طرأ تحسن ملحوظ على سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، خلال الأسبوعين الماضيين، بسبب عدة خطوات اتخذتها حكومة الأسد، وأسهمت في تحسن سعر الليرة التي سجلت اليوم الأحد، 2955 ليرة للدولار الواحد، بعد أن وصلت قبل شهر إلى 4700 ليرة.
وفي ظل عدم وجود أسباب اقتصادية للتحسن الملحوظ تتعلق بعودة الإنتاج والتصدير، إلا أن حكومة الأسد اتخذت أربع خطوات استطاعت من خلالها التحكم بسعر الصرف في السوق السوداء.
وتأتي هذه الخطوات ضمن ما أسماه رئيس النظام، بشار الأسد، بـ”الحرب الخارجية”، إذ قال، خلال ترأسه اجتماعاً لمجلس الوزراء في 30 من الشهر الماضي، أن “سعر الصرف هو حرب تواجهها حكومته، وهناك معركة تقاد من الخارج وأصبحت أدوات هذه المعركة واضحة بالنسبة لنا، ولذلك قمنا باستخدام آليات معاكسة”.
إقالة حاكم المصرف
أولى الخطوات كانت بإصدار الأسد مرسوماً يقضي بإنهاء تعيين حازم قرفول، حاكماً لـ “مصرف سورية المركزي”، في 13 أبريل/ نيسان، بعد قرابة 3 سنوات على توليه المنصب.
وحاول النظام عبر إعفاء قرفول من منصبه امتصاص الغضب في الشارع السوري، خاصة في سوق صرف الليرة السورية، عبر مهاجمته عن طريق وسائل إعلامه وتحميله مسؤولة التدهور الأخير لليرة.
وعقب ذلك أصدر الأسد مرسوماً عين بموجبه محمد عصام هزيمة، حاكماً لـ “مصرف سورية المركزي”، مخالفاً للتوقعات، على اعتبار أن هزيمة كان يشغل منصب النائب الثاني لمنصب الحاكم، وهو منصب إداري لا يملك المعرفة والقدرة على إدارة البنك المركزي، حسب تصريح سابق للمحلل الاقتصادي، يونس الكريم، لـ”السورية. نت”.
رفع سعر الحوالات
وبعد إقالة قرفول بيومين، أعلن مصرف سورية المركزي رفع سعر صرف الدولار للحوالات الواردة من الخارج إلى 2512 للدولار بدلاً من 1256 ليرة للدولار، ما جعلها أقرب إلى سعر السوق غير الرسمي.
وبحسب مصرفيين لوكالة “رويترز” فإن “هذه الخطوة ستشجع المغتربين السوريين على تحويل أموالهم من خلال البنوك الرسمية، بدلاً من السوق السوداء حيث تتم معظم التعاملات بالعملات الأجنبية”.
وتزامن ذلك مع قيام بعض شركات التحويل في مناطق نظام الأسد، بتسليم الحوالات الواردة من الخارج بسعر 3050 ليرة سورية للدولار الواحد، وهو السعر المقابل للسوق السوداء.
كما رفعت حكومة الأسد سعر التحويل للمواطنين عند المنافذ الحدودية بشكل يقترب من السعر المتداول.
وتعليقاً على ذلك قالت وزيرة الاقتصاد السابقة في حكومة الأسد، لمياء عاصي، إن “إجراءات السلطات النقدية، وإن كانت ابتدائية، إلا أنها أعادت الثقة تدريجياً إلى الليرة السورية، وبدأت أموال الحوالات بالتدفق على البلد من جديد، وهذه الحوالات تعتبر من المصادر الدولارية الهامة للبنك المركزي”.
تسليم الحوالات بالدولار
وفي قرار مفاجئ، أعلنت “الشركة المتحدة للصرافة” عن إمكانية تسليم الحوالات المالية للتجار والصناعيين، بالعملة التي يطلبها مُرسل الحوالة.
وقالت الشركة في منشور عبر صفحتها في “فيس بوك”، اليوم الأحد، إنه على “الراغبين باستلام حوالاتهم الواردة من الخارج بالدولار الأمريكي أو بالليرات السورية، نود إعلامكم على استعداد لتنفيذ الحوالات في جميع المحافظات السورية، حسب العملة التي بطلبها مرسل الحوالة”.
ويأتي القرار رغم وجود مرسوم صادر في كانون الثاني/ يناير 2020، يعاقب أي شخص يتعامل بغير الليرة السورية.
ونص المرسوم حينها أن “كل شخص يتعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات، يعاقَب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات”.
حملات أمنية
وفي ظل القرارات الصادر عن المصرف، استمرت حكومة الأسد في حملتها الأمنية ضد المضاربين والمتعاملين بغير الليرة السورية، إذ تعلن مراراً وزارة الداخلية في حكومة الأسد، عن إلقاء القبض على أشخاص يتعاملون بغير الليرة.
وأعلنت الوزارة، أمس السبت، أن “فرع الأمن الجنائي في حمص يلقي القبض على أشخاص يتعاملون بغير الليرة السورية، ويصادر مبالغ مالية بقيمة 36 مليون ليرة سورية”، مؤكدة تسليم “جميع المبالغ المالية المصادرة إلى مصرف سورية المركزي أصولاً، وسيتم تقديمهم إلى القضاء المختص”.
وكان “مصرف سورية المركزي” أعلن، في فبراير/ شباط، التدخل في سوق القطع الأجنبي، إلا أن عملية تدخل المصرف لم تكن عبر طرح قطع أجنبي في السوق، وإنما كان تدخلاً أمنياً عبر “الاستيلاء على مجموعة من الشركات والجهات التي تقوم بالمضاربة”، بحسب بيان صادر عن المصرف.