أبرز خمس أزمات اقتصادية عصفت بمناطق سيطرة النظام في 2020
شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد خلال عام 2020، عدة أزمات اقتصادية، تؤثر يومياً بتدهور الوضع المعيشي لملايين السوريين، وزيادة معدلات الفقر حتى تخطت النسبة أكثر من 90%، حسب ما قالته ممثلة منظمة الصحة العالمية في سورية في يونيو/ حزيران الماضي.
وتعددت الأزمات ومسبباتها، من خلافات عائلية بين الأسد – مخلوف، وعقوبات غربية ضد نظام الأسد، وتأثير أزمة لبنان المصرفية.
أزمة الأسد- مخلوف
في شهر مايو/ أيار الماضي بدأت الخلافات بين عائلة الأسد ورامي مخلوف، ا تطفو على السطح، بعدما كانت تقتصر على تسريبات وأنباء غير مؤكدة سابقاً.
أول معالم الخلاف، اتضح مع أول تسجيل مصور لرامي مخلوف عبر صفحته في “فيس بوك” قبل سبعة أشهر، تحدث فيه عن محاولة “أطراف” نافذة في القصر والنظام، السيطرة على شركاته وخاصة “سيرتيل”.
بدأت عقب ذلك معالم الخلافات تتضح أكثر، مع تكرار ظهور رامي مخلوف، وصولاً إلى الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، إلى جانب تعيين حارس قضائي على شركة “سيرتيل”.
آخر كلامٍ لمخلوف، جاء في منشورٍ عبر صفحته على “فيسبوك”، منتصف الشهر الحالي، إذ قال “أوصلنا إليكم (بشار الأسد) عدة رسائل نحذر فيها من عواقب هذه الإجراءات (وجود تجار حرب ومطالبته بالتنازل عن أملاكه)، وأن الاستمرار فيها يرعب الجميع ويفقد الثقة في البلاد وبالتالي يدمر الاقتصاد”.
وأضاف مخلوف “لم نجد أي إجابة بل زادت الضغوط علينا بشكل كبير، وبدأت الانعكاسات على الاقتصاد تظهر بتوقف آلاف الشركات إضافة إلى إفلاسات بالجملة وبالطبع رافقه تسريح عشرات الآلاف من الموظفين والعمال وأصبحت البلاد بلا تجار ولا صناعيين”، متابعاً أنه أوضح سابقاً “بأن استهداف مؤسساتنا سيكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد ولم يكترث أحد لهذا الكلام”.
ويؤكد محللون اقتصاديون، أن الأزمة بين مخلوف والأسد، كان لها أثر كبير على الاقتصاد السوري، وخاصة الليرة السورية وتراجعها بشكل كبير، بسبب هيمنة مخلوف على الاقتصاد بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
قانون قيصر
إلى جانب أزمة مخلوف – الأسد، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، في يونيو/ حزيران الماضي، دخول قانون “قيصر” حيز التنفيذ وبدء فرض عقوبات اقتصادية جديدة على شخصيات وكيانات تدعم نظام الأسد.
ونص “قانون قيصر” على فرض عقوبات على كبار المسؤولين والقادة العسكريين في نظام الأسد وعائلته، بمن فيهم عقيلته أسماء، بالإضافة إلى توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية النظام، لتشمل قطاعات رئيسية عامة يقودها أشخاص في حكومة الأسد، أو أي شركات خاصة تدعمه في مسألة إعادة الإعمار.
كما نص القانون على تقويض داعمي الأسد، وبالتحديد روسيا وإيران، عبر فرض عقوبات مباشرة عليهما، تشمل مسؤولين حكوميين وشركات الطاقة التابعة لهما، بالإضافة إلى أي جهات تساعد الأسد.
وأصدرت واشنطن أربع حزم من العقوبات ضد النظام، وشملت حوالي 90 شخصية وكياناً اقتصادياً، بحسب ما أعلنت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في سورية، اليوم الأحد، عبر حسابها في “تويتر” بالقول “سنواصل فرض هذه العقوبات، حتى ينهي النظام السوري حملته العنيفة ضد الشعب السوري وحتى تتخذ دمشق خطوات لا رجعة فيها نحو حل سياسي يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي يمثل المسار الوحيد الناجع لتحقيق مستقبل مستقر لكل السوريين”.
وكثف نظام الأسد، خلال الأشهر الماضية، من حملته الإعلامية بأن “قيصر” كان وراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمناطق التي يسيطر عليها، ويستهدف لقمة عيش المواطنين، إلا أن واشنطن قالت مراراً على لسان مسؤوليها، إن القانون لا يؤثر على المواد الأساسية (الغذائية والطبية وسواها) وإنما يستهدف داعمي النظام وإعادة الإعمار.
أزمة المصارف اللبنانية
لعبت الأزمة التي ضربت المصارف اللبنانية خلال الأشهر الماضية، دوراً كبيراً في تراجع قيمة الليرة السورية، وهو ما اعترف به بشار الأسد.
وضربت المصارف اللبنانية أزمة على خلفية شحّ السيولة وتوقف المصارف عن التعامل بالدولار الأميركي، وتحديد سقوف السحب بالقطع الأجنبي من المصارف، ما أثر على اقتصاد النظام، كون المصارف اللبنانية تعتبر منذ 2011 الحديقة الخلفية للنظام ورجال الأعمال والواجهات الاقتصادية.
وكشف بشار الأسد، خلال زيارته لمعرض “منتجين” في التكية السليمانية في دمشق في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن “سبب الأزمة الاقتصادية ليس الحصار على سورية، وإنما المشكلة هي الأموال التي أخذها السوريون ووضعوها في المصارف اللبنانية”، مضيفاً أن “المصارف اللبنانية أغلقت ودفعنا الثمن، وهذا هو جوهر المشكلة التي لا أحد يتحدث بها”.
وقال أنه لا يعرف قيمة الأموال المودعة في المصارف اللبنانية، لكن “في الحد الأدنى يقال أنه يوجد 20 مليار دولار أمريكي، وفي الحد الأعلى يقال 42 مليار دولار”، واصفاً الرقم بـ”المخيف” بالنسبة لاقتصاد سورية.
أزمة الخبز والمحروقات
كل الأزمات السابقة أثرت في الوضع الاقتصادي بشكل كبير، يضاف إليها قلة توريد المحروقات والقمح من الدول الداعمة للنظام، وخاصة روسيا وإيران، ما أدى إلى أزمة في الخبز المحروقات.
البداية كانت في أكتوبر/ تشرين الأول، عندما ضربت أزمة محروقات أرجعتها حكومة الأسد إلى إيقاف التوريدات النفطي التي تعتمد عليها منذ سنوات.
وتفاقمت الأزمة، مع تكرار مشاهد وقوف المواطنين على طوابير محطات الوقود لساعات طويلة، إضافة إلى وصول سعر ليتر البنزين في السوق السوداء إلى ألف ليرة سورية، في حين يبلغ سعره المدعوم في المحطات 250 ليرة.
ونتيجة لذلك رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة الأسد سعر البنزين المدعوم إلى 450 ليرة سورية وسعر ليتر البنزين الممتاز غير المدعوم 650 ليرة سورية، بمقدار 200 ليرة لكل نوع.
كما رفعت حكومة الأسد سعر لتر المازوت الرسمي للقطاع الصناعي والتجاري من 296 ليرة إلى 650 ليرة سورية، بنسبة 120%.
ورافق ذلك أزمة الخبز، وفي ظل عدم تبرير من قبل حكومة الأسد لأسباب الأزمة، إلا أن عدم توريد القمح من مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة “قسد” تعتبر أحد الأسباب، وهو ما دفع حكومة الأسد إلى دعوة المواطنين بزراعة أي مساحة بالقمح.
وأدت الأزمة إلى اتخاذ حكومة الأسد عدة حلول أولها كان تخصيص ربطتي خبز كل يومين للأشخاص المخصص لهم ربطة واحدة يومياً عبر البطاقة الذكية، قبل أن تعلن ارتفاع سعر ربطة الخبز إلى 100 ليرة سورية قبل أسابيع.