لم يتمكن أحد من فهم عبقرية وزير خارجية لبنان شربل وهبة الذي صمت دهراً قبل أن ينطق بكلام يسيء الى علاقة لبنان الخارجية، لا سيما مع الدول العربية والخليجية تحديداً بعدما اتهمها برعاية “داعش” بكثير من التهكم الذي يسقط كل الصفات الديبلوماسية عن الشخص المفترض انه رئيس الديبلوماسية والمسؤول الأول عن إعادة ترتيب علاقات لبنان الخارجية التي لم يبقَ منها إلا النذر اليسير منذ ارتماء العماد ميشال عون في إحضان المحور السوري – الإيراني لبلوغ قصر بعبدا.
كان بإمكان وزير الخارجية الفاشل بربط لبنان بالعالم، والذي لم يسافر الى دولة صديقة، وهو على أهبة إعداد زيارته الى دمشق، أن يسلك طريقاً مختلفة عن رئيسه، إذ بدا أمس أنه يقدم أوراق اعتماده الرئاسية الى النظام السوري، والى “حزب الله” الأقوى على الساحة الداخلية، كأنه بذلك، شأن كثيرين من أمثاله، بدأ يفتش عن مدخل الى القصر، مصاباً بالجرثومة الرئاسية التي تصيب معظم الموارنة في لبنان.
فقد ذكر في مقابلة تلفزيونية أن “سلاح الحزب هو سلاح يتحمل مسؤوليته حزب الله، لا شك في أن لبنان يتحمّل هذه المسؤولية ولكن ليس القرار قرار الدولة اللبنانية”، وأضاف: “عندما كانت إسرائيل تحتل الأراضي اللبنانية تَجنَّد عناصر الحزب للدفاع عن سيادة لبنان”.
وعند سؤال وهبة عن تجاوز تلك المرحلة أجاب ساخراً: “في المرحلة الثانية جاء الدواعش وقد أتت بهم دول أهل المحبة والصداقة والأخوة فدول المحبة جلبت لنا الدولة الإسلامية وزرعوها لنا في سهل نينوى والأنبار وتدمر”.
وعن مبرّر بقاء سلاح “حزب الله” اليوم قال وهبة: “إذا كان هذا السلاح رادعاً للعدو الإسرائيلي فلن أمسّ به لأنه بالنسبة إلينا بوليصة تأمين”، مضيفاً: “أننا الآن أمام معضلة انهيار اقتصادي أم انهيار السيادة واحتلال الأراضي اللبنانية، وبين الإثنتين أختار كرامتي والحفاظ على سيادتي، أما الاقتصاد فيذهب ويعود”.
وتعليقاً على قول وزير الخارجية الأميركي بأن “حزب الله” خطر على الولايات المتحدة وعلى العالم ويجب تقييد حركته، قال وهبة: “لا أدري ما هو حجم الخطر الذي يشكله حزب الله على الولايات المتحدة ولكن اذا كان برأيه انه يشكّل خطراً على العدو الإسرائيلي فهذا موضوع آخر ونحن نشعر بخطر العدو الإسرائيلي علينا”.
وأردف: “أنا لا أبرر كل شيء يقوم به حزب الله وأنا أقول إنه لا يحظى بإجماع سياسي لبناني، هناك اختلاف والاختلاف عميق في الحياة السياسية اللبنانية سببه مواقف الحزب وسياسته وهذا ينعكس ضعفاً وصعوبة في أخذ قرار في السياسة الخارجية اللبنانية ولكن لا يجوز للدبلوماسية اللبنانية أن تأخد موقفاً معادياً من فريق لبناني كان له دور ولا يزال على الساحة اللبنانية”.
وعن موضوع ترسيم الحدود مع سوريا وزيارته الى سوريا وما إذا تطرق مع السفيرة الأميركية بشأنها قال وهبة: “سُئلت هل هنالك نية لزيارة سوريا فقلت لها نعم نحن بصدد الإعداد لزيارة نقوم بها لوزير الخارجية السوري وتلقيت دعوة من معالي الوزير فيصل المقداد وسألبيها بالوقت المناسب”، وأشار الى أن السفيرة الأميركية أصرّت على تذكيره بقانون قيصر.
ولم يتأخر رد الفعل الخليجي، وإنْ غير الرسمي، عبر تسريبات عن استياء بالغ، وعن اجراءات ستتخذ بحق لبنان وديبلوماسيته، وعن امكانية سحب سفراء من بيروت، وإبلاغ الاحتجاج الرسمي لدى سفارات لبنان في دولهم.
كأنه لا يكفي لبنان مقاطعة صادراته الزراعية وارتداد ذلك على أبنائه، وتخوف عدد من مواطنيه من طردهم من أعمالهم في الخليج، حتى تسقط عليهم تصريحات صادمة، بل مخربة لعلاقات لبنان ولأمن اللبنانيين الاقتصادي والاجتماعي، ممن يدّعي أنه وزير خارجية بلادهم.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت