بعد عام ونصف من الانتظار، قطع خلالها عبيدة آماله بقبول طلب لجوئه نحو إحدى دول الاتحاد الأوروبي، جاء اسمه أخيراً ضمن قلة من الناشطين والإعلاميين المقيمين في شمال غرب سورية، والذين قررت بعض دول الاتحاد قبول طلب لجوئهم، في إطار عملهم الإعلامي.
وفيما يستعد الناشط الإعلامي عبيدة الفاضل، الذي يعمل مديراً لـ “مركز إدلب الإعلامي”، للسفر نحو ألمانيا في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، باشر كما قال لـ”السورية.نت”، بالتفكير بحياة جديدة يواصل خلالها طموحه الذي بدأه في إدلب، التي شهدت أحداثاً عسكرية وقصفاً تسبب بنزوحه وعائلته مع مئات آلاف المدنيين.
المقبولون قلّة..ولا معايير واضحة
16 عاملاً وعاملةً في مجال العمل الإعلامي، تم قبول توطينهم في دول الإتحاد الأوروبي، مؤخراً، ضمن مشروع لعب خلاله “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” دور الوسيط بين إعلاميي الداخل ومنظمة “مراسلون بلا حدود”، التي دعمت ملف لجوئهم.
مديرة برنامج الإعلام في المركز، يارا بدر، أوضحت في حديث لـ”السورية نت”، أنه منذ بدء الحملة العسكرية على ريف ادلب الجنوبي في أبريل/ نيسان 2019، تحرك “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” من أجل بحث فرص وإمكانية إخلاءٍ آمن للصحفيين الذين يواجهون مخاطر حقيقية مرتبطة بعملهم الاعلامي، في حال تقدمت قوات النظام.
وأضافت أن المركز تلقى في تلك الفترة، طلبات لجوء من إعلاميين تضرروا بفعل العملية العسكرية، إلى جانب وجود مسوحات لإعلاميين في مختلف المناطق السورية، عمل المركز على جمعها منذ 3 سنوات.
وتابعت “تم التنسيق مع الزملاء في منظمة مراسلون بلا حدود للبدء بالتواصل مع الدول التي يمكن أن تكون مهتمة باستضافة لاجئين سوريين من الصحفيين في ريف ادلب الجنوبي، والذين يواجهون مخاطر بسبب عملهم الاعلامي”.
ولكن من أصل 470 اسماً تم رفعهم قبل عام ونصف، تم قبول 16 حالة فقط، بحيث تستقبل ألمانيا 12 اسماً، وليتوانيا اسمان اثنان، ولوكسمبورغ اسمان أيضاً.
وعن معايير اختيار الإعلاميين والإعلاميات، أشار “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” إلى أن “لكل دولة معاييرها في اختيار الحالات التي توافق على قبولها”، موضحاً في استفسار لـ”السورية نت” أن المركز ومنظمة “مراسلون بلا حدود” لم يساهموا باختيار الحالات، بل وحتى “حاولوا الضغط” من أجل توسعة عدد الحالات الممكن قبولها، لكن لم يتلقوا أجوبة إيجابيّة، على حد تعبيرهم.
وأضاف “القرار يعود للدول المعنية، ونحن لسنا أكثر من جهة حاولت التنسيق والعمل من أجل إتاحة الفرصة لاستضافة إعلاميين سوريين تعرضوا لخطر مباشر جراء العملية العسكرية”.
ماذا يمكن أن يضيف اللجوء للإعلاميين؟
يوضح الناشط الإعلامي عبيدة الفاضل في حديث لـ”السورية نت” تفاصيل متعلقة ببداية تقديمه على ملف اللجوء، مشيراً إلى أن “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، ومقره فرنسا، تواصل معه عام 2019 بخصوص التوطين في إحدى الدول الأوروبية، حيث أرسل عبيدة معلومات متعلقة به عبر رابط مخصص، وأرفقها بأوراق ثبوتية (جواز سفر- عقد زواج- بيان عائلي…).
وأضاف أنه طُلب منهم تحديد دولة أوروبية معينة يرغبون باللجوء إليها، مع ذكر أسماء أقارب لهم موجودين في إحدى الدول (إن وجد)، وبعد عام ونصف كان اسم عبيدة من ضمن الـ16 المقبولين، حيث تم إرسال ايميل له يخطره بأن سفره سيكون الشهر المقبل.
ولكن عبيدة الذي كان يرغب بالسفر إلى فرنسا جاء قبوله في ألمانيا، نظراً لوجود أخوة له في ألمانيا، مشيراً إلى أن التوطين سيكون للإعلاميين وعوائلهم أيضاً.
ويجري العمل حالياً على التنسيق مع السلطات التركية من أجل السماح للإعلاميين بالمرور عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا.
ويقول “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، إن سلامة الصحفيين والإعلاميين تأخذ المقام الأول في هذا المشروع، وبناء عليه أتى هذا التحرك، مشيراً إلى أن انتقال الناشطين والصحفيين إلى أوروبا سيضمن إقامتهم في بيئة آمنة، تحترم شرعة حقوق الانسان، على حد تعبيره.
أمام عبيدة الذي ينوي دراسة التصوير السينمائي في مكان لجوئه بألمانيا، يرى أن الراحة النفسية والبدء بحياة جديدة هي أهم ما قد يضيفه إليه السفر، مشيراً إلى وجود فرص لتطوير الذات لا تتوفر للعاملين في الداخل، بقوله: “أصبح هناك عدد كبير من العاملين في مجال الإعلام ضمن بقعة جغرافية صغيرة. ومن هنا بات السفر نحو أوروبا أمراً ضرورياً كي نتطور في مجال عملنا ونقدم شيئاً جديداً للإعلام في بلدنا”.
يُشار إلى أن “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، وهو منظمة مدنية غير ربحية مقرها فرنسا، عمل سابقاً بالتعاون مع “مراسلون بلا حدود” و”لجنة حماية الصحفيين” على إعادة توطين 65 إعلامياً مهجراً قسراً من جنوبي سورية، وتم قبول استضافة 31 منهم في كل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا، حسبما أوضحت يارا بدر، مديرة برنامج الإعلام في المركز، لموقع “السورية نت”.