أمراض السمع ترهق عائلات في إدلب وعمليات نوعية “محدودة”
تعاني الطفلة تيماء حويجة، من تراجع كبير في القدرات السمعيّة، بعد إصابتها بالتهابات قبل خمس سنوات، أثّرت على حاسة السمع لديها، في ظاهرة أدت الظروف الصحية والمعيشية إلى تفاقهما في مناطق شمال غربي سورية.
تتأثر عائلة الطفلة تيماء، المقيمة في مخيم “وادي خالد” قرب بلدة “كفرجالس” غربي إدلب، بحالتها الصحية، كونها تتعامل بصعوبة مع أفراد عائلتها، بعد أن فقدت جزءاً كبيراً من قدرتها السمعية، ومن الصعب أن تسمع نداءات عائلتها اليومية، بحسب ما يقول والدها.
وتيماء واحدة من آلاف الأطفال الذين يعانون من أمراض سمعيّة في مخيمات النازحين، وسط تحديات مادية صعبة في تأمين العلاج المناسب، أبرزها السمّاعات الأذنية أو العمليات الجراحية.
يقول عزو حويجة، المنحدر من قرية “أبو مكة” بريف مدينة معرة النعمان، وهو والد الطفلة تيماء، إنّ “رحلة علاج طفلتي التي تستمر منذ 5 سنوات، كانت مرهقة جداً على الصعيد المادي، كل كشفية للطبيب كانت لا تقل عن 200 ليرة تركية، ووصل الأمر بنا اليوم إلى الحاجة لسمّاعة”.
“دور طويل”
يروي والد تيماء، لـ”السورية.نت”، معاناته في انتظار دور استلام السمّاعة لطفلته، ويقول حول ذلك: “أخبرني القسم المتخصص في أمراض الأذن والسماعات في مستشفى العيادات في مدينة إدلب، أنّ دور طفلتي في استلام السماعة ممكن أن يستغرق سنة”.
وقدّر أطباء تكلفة سمّاعة الطفلة تيماء حوالي 100 دولار أمريكي، وهو مبلغ يجد حويجة صعوبة في تأمينه، في ظل ظروف البطالة والتهجير التي يعاني منها الكثيرون.
ويضيف أنّه “بعد حوالي السنة من الممكن أن يكون لطفلتي سماعة ومن الممكن لا، لأنّ الأمر مرتبط باستمرار الدعم في المستشفى، إذ ممكن أن يتوقف في أي لحظة”.
تواجه الفرق الإنسانية والمنظمات العاملة في المنطقة، تحديات في تأمين احتياجات مرضى الأذن، بسبب الأعداد الكبيرة والاحتياجات التي تفوق حجم مشاريعها وقدراتها.
وفي هذا السياق، يقول سراج علي، منسق حملات تطوعية في فريق “الاستجابة الطارئة”، لـ”السورية.نت”، إنّ “ظروف الحرب من انفجارات وغيرها سببت أذية سمعية لدى شريحة واسعة من الأهالي، سواء من الأطفال وكبار السنّ، لذلك زاد الاحتياج المرتبط بالمشاكل الصحية الأذنية، وهو ما استطعنا رصده من خلال استجابتنا لعدد من الحالات الإنسانية في هذا الصدد”.
ويضيف: “مع كثرة الحالات الإنسانية التي تصلنا، نحاول أن نستجيب للحالات الأكثر حرجاً واحتياجاً وفقاً لعدة معايير، على اعتبار أنّ اعتمادنا بشكل رئيسي على التبرّعات الشخصية، لكن في ذات الوقت هناك الكثير من الحالات التي تحتاج إلى دعم طبي طارئ لتجاوز عقبة المرض، حتى لا تتطور الحالة المرضية لأذيّات أخرى”.
عمليّات نوعيّة
تعد عمليات زراعة الحلزون، واحدةً من أكثر العمليات الجراحية كلفةً على الأهالي، وبقيت رهينة العبور إلى تركيا، إلى حين إطلاق “الجمعية الطبية السورية ـ الأمريكية” (سامز)، مؤخراً، مشروعها المحدود لعمليات الحلزون.
يقول الطبيب، مصطفى الفرج، وهو رئيس قسم الأذن والأنف والحنجرة في مستشفى باب الهوى، التابع لـ”سامز”، إنّ “المشروع هو الأول في منطقة شمالي غربي سورية، واستهدف خمس حالات فقط، ركز من خلالها على الأطفال الأكثر تجاوباً واستفادةً مع العملية، وفقاً لعدة فحوصات”.
ويتابع لـ”السورية.نت”، إنّ “محدودية المشروع تأتي من تكلفته الكبيرة التي تصل لحوالي 10 آلاف دولار أمريكي، لكل عملية زراعة حلزون”.
ويضطر الأهالي، للسفر إلى تركيا، لإجراء عمليات زراعة الحلزون، بتكلفة تصل هناك إلى 12 ألف دولار، بحسب الطبيب.
ويتحدّث الفرج عن خطة لمرحلة ثانية للمشروع، تستهدف خمس حالات أخرى، وفق المعايير التي وضعتها المنظمة.
وفي هذا الصدد، يقول إنّ “أكثر من 200 إلى 300 حالة تحتاج لعمليات زراعة حلزون، والمشروع لا يلبي احتياجات المجتمع، لذلك نتطلع إلى زيادة جرعة الدعم من قبل المانحين”.
ويشير إلى أنّ “العملية هي من أكثر العمليات أهميةً إنسانياً، لأنها تعيد للطفل القدرة على السمع والتكلّم بعد أن حرم منها، فهي تستحق التكاتف لزيادة حجم الدعم المخصص لها”.