بإخفاء الحادثة، وعدم اعترافها علناً بمقتل مدنيين، مشيرة إلى أن المفتش العام المستقل في وزارة الدفاع بدأ تحقيقاً بالأمر، لكن التقرير الذي يحتوي على نتائجه تم تعطيله وتجريده من أي إشارة إلى الضربة.
وأعلن البنتاغون عقب ذلك فتح الملف مجدداً، حيث ظهرت نتائج التحقيق النهائي أمس الثلاثاء.
وبحسب التحقيق، فإن الإدارة الأمريكية ارتكبت “أوجه قصور إداري” حين أخّرت التحقيق بالغارة الجوية ومقتل مدنيين فيها، ما أعطى انطباعاً بأنها محاولة للتستر على الأمر وإخفائه.
وفي تفاصيل الحادثة التي تعود لعام 2019، قال صحيفة “نيويورك تايمز” إنه وفي الأيام الأخيرة من المعركة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية، عندما حوصر أعضاء من دولة الخلافة الشرسة في حقل ترابي بجوار بلدة تسمى الباغوز، حلقت طائرة دون طيار عسكرية أمريكية في سماء المنطقة، بحثاً عن أهداف عسكرية، لكنها لم تشهد سوى حشداً كبيراً من النساء والأطفال متجمعين على ضفة نهر.
وأضافت أن “طائرة عسكرية أمريكية من دون طيار من طراز F-15E، أسقطت قنبلة تزن 500 رطل على الحشد، أتبعه إسقاط طائرة ثانية قنبلة أخرى بوزن 2000 رطل، ما أدى إلى مقتل 70 شخصاً”، مؤكدة أن الهجوم كله استغرق حوالي 12 دقيقة.
إلا أن “القيادة المركزية الأمريكية” اعتبرت حينها أن الضربة “مبررة”، وادعت أن القنابل قتلت 16 مقاتلاً وأربعة مدنيين، مضيفةً: “أما بالنسبة للقتلى الستين الآخرين، فإنه لم يتضح أنهم مدنيون، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن النساء والأطفال في الدولة الإسلامية حملوا السلاح في بعض الأحيان”.